يان تيوريل
أستاذ مساعد في العلوم السياسية في جامعة لُند (Lund) وقد ظهر أحدث ما نشره في مجلات: Studies in Comparative International Development (دراسات في التنمية الدولية المقارنة)؛ European Journal of Political Research (المجلة الأوروبية للبحوث السياسية)؛ Journal of Democracy (مجلة الديمقراطية)؛ Governance (الحوكمة)؛ Political Research Quarterly (مجلة البحوث السياسية الفصلية).
ترجمة: خليل الحاج صالح
من مواليد تل أبيض في الرقة السورية في عام 1969. مجاز في الفلسفة من جامعة دمشق، وحائز دبلوم الدراسات العليا في الفلسفة في الجامعة نفسها. يعمل في التدريس والترجمة. ترجم بحوثًا ودراسات ومقالات وكتبًا في الفلسفة والسياسة، نُشرتْ في مجلة المعرفة السورية وفي مواقع إلكترونية، منها: الآن والرأي والجمهورية. آخر ترجماته كتاب من اليقين إلى اللايقين: قصة العلم والأفكار في القرن العشرين لمؤلفه فرانسيس ديفيد بيت.
صدر عن سلسلة «ترجمان» في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب مُحدِّدات التحول الديمقراطي: تفسير تغيُّر أنظمة الحكم في العالم (1972-2006)، وهو ترجمة خليل الحاج صالح ومراجعة عمر سليم التل لكتاب يان تيوريل بالإنكليزية Determinants of Democratization: Explaining Regime Change in the World, 1972-2006، الذي يسأل فيه: ما هي مُحدِّدات التحول الديمقراطي؟ وهل العوامل التي تدفع بلدانًا نحو الديمقراطية تساعدها أيضًا في وقف الردَّة نحو الأوتوقراطية؟
في كتابه (341 صفحة بالقطع الوسط، موثقًا ومفهرسًا) المؤلف من سبعة فصول، يحاول تيوريل الإجابة عن هذين السؤالين بمزيج من تحليل إحصائي لمُحدِّدات تغيّر النظام الحاكم الاجتماعية والاقتصادية والدولية في 165 بلدًا في العالم، بين عامي 1972 و2006، ودراسة حالة التحول الديمقراطي في الأرجنتين وبوليفيا وهنغاريا ونيبال والبيرو والفيليبين وجنوب أفريقيا وتركيا والأورغواي.
تفسير التحول
في الفصل الأول، تفسير التحول الديمقراطي، راجع المؤلف المقاربات النظرية الأربع الشائعة في تفسير التحول الديمقراطي: المقاربة البنيوية والمقاربة الاستراتيجية وتراث القوى الاجتماعية المأثور والمقاربة الاقتصادية، فأظهر، في ظل مجموعة معايير مثالية، أن لا وجود لنظرية كاملة في التحول الديمقراطي.
علاوة على ذلك، فإن الاستراتيجيات الثلاث الشائعة لفحص هذه النظريات – والمرتكزة على الإحصاءات أو الدراسات التاريخية المقارنة أو دراسات الحالة الإفرادية -لم تكن ناجحة بذاتها. والموقف الذي يتخذه هذا الكتاب، والمستند إلى انتقائية نظرية ومزيج من المقاربات المنهجية، ينبع من هذه الملاحظات.
