شهدت الاطراف الغربية لمدينة حلب السورية السبت معارك عنيفة ترافقت مع غارات جوية، غداة هجوم بدأته فصائل معارضة واسلامية تخلله اطلاق مئات القذائف الصاروخية وتفجيرات بسيارات مفخخة.
وتشكل هذه المدينة الجبهة الابرز في النزاع السوري والاكثر تضررا منذ اندلاعه العام 2011.
ومدينة حلب مقسمة منذ العام 2012 بين احياء غربية تسيطر عليها قوات النظام واخرى شرقية واقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس السبت “الاشتباكات عنيفة جدا عند الاطراف الغربية للمدينة وهناك معارك كر وفر وخسائر بشرية كبيرة جدا لدى الطرفين”.
ويتركز القتال السبت على حي جمعية الزهراء ومنطقة ضاحية الاسد التي تقدم فيها المقاتلون المعارضون الجمعة.
وافاد مراسل فرانس برس في الاحياء الشرقية والتي تعد بعيدة نسبيا عن مناطق الاشتباكات ان اصوات المعارك والتفجيرات مسموعة بشكل واضح.
وبدأت فصائل مقاتلة واسلامية وجهادية، بينها جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا قبل اعلانها فك ارتباطها بالقاعدة) وحركة احرار الشام وحركة نور الدين زنكي وجيش الاسلام، صباح الجمعة هجوما على الاحياء الغربية هدفه كسر الحصار الذي تفرضه قوات النظام منذ اكثر من ثلاثة اشهر على الاحياء الشرقية.
ومهدت الفصائل لهجومها باطلاق مئات القذائف الصاروخية على الاحياء الغربية، ما تسبب بمقتل 21 مدنيا على الاقل بينهم طفلان، وفق حصيلة للمرصد السوري، الذي افاد السبت عن اصابة “أكثر من 12 شخصاً بجروح” جراء سقوط قذائف جديدة في الاحياء نفسها.
وتستخدم الفصائل خلال هجومها السيارات المفخخة وقد فجرت منذ الجمعة “عشر سيارات على الاقل” في مناطق الاشتباكات، بحسب عبد الرحمن.
– مقتل واصابة العشرات –
يشارك في الهجوم نحو 1500 مقاتل وصلوا من محافظة ادلب (شمال غرب) المجاورة ومن ريف حلب.
وتدور المعارك على مسافة تمتد حوالى 15 كيلومترا من حي جمعية الزهراء عند اطراف حلب الغربية مروراً بضاحية الأسد والبحوث العلمية وصولا إلى اطراف حلب الجنوبية.
واسفرت المعارك والغارات الجوية على مناطق الاشتباك منذ الجمعة عن مقتل “26 مقاتلا سوريا وآخرين اجانب في صفوف الفصائل، وما لا يقل عن 30 عنصراً من قوات النظام والمسلحين الموالين لها” فضلا عن عشرات الجرحى، وفق المرصد.
وكانت الفصائل حققت بعد ساعات على اطلاقها للهجوم تقدما بسيطرتها على الجزء الاكبر من منطقة ضاحية الاسد.
الا ان قوات النظام شنت السبت “هجوما مضادا تمكنت خلاله بدعم من حزب الله اللبناني من استعادة بعض النقاط التي خسرتها في ضاحية الاسد”، وفق عبد الرحمن.
وافاد مراسل فرانس برس في ضاحية الاسد عن دمار كبير بسبب الغارات الجوية الكثيفة التي استهدفت المنطقة طوال الليل.
وبالتزامن مع المعارك العنيفة في ضاحية الاسد، شنت الفصائل المقاتلة السبت هجوما جديدا على حي جمعية الزهراء بدأ بتفجير سيارة مفخخة، وفق ما قال عضو المكتب السياسي في حركة نور الدين زنكي ياسر اليوسف.
واكد عبد الرحمن “تشن الطائرات الحربية السورية والروسية غارات جوية مكثفة على جمعية الزهراء تتزامن مع قصف عنيف جدا للفصائل ايضا”.
وتحدث عبد الرحمن عن “معارك عنيفة جدا لم يشهد حي جمعية الزهراء مثلها منذ 2012”.
-“ايام معدودة”-
وتحاصر قوات النظام منذ نحو ثلاثة اشهر احياء حلب الشرقية حيث يقيم اكثر من 250 الف شخص في ظل ظروف انسانية صعبة. ولم تتمكن المنظمات الدولية من ادخال اي مساعدات اغاثية او غذائية الى القسم الشرقي منذ شهر تموز/يوليو الماضي.
وقال ابو مصطفى، احد القياديين العسكريين في صفوف جيش الفتح، لفرانس برس اثناء تواجده في ضاحية الاسد “المرحلة المقبلة هي الاكاديمية العسكرية (في ضاحية الاسد) وحي الحمدانية”.
ويقع حي الحمدانية بين ضاحية الاسد غربا وحي العامرية شرقا الذي تسيطر الفصائل المعارضة على اجزاء منه.
وفي حال تمكنت الفصائل من السيطرة على هذا الحي، ستكسر بذلك حصار الاحياء الشرقية عبر فتحها طريقا جديدا يمر من الحمدانية وصولا الى ريف حلب الغربي.
واكد ابو مصطفى “خلال ايام معدودة، سيتم فتح الطريق امام اخواننا المحاصرين”.
ورغم الغارات المكثفة على مناطق الاشتباك، لم تستهدف الطائرات الحربية السبت الاحياء الشرقية.
ورفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الجمعة طلبا تقدم به الجيش الروسي لاستئناف الغارات على شرق حلب.
وكانت روسيا اوقفت منذ عشرة ايام شن غارات على شرق حلب، تمهيدا لهدنة اعلنتها من جانب واحد بدأ تطبيقها في 20 ايلول/سبتمبر لثلاثة ايام، وانتهت من دون ان تحقق هدفها باجلاء المدنيين والمقاتلين الراغبين بذلك.
الا ان مسؤولا اميركيا في واشنطن اكد ان “هجمات النظام (السوري) وداعميه على حلب مستمرة رغم التصريحات الروسية”.
واتهم المسؤول النظام السوري باستخدام “التجويع سلاحا في الحرب” بعدما رفض على حد قوله ايصال مساعدات الى احياء حلب الشرقية.
“أ ف ب”