تطرقت صحيفة “الشرق الأوسط” إلى الأوضاع المعيشية المأساوية التي يعيشها القاطنون في مناطق سيطرة نظام أسد وميليشياته في ظل المخاوف من انتشار فيروس كورونا القاتل (كوفيد 19) والتحذيرات الأممية من الكارثة التي يمكن أن يحدثها تفشي الوباء في سوريا.
وتتصاعد حدة المخاوف من تفشي الفيروس في ظل ارتفاع المواد الغذائية الأساسية التي فرضها نظام أسد على القاطنين في مناطق سيطرته وغياب المستلزمات الوقائية اللازمة لمكافحة الفيروس، لا سيما وأن الميليشيات الإيرانية القادمة من إيران (مركز تفشي الوباء في الشرق الأوسط) عبر المعابر الحدودية والرحلات الجوية لم تتوقف.
الصحيفة أكدت أن المشهد اليومي في شوارع دمشق، يخالف كل التوصيات، رغم أن محطات التلفزة الرسمية والرسائل الجوالة والإعلانات الطرقية عن توجيه السوريين والسوريات “لا تتوانى عن ضرورة حماية أنفسهم واتباع الإجراءات الصحية وأهمها العزل المنزلي”.
ازدحام خانق على سيارات توزع الخبز الشعبي الذي تنتجه مخابز النظام، تقول الصحيفة، وتضيف ازدحام يتمسك بـ”كورونا” وينشرها بدلاً من إبعادها، في حالة من الفوضى لا يوجد من ينظمها. حالة من الحاجة المادية والخدماتية والسلعية في ظل غياب كامل للسيولة المالية الكفيلة بسد قيمة الاحتياجات الأساسية.
سوق الخضروات
تقول الشرق الأوسط: “في سوق الخضراوات وجوه بلا ملامح. أسئلة عن أسعار كل شيء من غير شراء أي شيء. في سوق الخضراوات تسود الخيبة وحدها، امرأة تجمع ما يسقط من أكياس الخس التي تُنقل من الشاحنة إلى محل بيع الخضراوات. وعندما يطلب منها صاحب الشاحنة وبصوت حاد ومرتفع التمهل حتى ينتهي من عمله، تشتمه وتقول: اصمت! لقد فضحتني”.
وتتابع: “تترك الكيس بما فيه من أوراق متكسرة وتمشي. في سوق الخضراوات، تشتري النساء ليمونة واحدة للضرورة القصوى كي لا يستخدمن حامض الليمون المصنّع لأن الزوج أو الأب مصاب بقرحة في معدته. يقررن الاستغناء عن استعمال البصل في الطهو بعد وصول سعر الكيلو الواحد منه إلى ألف ومائتي ليرة (دولار أميركي واحد تقريباً)، في سوق الخضراوات، تجادل النساء الباعة لخفض – قدر الإمكان – أسعار البندورة المعطوبة أو البطاطا المكسرة أو الزرقاء أو التي اهترأ جزء منها، وتجمع بعضهن بقايا الخضراوات التالفة والمرمية على أطراف حاويات القمامة”.
وجع خاص
للمنظفات وجعها الخاص في دمشق، بحسب المصدر، فقد ارتفع سعر الكلور والكحول وكل مواد التعقيم، مترافقاً مع حالة هلع لا يوجد من يخفف منها أو يطمئن الناس إلى أن هذه المواد قد تتوفر مجاناً أو بأسعار “محمية” في المنافذ الرسمية، أو أن الرقابة ستلجم جشع المتاجرين بها. بين ليلة وضحاها ارتفعت قيمة الكمامة من خمس وسبعين ليرة إلى ثلاثمئة وخمسين ليرة، وعبوة الكحول من تسعمئة ليرة إلى ألفين وخمسمئة ليرة ثم فقدت من الأسواق رغم الارتفاع الجنوني لأسعارها.
وفقد كثيرون أعمالهم – الكلام للمصدر – وخاصة العمال “المياومون” (يعملون باليوم) والعاملات المنزليات وسائقي الحافلات الجماعية والباصات الصغيرة. بعض الورش توقف عن العمل بصورة نهائية خوفاً من تراكم الخسارات. ومن استمر عمله ينبغي عليه العودة إلى المنزل قبل السادسة مساء ولو سيراً على الأقدام بعد توقف كل وسائط النقل الجماعية.
إن كانت جائحة “كورونا” ناجمة عن فيروس متناه في الصغر – تختم الصحيفة – فإن مصائب متعاظمة الضخامة ترخي بثقلها يومياً على حياة السوريين، لتتحول الجائحة إلى كارثة ممتدة وقاهرة.