غسان ناصر
ضيف مركز حرمون للدراسات المعاصرة، في حوار الأسبوع، هو المعارض السياسي السوري جورج صبرة، الذي عُرف بنضاله ضد نظام البعث الأسدي، منذ ريعان شبابه حتى يومنا هذا، ولم تثنه عن ذلك سنوات السجن الطويلة في عهد الدكتاتور الأسد الأب، لا بل زادته عزيمة وإصرارًا وكانت دافعًا للانضمام إلى ركبِ ثورة الحرية والكرامة، منذ شرارتها الأولى في منتصف آذار/ مارس 2011، وسرعان ما غدا من أكثر وجوه المعارضة السياسية حضورًا، في ميادين السياسة الوطنية والإقليمية والدولية.
ولد صبرة في بلدة قطنا بمحافظة ريف دمشق عام 1947. تخرج من دار المعلمين العامة في دمشق عام 1967، ثم حصل على شهادة الجغرافية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في دمشق عام 1971. وحاز شهادة “خبير بتقنيات أنظمة التعليم والتلفزيون التربوي”، من جامعة أنديانا الأميركية عام 1978.
انتسب ضيفنا إلى الحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي، في السبعينيات، وكان في عداد الرفاق الذين تولوا مسؤولية العمل الحزبي وقيادته، على إثر الهجمة الأمنية على الحزب وحملة الاعتقالات الكبيرة التي تعرّض لها عام 1980. كما تعرّض للملاحقة في حملة أمنية على الحزب عام 1984، فتوارى عن الأنظار ثلاث سنوات أمضاها داخل سورية، وفي عام 1985 انتُخب عضوًا في اللجنة المركزية للحزب، ثم اعتُقل بعد ذلك بعامين، وحكمت عليه “محكمة أمن الدولة العليا” بالسجن ثماني سنوات، في عهد الدكتاتور المستبد حافظ الأسد، أمضاها في سجن صيدنايا العسكري، وأُطلق سراحه في عام 1995 بعد انقضاء مدة الحكم.
في عام 2000، انتدبه الحزب ممثلًا له في التجمع الوطني الديمقراطي، وصار عضوًا في القيادة المركزية للتجمع، وانتُخب عضوًا في اللجنة المركزية بنتيجة أعمال المؤتمر السادس للحزب عام 2005، وانتخبته اللجنة المركزية عضوًا في أمانتها المركزية. وفي ذلك العام شارك في الأعمال التأسيسية لإعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي، وكان عضوًا في أمانته المؤقتة.
ومنذ بدايات ثورة السوريين ضد نظام الأسد الاستبدادي الوحشي المذهبي، وقف صبرة إلى جانب أحرار وحرائر سورية مشاركًا -بكل ما يملك من طاقة وقوة- في صناعة غد سوري جديد لا مجال فيه لحكم عائلة الأسد الفاسد، فكان أن اعتُقل في صباح يوم 20 تمّوز/ يونيو 2011 من منزله الكائن في بلدة قطنا، وذلك بتهمة “المساس بمعنويات الدولة (…) وتحريض الناس على التظاهر ضد نظام الرئيس بشار الأسد”، وأفرج عنه بعد شهرين من الاعتقال؛ فقام على إثر ذلك بمغادرة سورية إلى فرنسا، لينضم إلى الأمانة العامة للمجلس الوطني، ثم انتخبته الأمانة العامة للمجلس، في التاسع من تشرين الأول/ نوفمبر عام 2012 في الدوحة، رئيسًا للمجلس خلفًا للسيد عبد الباسط سيدا.
هنا نص حوارنا معه…
في بداية حوارنا، لو أردتم أستاذ جورج مكاشفة السوريين اليوم، والحديث إليهم عن العوامل الذاتية ومثيلتها الخارجية التي تسبّبت في الأخطاء التي وقعت فيها قوى الثورة وأطياف المعارضة السورية في السنوات العشر العجاف. ماذا تقولون؟
يمكن تلخيص ذلك في عجز الثورة عن تشكيل قيادة حقيقية لها. ولذلك عوامله وأسبابه البنيوية الداخلية ومثيلاتها الخارجية، التي تسببت بها الظروف الإقليمية والقوى الدولية وتدخلاتها. فالقضايا التي واجهتها الثورة ليست بسيطة ومسطحة، إنما عميقة وواسعة، مركبة ومعقدة، وكثيرة العوامل المؤثرة والتدخلات. وهذا يعني أنها تحتاج إلى أبحاث ودراسات معمقة، تلامس جميع الجوانب بموضوعية ومسؤولية ونزاهة، ترتقي فوق الاتهام والتبرير، ولا تقع في التبرؤ الرخيص أو جلد الذات.
