أمريكان إنترست: ترجمة مركز الشرق العربي

أعرب صديق لي يعمل في إدارة أوباما مؤخرا عن أسفه بأن الروس متقدمين خطوة علينا عندما يتعلق الأمر بسوريا والشرق الأوسط. وإذا تساءلنا لماذا يحدث ذلك, فإن الجواب بسيط: موسكو تعرف تماما ما تريد في سوريا ونحن لا نعرف. لقد حان الوقت للولايات المتحدة, مع حلفاء مختارين لكي يقدموا لنا ما الذي يجب أن يبدو عليه الحل للأزمة السورية. كما سوف نشير إليه في الأسفل, حتى لو كان لو لم نصل إلى  النتيجة النهائية, فإنه من المهم لحكومة الولايات المتحدة أن تؤكد على دورها القيادي من أجل أن تبدأ العملية.
الروس والإيرانيون, يريدون أن يبقى الأسد في السلطة. فهو يوفر للروس نافذة استراتيجية مع وجود قاعدة لهم في طرطوس وفي أماكن أخرى. نظام الأسد ذو البنية المافياوية لديه علاقات عميقة مع نظرائه في موسكو حيث تحقق نخبة حاكمة صغيرة المنافع الاقتصادية. بالنسبة للروس, فإن سوريا هي المكان الذي يمكن فيه لروسيا أن تقف فيه ضد عدوها اللدود: تغيير النظام على الطريقة الأوروبية.
 
على النقيض من ذلك, فإن موقف الولايات المتحدة ليس ثابتا . فقد أرادت في بداية الأمر تنحي الأسد ودعمت المتمردين, وإن لم يتم ذلك بحماسة. مع ظهور الدولة الإسلامية, حولت الأولويات نحو قتاله. تدرس واشنطن ترتيبات مع موسكو يمكن من خلالها أن يبقى الأسد في السلطة لمرحلة انتقالية بحيث يمكن للجميع التركيز على قتال داعش. من غير المحتمل أن تخدم روسيا في هذا الهدف على المدى الطويل. إن قواتها الجوية هي التي تساعد الأسد في تعزيز سيطرته على السلطة في قلب سوريا وفي محور دمشق – حلب. وسوف يتم ذلك تماما عندما يتم انتزاع حلب من المعارضة. بالنسبة للروس والأسد, فإن ما تبقى من سوريا ليس مهما.
 
ربما يخلق ذلك توازنا مستقرا حتى لو رفضت المعارضة قبول ذلك واستمرت في القتال. ولكن هذه المعارضة, العالقة ما بين قوات النظام وقوات داعش, أضعف من أن تغير الحقائق على الأرض. جل ما يمكن القيام به هو إيقاع خسائر في الجانب الحكومي, ولكن لا يبدو أن ذلك يمثل الكثير من العبئ.
 
لا يبدو أن الولايات المتحدة تملك خيارات بديلة لتقدمها. الغالبية السنية لا تثق بواشنطن, خاصة منذ فشل تعهدها بالالتزام بخطها الأحمر المتعلق باستخدام السلاح الكيماوي. من خلال تجنب استخدام القوة بعد وجود أسباب وجيهة لذلك, خسرت أمريكا مصداقيتها كلها. بطرق أخرى, أيضا, فإن إدارة أوباما وقفت موقف المتفرج ليس أكثر. ليس لدى أنصار النظام سبب كاف للنظر إلى الولايات المتحدة لأن واشنطن تجاهلت مخاوفهم من خلال التركيز بصورة رئيسة على الأسد وخلط النظام مع الجزء الأكبر من العلويين والمسيحيين. الأكراد السوريون هم الوحيدون المتعاونون, ولكنهم مدركون تماما لسجل سياسة أمريكا التي لا يمكن الاعتماد عليها فيما يتعلق بالأكراد وهم قلقون جدا من نفوذ تركيا الطبيعي على الحليف الأمريكي القديم.
 
