أنقرة/ سلن تميزار/ الأناضول
نجحت روسيا في ضمان بقاء رئيس النظام السوري، بشار الأسد، على رأس السلطة عامين إضافيين، من خلال تمرير قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، الجمعة الماضية، الذي وضع خارطة طريق للحل السياسي في سوريا، في وقت تواصل فيه المقاتلات الروسية قتلها للمدنيين السوريين، وتحاول موسكو ضم أسماء مقربة منها ومن الأسد، إلى وفد المعارضة الذي سيفاوض وفداً للنظام.
وصادق مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة، على المسائل المتفق عليها خلال اجتماع “مجموعة العمل الدولية لدعم سوريا”، بمدينة نيويورك الأمريكية، في 18 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، حيث تضمن قرار المجلس تطبيق وقف لإطلاق النار في سوريا، باستنثناء المناطق التي يسيطر عليها تنظيم “داعش”، وجبهة النصرة ومثيلاتهما، مع بدء علمية التفاوض، ابتداءً من مطلع كانون الثاني/ يناير 2016، والبدء بعملية انتقال سياسي على الأرضية المتفق عليها في بيان جنيف (حزيران/يونيو 2012) وبيان اجتماع فيينا (14 نوفمبر/تشرين الثاني).
وينص القرار الأممي على ضرورة تشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات، بموافقة النظام والمعارضة، خلال مرحلة التفاوض، التي تمتد من بداية يناير/كانون ثاني المقبل، إلى نهاية حزيران/ يونيو 2016، يليها مرحلة انتقالية أمدها 18 شهراً، تعد خلالها الحكومة الجديدة إصلاحات دستورية، وفي نهايتها يتم تنظيم انتخابات عامة في البلاد بإشراف أممي.
ولم يوضح قرار مجلس الأمن العديد من المسائل، التي لم تتمكن مجموعة العمل الدولية لدعم سوريا من تجاوزها، خلال المحادثات، إذ لم يتضمن القرار أي مواد حول وجود دور للأسد من عدمه، خلال مرحلة الانتقال السياسي، ولذلك يمكن القول أن الأسد كسب عامين إضافيين على رأس السلطة، على الأقل، مع الأخذ بعين الاعتبار التأخير الذي ممكن أن يحدث.
وتعمل روسيا، التي ضمنت بقاء الأسد في السلطة، منذ مدة، على إضعاف المعارضة عن طريق الأمم المتحدة في المرحلة الانتقالية التي شملها القرار.
ومع انتظار الجماعات المعارضة للنظام، أو التي تقاتله، دعوة الأمم المتحدة من أجل بدء المفاوضات، تسعى روسيا منذ فترة، عن طريق الأمم المتحدة، إلى ضمان أن تكون الجماعات المعارضة المقربة منها، ومن الأسد، فاعلة ضمن وفد المعارضة المفاوض.
وخلال مرحلة الإعداد لاجتماع نيويورك، اتخذت المعارضة المعتدلة، قرار التفاوض مع نظام الأسد في إطار بيان جنيف، وذلك خلال اجتماعها في عاصمة المملكة العربية السعودية، الرياض، يومي 9 و10 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، حيث اُختير رئيس الوزراء السابق في سوريا، رياض حجاب (منشق)، رئيساً للهيئة التفاوضية العليا.
وبنفس الفترة التي شهدت عقد اجتماع الرياض للمعارضة السورية، نظم حزب “حزب الاتحاد الديمقراطي” (الذراع السوري لمنظمة بي كا كا الإرهابية)، الذي لم تتم دعوته إلى الرياض، اجتماعاً موازياً في مدينة المالكية، بمحافظة الحسكة (شمال شرقي سوريا)، حيث شارك في الاجتماع جماعات “معارضة” مقربة من النظام، مثل ” جبهة التغير والتحرير”، و”الحزب السوري القومي الاجتماعي”، و”حزب الإرادة الوطنية”، وسبق أن حضرت هذه الجماعات، إضافة إلى بعض المنظمات المتعاونة مع النظام والمتواجدة في العاصمة دمشق، ما عرف باسم لقائي موسكو التشاوريين (في 26 – 29 يناير/كانون الأول الماضي و6 -9 إبريل/نيسان الماضي)، وكذلك مؤتمر القاهرة في حزيران/ يونيو الماضي.