في العوامل البنيوية والداخلية:
قامت الثورة في بلدٍ انعدمت فيه السياسة لمدة نصف قرن، فلا السلطة عملت بالسياسة وشروطها ومعاييرها، ولم تسمح للشعب بمقاربتها وممارستها، لأنها جعلتها فعلًا مُحرَّمًا ومُجرَّمًا. والأحزاب والحركات السياسية التي نشأت وعملت في الداخل لم تمارس السياسة، بمفهومها الحقيقي وظروفها الصحية، أي عبر العلاقة مع الناس بشكل علني ومفتوح. لذلك عانت الضعف التاريخي والاختراقات وأمراض العمل السري. وأورثها ذلك انعدام الخبرات في الشؤون الخارجية والعلاقات الدولية. أما المنظمات التي نشأت في الخارج أو عملت من هناك، فقد ابتليت بتعجلها وأوهامها وارتباطاتها الخارجية. لكن الضربة الكبرى التي تعرضت لها الثورة، تنظيميًا، كانت بالمصير المؤلم للمنظمات الشبابية التي أنتجتها الثورة (لجان التنسيق المحلية، الهيئة العامة للثورة، المجلس الأعلى لقيادة الثورة) وغيرها من المنظمات، التي قادت التظاهرات في طول البلاد وعرضها، ونظمت التجمعات والاعتصامات، وتلقى شبابها الرصاص بصدورهم العارية، وشكّلت عصب الثورة وصوت سورية الجديدة الذي طال انتظاره. غير أنّ انقساماتها السريعة وعمليات اختطافها من بعض الأطراف المحلية والإقليمية عجّلت بإضعاف دورها ونهايته المبكرة. وهنا أستذكر ما قاله ميشيل سورا في كتابه (الدولة المتوحشة) عن المجتمع السوري قبل الثورة: “الواقع إنّ هذا المجتمع تمزقه تناقضات تستغلها الدولة وتهيجها، وذلك لعدم وجود المنفذ السياسي. وهي تفعل ذلك بطريقة تمنع قيام أي إجماع شعبي منظم ضدها”. ويمكن لنا بعجالة أن نذكر بعض العوامل التي أرخت بظلالها السلبية، وأوصلتنا إلى ما نحن فيه:
– ظاهرة الفصائلية والعسكرة بعيدًا عن السياسة وخارج المؤسسات الوطنية التمثيلية.
– فشل المجلس الوطني السوري في تأطير وتنظيم الجيش السوري الحر، كقوة عسكرية للثورة.
– الحجم الكبير للمؤثرات الإقليمية والدولية على الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة وفي مؤسساته.
– عدم نجاح العرب والكرد والإثنيات السورية الأخرى في إرساء علاقة وطنية سليمة في إطار الثورة.
– صعود الإسلاموية والتطرف، وتعمم خطاب الغلو والطائفية.
– ظهور الوطنية السورية في حالة ضعف وتصدّع، ببروز الانتماءات الأيديولوجية والعشائرية والمناطقية.
– فشل كل أشكال الإدارة المحلية والعلاقة مع الناس، في جميع المناطق التي خرجت عن سلطة النظام.
في العوامل الخارجية والدولية:
– استخدام الوضع السوري ورقة في إطار الكباش الدولي والصراعات الإقليمية من قبل جميع الدول.
– السياسة الأميركية الانسحابية (وأعني سياسة باراك أوباما في المقام الأول) باقتدارها على المنع والمنح وإدارة الأزمات، لأنها عندما تتقدم لا تتقدم وحدها، وكذلك عندما تحجم لا تكون منفردة.
– استغلال العسكرة والحاجة إلى السلاح، لاختراق الجسد السوري والاستثمار فيه استتباعًا وتوظيفًا.