عشية محادثات سوريا المحتمل عقدها في جنيف, فإن اقتراح الولايات المتحدة المحتمل طرحه قبل ذلك يمكن أن يكون كما يلي: تلزم حكومة الولايات المتحدة نفسها بإنشاء سوريا ديمقراطية كونفدرالية مقسمة على أسس طائفية وعرقية. في أبسط الصور, فإن سوريا الجديدة يمكن أن تنقسم ما بين العلويين\المسيحيين والسنة والأكراد, مع بقاء دمشق العاصمة على الرغم من أنها ربما تقع تحت إدارة الأمم المتحدة. كل من هذه المناطق يمكن أن يرسل ممثلين عنه إلى مجلس للحكم حيث يمكن أن يمارس حق النقض على أنواع معينة من التشريع, مثل قضايا تخص الدفاع والسياسة الخارجية والمصادر الطبيعية, ولكن طبعا ليس على جميع القضايا. هذا الأمر ربما يشجع التعاون في المنطقة. الجماعات الصغيرة الأخرى مثل الدروز والتركمان, بجميع أعداداهم, يمكن أن يحصلوا على مناطق فرعية.
 
المبدأ الأساسي وراء هذا الاقتراح هو أن بعد 5 سنوات من الحرب والفظائع التي رافقتها فإن انعدام الثقة الذي تسلل إلى المجتمع السوري لن يعود في أي وقت قريب. ولهذا, فإن المواطنين سوف يشعروا بأمان أكبر وقدرة أكبر على إعادة بناء مجتمعاتهم إذا خضعوا لحكم من أبنائهم أنفسهم.
 
مثل هذا الإعلان الأمريكي ربما يثير ردة فعل قوية من تركيا, التي ترفض أي فكرة لوجود حكم ذاتي كردي وتفضل أن ترى العرب السنة يحكمون سوريا, أو من روسيا وإيران اللتان ربما تريان أن المناطق التي سوف تقع تحت سيطرة العلويين سوف تكون أقل بكثير مما يسيطرون عليه الآن. أما الاعتراض الرئيس فهو أن ما يجري سوف يكون مقدمة لإعادة تقسيم حدود المنطقة. ربما, ولكن الناس في المنطقة يجب أن يقرروا هذه الحدود, ولكن ليس عن طريق الحرب.
 
بغض النظر عن جدارة هذه الفكرة, إلا أنها سوف تخدم 3 أهداف. الأول, سوف تعزز التفكير الأمريكي للوصول إلى نتيجة ملموسة وتحقيق التماسك للمشروعات السياسية. ثانيا, والأكثر أهمية هو أنها سوف تكون إشارة للسوريين في كل مكان أن هناك خطة أكيدة لوقف القتال. بالنسبة للسنة, فإن فكرة أنهم سوف يحصلون على غالبية سوريا يمكن أن يشجعهم في النهاية على مواجهة داعش. ثالثا, تملك هذه الخطة ميزة قلب طاولة المفاوضات, التي تناقش الولايات المتحدة فيها كل القضايا تقريبا على الشروط الروسية.
 
للتأكد, فإن محاولة فرض حل كونفدرالي ربما يكون فوضويا, وكما هو الحال دائما, فإن الشيطان يسكن في التفاصيل. كما أن هذه الخطة سوف تغري جميع اللاعبين بدراسة تفاصيلها. بعض التحركات السكانية ربما تحصل نتيجة لذلك, ولكن من الأفضل أن يحصل ذلك من خلال عملية تصميم وخطة وليس من خلال تطهير عرقي, وهو ما يحدث الآن في مناطق مختلفة في البلاد.
مع ذلك, ربما يكون ذلك الخيار البناء الوحيد الموجود حاليا, لن تحصل كل جهة على ما تريد ورسم الخطوط التي تقسم المجتمعات سوف يتطلب أخذا وعطاء صعبا. ولكن على الأقل يمكن لنا تصور نهاية للقتال ومع أخذ حكومة الولايات المتحدة المبادرة, يجب أن نبدا في التفكير في كيفية تنظيم اليوم التالي.