يشهد الملف السوري تطورات جديدة سياسياً وعسكرياً، كان آخرها اليوم من فيينا بإعلان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده توصلت إلى إتفاق مع الأردن بشأن تنسيق عسكري بين البلدين في سوريا، وهذا ما أكدته عمّان على لسان وزير الإعلام، والناطق الرسمي بإسم المملكة الأردنية محمد المومني بأن هناك آلية تنسيق عسكري لضمان أمن حدود، واستقرار الأوضاع في الجنوب السوري.
وتأتي تصريحات المومني عقب تصريحات لافروف وفقاً لمتابعين بأنها توضيحية وتطمينية للولايات المتحدة الأمريكية والسعودية وقطر بشكل أساسي، كما أنها تبين أن الأردن ورغم انخراطه في التحالف الدولي الذي تقوده أميركا إلاّ ان مصالحه وأمنه القومي لا يسمح له بتجاهل الوجود الروسي، خصوصاً وأن وجوده فاعل ومؤثر، وبوصف الأردن جار لساحتين، العراق وسوريا، ساخنتين وتشكلان تهديدا حقيقيا للأردن.
ونقلت قناة روسيا-24 التلفزيونية عن لافروف قوله إن جيشي روسيا والأردن اتفقا على تنسيق العمليات في سوريا من خلال آلية عمل في عمان، مشيرا إلى أن دولا أخرى ربما تنضم لهذه الآلية.
وإلى ذلك، أكد لافروف ان موسكو تؤيد اجراء محادثات بين حكومة بشار الاسد “وجميع اطياف” المعارضة السورية.
وصرح في مؤتمر صحافي مع نظيره الاردني ناصر جودة بأن “موقفنا المشترك هو اننا نحتاج الى دعم الجهود لعملية سياسية في التسوية السورية”.
واوضح أن “ذلك يتطلب بدء محادثات واسعة بين ممثلين عن الحكومة السورية وجميع اطياف المعارضة السورية الداخلية والخارجية، بدعم من لاعبين خارجيين”.
مخرج لموسكو
ويشكل التوافق الروسي الأردني مخرجاً لموسكو من توريط نفسها في حرب لا تحمد نتائجه والحفاظ على علاقتها مع دول المنطقة، وفقاً لرأي المحلل العسكري والإستراتيجي مأمون أبو نوار.
وقال أبو نوار لـ”العربية.نت” أن روسيا تلعب سياسة الخروج من المأزق السوري من خلال التوافق مع دول المنطقة، مؤكداً أن الأردن يستخدم سياسة التجاوب المرن والحياد في هذا الإطار.
وبين أبو نوار هذا التنسيق لا يعني أن هناك تغير في سياسة الأردن تجاه سوريا، وإنما ما يهم المملكة هو الحفاظ على حدودها وأمنها الوطني والقومي، وعدم نقل الفوضى إلى أراضيها.
ويبدو أن مطبخ القرار في عمّان أراد التنسيق مع روسيا لتلافي الإشكاليات والمخاطر المترتبة من تداعيات الأزمة السورية، خصوصاً بعد شن موسكو ضرباتها على الجماعات المسلحة هناك.
عمّان قلقة
وفي سياق ذلك، يرى الكاتب والمحلل السياسي، راكان السعايدة أن التنسيق الأردني الروسي العسكري، وربما الإستخباري، استدعته الضرورة الأردنية “البحتة”، لأن عمّان قلقة من أي نشاط عسكري من قبل روسيا وإيران في جنوب سوريا، ومثل هذا النشاط سيؤدي إلى إشكالتين خطيرتين، الأولى بدخول جماعات إسلامية متشددة، أو أفراد من هذه الجماعات، مثل جبهة النصرة، أما الثانية فيعني المزيد من اللاجئين وهو ما سيزيد من الصعوبات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية على المملكة.
ويضيف السعايدة لـ”العربية.نت” أن الأردن بات على يقين ألا حل عسكري في سوريا، ومن أي طرف، وأن الحل السياسي هو المسار الوحيد المتاح، بما فيها بقاء الرئيس السوري بشار الأسد فترة في الحكم، ضمن مرحلة انتقالية، وهي مرحلة من الصعب التنبوء بمدتها ولحظة سريانها، لأن روسيا التي تناور سياسيا تحتاج إلى إحداث تغييرات على أرض الواقع يمكن النظام السوري من توسيع رقعة سيطرتها ويضعف المعارضة، بحيث يفاوض من موقع مريح.
عمليات تهريب على الحدود
والمملكة الأردنية هي إحدى دول الجوار السوري، وتستقبل أعدادا كبيرة من اللاجئين السوريين الفارين من الحرب.
وسعى الأردن إلى تعزيز تواجده العسكري على حدود سوريا لمواجهة عمليات التسلل وتهريب الأسلحة عبر الحدود.
وجاءت تصريحات لافروف حول التنسيق مع الأردن حول النشاط العسكري في سوريا، خلال مشاركته في اجتماع رباعي دولي غير مسبوق مع نظرائه الأميركي والسعودي والتركي والأردني حول الموقف في سوريا.
وهو أول اجتماع دولي واسع النطاق حول سوريا لا يعقد تحت المظلة المباشرة للأمم المتحدة.
ومنذ بدأت موسكو حملتها العسكرية في سوريا قبل 3 أسابيع ضد ما أسمته التنظيمات الإرهابية، تثور مخاوف من صدام عسكري بين موسكو وقوى أخرى عاملة في المنطقة مثل التحالف الدولي ضد داعش وغيرها.
وأعلنت واشنطن مرارا أنها تسعى إلى تنسيق عسكري مع موسكو بشأن الضربات العسكرية الصاروخية ضد داعش والغارات الجوية.
العربية نت