– الانعكاس السلبي لخلافات الدول الداعمة وتباين أجنداتها في الملف السوري.
– الدور الإيراني واستطالاته الميدانية والسياسية في المنطقة، الذي جعل سورية محور الجهد الرئيس لعمله.
– الموقف الإسرائيلي الذي تحقق له أكثر مما كان يحلم: تدمير سورية، من دون أن يكلفه ذلك دولارًا أو نقطة دم.
– دور اجتماع فيينا لمجموعة الدعم الدولية في تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2015 في تمكين اليد الخارجية رسميًا من إدارة الشأن السوري وإجراء التحوّلات الكيفية فيه.
وفوق ذلك، لا بدّ من الإشارة إلى الأخطاء العديدة التي ارتكبتها المؤسسات التمثيلية الرسمية للثورة، فيما فعلته وما لم تفعله، أذكر منها:
– عدم تأسيس صندوق وطني للتمويل، يوفر استقلالية القرار، ويؤمن استمرار العمل.
– عدم التوجه إلى جميع السوريين، حيثما كانت مواقعهم ومواقفهم وانتماءاتهم بخطاب وطني جامع.
– عدم إيلاء العمل بالداخل الأهمية الضرورية والمطلوبة.
– عدم مواجهة التطرف الديني والمذهبي، بالوقت والشكل المناسبين.
– غياب العمل المؤسساتي والخطط والبرامج والمحاسبة في عمل تشكيلات الثورة ومؤسساتها.
– إهمال الجاليات السورية في الخارج وعدم الاهتمام بتنظيمها والاستفادة من طاقاتها.
فرض دستور روسي بآليات خادعة
ما رأيكم في مسار المفاوضات في جنيف بشكل عام؟ وإلى أين نحن ذاهبون؟
تم الاجتماع الأول تحت عنوان “المفاوضات” في جنيف في كانون الثاني/ يناير 2014، بين وفد الائتلاف ووفد النظام، بإشراف الأمم المتحدة وإدارتها. وكان أشبه بمهرجان أممي ودولي، لم يسفر عن أي نتيجة، ولم يتمكن من الاستمرار. وبين شباط/ فبراير 2016 وتمّوز/ يوليو 2017، جرت سبع جولات من المفاوضات في جنيف أيضًا، وبمقر الأمم المتحدة، تولتها “الهيئة العليا للمفاوضات”، التي اختارها لهذه المهمة مؤتمر “الرياض 1” (كانون الأول/ ديسمبر 2015). غير أنّ ما جرى لا يستحق اسم المفاوضات، لأنها كانت مجرد لقاءات حوارية ومناقشات في القضية مع الوسيط الأممي وفريقه. ولم يحصل خلالها أي لقاء وجاهي مع وفد النظام، ولم تحقق هذه الجولات أي تقدم يذكر في إطار العملية السياسية. والتقدم الوحيد الملموس كان على الصعيد الإنساني والإغاثي، بعد أن اضطرت الهيئة إلى تعليق المفاوضات وقطعها أكثر من مرة لتحقيق ذلك. بينما ذهبت جهود الهيئة بتقديم العديد من الوثائق أدراج الرياح. مما جعل استمرار المفاوضات بلا معنى، ما دام المجتمع الدولي والأمم المتحدة في حالة من العجز وانعدام الإرادة في تنفيذ القرارات الدولية والتقدم باتجاه الحل. وكان للاحتلال العسكري الروسي للأرض السورية (أيلول/ سبتمبر 2015)، وتطاوله على العملية السياسية وحرفها عن سياقها عبر القرارات الأممية من خلال مسار أستانا الذي ابتدعه من أجل ذلك، أثرٌ واضحٌ في عدم وصول المفاوضات إلى أي ثمرة ممكنة. وزاد الطين بلة اختلاف الأولويات بين القوى الإقليمية والدولية والتفارق في أجنداتها بقضايا المنطقة، بحيث صار ضمان المصالح الخاصة للدول وحيازة مراكز النفوذ والقوة على الأرض السورية الحقيقة الأبرز في هذه المرحلة.
ومنذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2017 وولادة “هيئة التفاوض السورية” في مؤتمر “الرياض 2″، لم تجر أي مفاوضات تذكر، حتى كاد الناس ينسون وجود هيئة للتفاوض وعملية سياسية، لا زالت الأمم المتحدة مكلفة برعايتها والقيام بدور الوسيط في إدارتها. ويبدو أنّ “اللجنة الدستورية” وعملها في هذه المرحلة، كان على حساب دور المفاوضات وهيئتها. وهذا من نتائج الدور الروسي السلبي وتداعياته.
ما تقويمكم لأداء “هيئة المفاوضات العليا” والائتلاف في هذه المفاوضات؟ أين تعثروا؟ وهل وقعوا في أخطاء يمكن تلافيها الآن؟ وكيف؟
أرى أنّ “الهيئة العليا للمفاوضات” وقعت في فخ التجريبية، بشأن الوفد المفاوض والوفود الاستشارية والإعلامية المرافقة، وكان ذلك على حساب النوعية وحضور الكفاءات التفاوضية اللازمة، والانسجام المطلوب في العناصر الإستراتيجية والتكتيكية بين الهيئة ووفدها المفاوض. واقتصر نجاحها على حسن الدفاع عن أهداف الثورة والتمسك بالعملية السياسية وفق مندرجاتها الواضحة في القرارات الأممية، وعدم التفريط والتهاون بحقوق الشعب. ولم تكن الهيئة -بأعمالها ومواقفها- في مواجهة النظام وطروحاته وأحابيله فحسب، بل كانت في أحيان كثيرة في مواجهة الفريق الأممي وممثلي الدول وإراداتها وتدخلاتها أيضًا. ولم يخل الأمر من المواجهات والصدامات الداخلية بين أعضائها ومكوّناتها.
أما الائتلاف فكان من أكبر أخطائه القبول بانضمام منصتي موسكو والقاهرة (بعد أن رفضت “الهيئة العليا للمفاوضات” ذلك) إلى هيئة التفاوض الجديدة والوفد المفاوض اللذين أنتجهما مؤتمر “الرياض 2”. فأورث بذلك عدم الانسجام بالخطاب السياسي، بل التباين في الرؤية والتحرك والأهداف داخل بنيتهما. حيث فُتح الباب لبروز مؤشرات على التهاون والتفريط، استدعت رفض السوريين واحتجاجاتهم. وقد بدأت بقبول الائتلاف لمخرجات سوتشي، واستمرّت في أعمال “اللجنة الدستورية” وتشكيل “مفوضية الانتخابات” وصولًا إلى طرح “العدالة التصالحية”. وهذا ما أفقد الائتلاف تأييد السوريين ودعمهم، ودوره الريادي والمتقدم في تمثيل قوى الثورة والمعارضة.
ألا ترون أن اختزال طموحات السوريين، بـ “دستور جديد” مع إعادة تعويم رأس النظام السوري، كان بسبب مواقف أطياف المعارضة السورية الخارجية ؟ وما هي نظرتكم لـ “اللجنة الدستورية السورية”؟
استغربَ الجميع كيف يمكن للائتلاف الذي رفض المشاركة في مؤتمر سوتشي، أن يتبنى بحماس ملحوظ مخرجاته وأبرزها “اللجنة الدستورية”، ويجعلها محور الجهد الرئيس لعمله. فمن المعروف أنّ هذا جزء من الرؤية الروسية للحل، تباينت مع الرؤية الدولية والقرارات الأممية، لأنها تستهدف حرف العملية السياسية عن مسارها وأهدافها، وقد أدت إلى استخدام الروسي للفيتو 16 مرة في مجلس الأمن. ويذكر الجميع أنّ الروسي وضع على طاولة أستانا منذ البداية دستورًا من صنعه لفرضه على السوريين. وبسبب الرفض والاستنكار، أوجد لنفسه مدخلًا آخر لفرض دستور بآليات أخرى خادعة. فجاءت “اللجنة الدستورية” التي كانت بنيتها وتشكيلها وتنظيم عملها وفق إرادة الدول والوسيط الأممي. ولم يكن للسوريين غير الاسم في بنائها وطريقة عملها.