أجرى تيوريل في الفصل الثاني، ظلال الماضي: المُحدِّدات الاجتماعية، مراجعة للأدبيات والأدلة ذات الصلة بالكيفية التي يمكن الإرث التاريخي، مثل الجذر الاستعماري والطائفة الدينية والتنوع الاجتماعي ومساحة البلد، أن يرسم مصير الديمقراطية. وهنا وجدتُ أن كفة البلدان الصغيرة في التحول الديمقراطي في أثناء الموجة الثالثة كانت أرجح، وأن نسبة المسلمين من سكان البلدان التي أُعيق فيها التحول الديمقراطي كانت أكبر، إلا أنني غير قادر على استجلاء أي آليات تفسيرية لهذه النتائج. يتناول المؤلف في هذا الفصل الأدبيات المتصلة بالمُحدِّدات الاجتماعية المحلية، ونتائج تجريبية، والإسلام والديمقراطية، ولماذا يرجح احتمال التحول الديمقراطي في البلدان الصغيرة؟
قوة ومحددات
كرس تيوريل الفصل الثالث، قوة الازدهار: المُحدِّدات الاقتصادية، للمُحدِّدات الاقتصادية، بما فيها التحديث الاجتماعي – الاقتصادي ووفرة الموارد الطبيعية والأداء الاقتصادي والتفاوت والحرية، فوجد أن التحرر من تدخل الدولة في الاقتصاد وفي التحديث الاجتماعي – الاقتصادي يعوق الردات نحو السلطوية، وأن الآلية الاجتماعية الاقتصادية تعمل عبر أهمية انتشار وسائل الإعلام في ردع الانقلابات العسكرية أو إحباطها. فوق ذلك، وجد أن الاعتماد على النفط يعوق الديمقراطية، بينما تحفِّز الأزماتُ الاقتصادية التحول الديمقراطي. ثم تعقب آليات التحول الديمقراطي الناتجة من الأزمة الاقتصادية في حالات الفيليبين وبوليفيا والأرجنتين والأورغواي، وعلاقة الأزمات الاقتصادية بهشاشة السلطوية.
في الفصل الرابع، قوة الدفع الخارجية: المُحدِّدات الدولية، تناول المؤلف المُحدِّدات الدولية للتحول الديمقراطي، فوجد أن الاعتماد على التجارة يعوق التحول الديمقراطي، بينما يقوى انتشارها في حالتي المجاوَرة وعضوية البلد في منظمات دولية تجتذب أعضاء لها من مناطق محددة من العالم. مع ذلك، لا يجد أي من هذه المُحدِّدات الدولية تحفيزًا واضحًا له من آليات سببية محدَدة. ولم تخل من الغموض حتى أدلة دراسة الحالة المُفسِّرة لأهمية العضوية في منظمات إقليمية ديمقراطية في تركيا وهنغاريا والبيرو. وما من تأثير ذي مغزى لتدفق رؤوس الأموال الدولية أيضًا، في حين تباينت نتائج التدخل الخارجي.
تعبئة وطوارئ
في الفصل الخامس، القوة من الأسفل: التعبئة الشعبية، نقل تيوريل مركز التحليل من المشهد الدولي إلى القوى المولِّدة للديمقراطية من الأسفل، إذ وجد أن التظاهرات السلمية تحفِّز التحول الديمقراطي، بينما لا تحفزه الإضرابات وأعمال الشغب العنيفة والنزاعات الأهلية المسلحة. ومن ثم يجري تتبع الآليات التفسيرية المسؤولة عن تأثير التظاهرات السلمية عبر أدلة مستمدة من دراسة الحالة في الفيليبين وجنوب أفريقيا ونيبال.
في الفصل السادس، الهزات الخارجية المنشأ وأنماط أنظمة الحكم السلطوية: الطوارئ المؤسساتية، عالج المؤلف مسألة ما إذا كانت توقعات نجاح التحول الديمقراطي تختلف باختلاف أنواع الأنظمة السلطوية. فقد استنبطت بدايةً مجموعة فرضيات حول استعداد أوتوقراطية الحزب الواحد والأوتوقراطية العسكرية والأوتوقراطية الملكية والأوتوقراطية المتعددة الأحزاب للتحول الديمقراطي، بأنفسها ومن أنفسها، واستجابةً لهزات تحدث خارجها، على حد سواء. ومن ثم تفحص هذه التوقعات مع الهزات ذات المنشأ الخارجي قيد التنفيذ، كالتحركات الشعبية والأداء الاقتصادي والتدخل الخارجي.
في الفصل السابع والأخير، خلاصات، لخّص تيوريل نتائجه وقوّم الأداء التفسيري المؤلَف من جميع المُحدِّدات جملةً، في منظور قصير الأمد وآخر طويلة. ثم اختتمت بمناقشة مضامين نتائجي بالنسبة إلى النظرية، ودراسة التحول الديمقراطي في المستقبل، واستراتيجيات تعزيز الديمقراطية، كما بالنسبة إلى العالَم الفعلي للتحول الديمقراطي ذاته.