- هل يمكن إعلان الجهات التي لا تمتثل لوقف إطلاق النار أنها منظمات إرهابية؟
كانت الجماعات السورية المعارضة، ترغب في الحصول على تعهد يضمن رحيل الأسد، من أجل الدخول في العملية السياسية، وإعلان وقف إطلاق نار، إلا أن تلك الجماعات التي وضع أمامها، “خطة انتقالية بوجود الأسد”، تواجه خطر إظهارها كـ “عدو مشترك”، مثل “داعش”، في حال رفضها مرحلة انتقالية بوجود الأسد.
وفي الجولة الثانية من محادثات فيينا (14 نوفمبر/ تشرين الثاني)، كلفت الأردن بتقديم “قائمة المنظمات الإرهابية”، ضمن المعارضة، وذلك بعد إصرار روسي بهذا الخصوص، إلا أنه لم يتم الموافقة على القائمة التي قدمتها خلال مناقشات نيويورك، فيما لا يمكن تغييب احتمال سعي روسيا إلى زج جماعات معارضة، ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، متذرعة بعدم مشاركتها في وقف إطلاق النار، وذلك ضمن مساعيها لتوسيع تلك القائمة.
- تواصل الغارات الروسية ضد المدنيين
دعا قرار المجلس 2245 إلى ضمان إيصال المساعدات الإنسانية إلى كافة أنحاء سوريا، وتشكيل بيئة آمنة من أجل عودة اللاجئين في بلدان الجوار إلى سوريا.
ورغم نجاح روسيا في تمرير خياراتها المتعلقة بالمرحلة السياسية في هذا القرار، إلا أن قرابة 80 مدنياً فقدوا حياتهم جراء الغارات الروسية في سوريا أيام 18 و 19 و 20 كانون الأول الجاري.
فقد قُتل 16 شخصاً، وأصيب 20 آخرون جراء تلك الغارات في مدينة جسر الشغور بمحافظة إدلب يوم 18، فضلاً عن مصرعه ثمانية وإصابة 17 آخرين يوم 19 من ذات الشهر في قصف أحياء مدنية تابعة لحلب.
ويوم أمس أسفرت الغارات الروسية على مبنى المحكمة في ادلب عن مقتل 40 مدنياً وإصابة 150، فيما لقي 13 مدنياً حتفهم في غارة على بلدة كفرنبوده بريف حماة.
- رسالة تركيا
أصدرت وزارة الخارجية التركية بياناً، قالت فيه، إن تركيا تدعم الحل القائم على تنحي رئيس النظام السوري، بشار الأسد، من منصبه بعد تسليم كافة صلاحياته للحكومة المؤقتة، خلال مرحلة الانتقال السياسي.
وأشار البيان أن قرار مجلس الأمن الدولي يتضمن عملية انتقال سياسي، ذات جدول زمني، تستند إلى بيان جنيف الصادر في 30 يونيو/ حزيران 2012، لتشكيل حكومة انتقالية تملك كامل السلطة التنفيذية، عن طريق إجراء المفاوضات بين الأطراف السورية.
وأضاف أن القرار يعكس الرؤية المشتركة للمجموعة الدولية لدعم سوريا، التي تعد تركيا عضواً فيها.
وأضاف البيان، أن الأمن والاستقرار في سوريا، لن يتحققا إلا من خلال إجراء انتخابات عادلة وحرّة يتمكن خلالها الشعب السوري من فرض إرادته بشكل مباشر، وتفويض حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات، وانسحاب عناصر النظام السوري الملطخة أيديها بالدماء وعلى رأسها بشار الأسد، مؤكدًا أن تركيا ستواصل دعمها في هذا السياق، للعملية السياسية”.