لم تقم الثورة السورية من أجل مطالب دستورية، وقام النظام بتغيير الدستور عام 2012 من دون أن يغير أي شيء من جرائمه وانتهاكاته، بل زادت أعمال القتل والتدمير والتهجير بشكل غير مسبوق. وإيجاد دستور جديد في البلاد من مهام المرحلة الانتقالية، تضعه داخل البلاد جمعية تأسيسية منتخبة، ويتم ذلك بمشاركة ودور فاعل من جميع مكوّنات الشعب السوري. وغير ذلك لا يتعدى كونه تشويهًا للعملية السياسية واعتداءً صارخًا على إرادة السوريين وحقّهم غير القابل للتنازع والتجيير. من هنا، يمكن أن نفهم الردود السلبية من قبل السوريين سياسيًا، ومن خلال نشاطات ميدانية، على “اللجنة الدستورية” وعملها. فقد عرف السوريون الحياة الدستورية منذ مئة عام، وفي تاريخهم دستور 1950 الذي بنيت على أساسه دولة الاستقلال، نال توافقات الشعب بجميع مكوّناته، وأسس للمرحلة التي ازدهرت فيها الجمهورية السورية سياسيًا واقتصاديًا وفي جميع الميادين، وصارت موضع فخر السوريين واعتزازهم.
جمر الثورة ما زال تحت الرماد في الداخل
ما الأضرار التي ألحقها مسارا أستانا وسوتشي بحقوق الشعب السوري المنتفض في وجه الاستبداد والطغيان منذ منتصف آذار/ مارس 2011؟
أضرار كبيرة وبالغة. فقد أوجد مسار أستانا / سوتشي قضية خلافية بين قوى الثورة والمعارضة، داخل المؤسسات السياسية والفصائل الثورية، بدأت فكريًا وسياسيًا، ثم وصلت تداعياتها إلى الأطر التنظيمية. وكان لذلك أثر في تسميم المفاوضات التي كانت تجري في جنيف، خاصة بعد أن شارك بعض الأستانيين في الوفد التفاوضي. وجرى التشويه الأكبر للعملية السياسية، بعد نجاح الروسي في وضع مخرجات سوتشي “اللجنة الدستورية” ضمن مسار جنيف، واستجابة الوسيط الأممي لمتطلباتها بابتداع السلال الأربعة ووضع سلة الدستور كمدخل لها. وفي ذلك ما فيه من طعن لأهداف الشعب السوري وطموحه بمرحلة انتقالية تقودها “هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية”، بحيث يكون الدستور والانتخابات من مندرجات هذه المرحلة التي تتولى الهيئة قيادتها والإشراف على عمل المؤسسات خلالها لتحقيق الانتقال السياسي، الذي لن يتحقق بدونه السلم الأهلي وأهداف الشعب، ولن تتوفر لسورية ظروف الأمن والاستقرار وإعادة البناء. أما الأضرار التي أورثها هذا المسار على الأرض، فحدّث ولا حرج، لأنها كارثية بكل المعايير، بدءًا من إسقاط حلب حتى خسارة الريف الجنوبي لإدلب، وما بينهما. وقد لا تتوقف الجرائم الروسية عند هذا الحد.
كشف المبعوث الأميركي السابق إلى سورية جيمس جيفري: في الحوار الذي أدلى به يوم 9 كانون الأول/ ديسمبر الحالي، إلى موقع “المونيتور” الأميركي، أنّ هناك قرارًا في وزارة الخارجية بمنع انتصار روسيا وإيران والنظام سياسيًا في سورية. وعدّ أنّ الأساس لهذا القرار السياسي وُضع ومن الصعب تقويضه، ومن هنا تم إفشال مؤتمر اللاجئين الذي عقدته روسيا في دمشق يومي 11و12 من الشهر الماضي في محاولة للخروج من فشلها العسكري بالذهاب نحو إعادة الإعمار. ما قراءتكم لهذا التصريح؟
لتصريح السيد جيفري ظلال على الأرض. تبدو واضحة بفشل الجهود الروسية في تحقيق أي منجز سياسي يؤدي إلى إعادة تأهيل النظام. فمن تشجيع الدول على إعادة العلاقة معه، إلى محاولة استجلاب الاهتمام الدولي بما أسماه الروس “إعادة الإعمار”، وصولًا إلى موضوع “عودة اللاجئين” ومؤتمره الفاشل في دمشق، وليس انتهاءً بموضوع “الانتخابات” وإغراء المعارضة للمشاركة فيها.
كان لـ “قانون قيصر” والعقوبات اللاحقة التي شملت المصرف المركزي وأسماء الأسد وأسرتها والعديد من الشركات التي تخدم النظام دور مهم في تحقيق ذلك، وكذلك للملف القانوني الذي فُتح حديثًا في بعض الدول الأوروبية لمحاكمة أزلام النظام وكبار المرتكبين، الذين يطالهم القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. إضافة إلى التقارير الصادرة عن منظمة منع انتشار الأسلحة الكيمياوية، ولجان التحقيق التي أدانت النظام بوقائع ووثائق لا تقبل الدحض. ومن الواضح أنّ جرائم النظام وداعميه الروس والإيرانيين لم تعد قابلة للتغطية أو التمويه. ويبدو الطريق مسدودًا أمام النهج السياسي الروسي لتدوير النظام وإعادة إحيائه.
برأيكم، لماذا أحدثت القوى الإقليمية والدولية للمعارضة السورية منصاتٍ كـ (موسكو، القاهرة)؟ ما غاياتها؟ وما أثر ذلك على قوى الثورة على الأرض في الداخل السوري؟
منذ أن صارت سورية مكانًا للصراع فيه وعليه، مع عدم الصدام المباشر بين الدول؛ صار من الضروري للدول المتدخلة أن تجد لنفسها فريقًا سوريًا، يتولى المهام العسكرية والميدانية وفق أجندتها على الأرض، وفريقًا آخر يحقق لها الحضور في العملية السياسية على طاولة المفاوضات. في هذا الإطار، نشأت المنصتان. فكل منهما تتبنى رؤية الدولة المضيفة ومقارباتها في الشأن السوري، وهما محكومتان بالمدى الذي يمكن أن توافق عليه العاصمتان بشأن الحل السياسي. ومن الطبيعي أن يساعد هذا في مراكمة الأوراق وتمكين العاصمتين من الحضور الفاعل في بنية المعارضة السورية وعلى طاولة المفاوضات، ومن ثم ضمان القدرة على المنافسة والمساومة في شؤون الحل، وتحصيل حصة وازنة من سلة المصالح المتحققة في فضاء المنطقة. لذلك كان الجهد الروسي بارزًا لزرع منصة موسكو في قلب المعارضة ومؤسساتها. وهلل الوزير لافروفبعد نجاحه في تحقيق ذلك -من بعد طول ممانعة من “الهيئة العليا للمفاوضات”- وأعلن ابتهاجه بالخلاص من “المتشددين”. وأثر ذلك واضح في نتائج مؤتمر “الرياض 2” ومخرجاته، وفي مجريات العملية السياسية بين يدي “هيئة المفاوضات السورية” و”اللجنة الدستورية”.
هل هناك فعلًا مؤشرات حقيقية على إمكانية قيام السوريين بانتفاضة ثانية في مناطق نفوذ الأسد، بعد أن بات النظام عاجزًا عن تلبية احتياجات المواطنين الغذائية والخدمية، ولا سيّما بعد التردي المفجع لقيمة الليرة السورية مع تضخم الأسعار والانهيار الاقتصادي العام؟
هناك مؤشرات واقعية على الأرض تلفت النظر إلى ذلك. فالحراك الشعبي الذي حصل في السويداء، والتظاهرات والاعتصامات المتنقلة في درعا وريف دمشق، إلى جانب الأعمال العسكرية التي تستهدف قوات النظام ومقاره الأمنية في القنيطرة ودرعا وريف دمشق، بأسلوب جديد وطريقة مغايرة، تشي بأنّ جمر الثورة ما زال تحت الرماد في الداخل. فكيف يمكن للمواطنين في المناطق التي يسيطر عليها النظام أن يصدقوا أكذوبة انتصاره، وهم يعيشون مرارة الحياة اليومية إلى جانب محنة التسلط والاضطهاد والنهب التي لا تنتهي؟ يقفون في الطوابير ساعات طويلة للحصول على لقمة العيش (المغمسة بالدم) كما يقال. نتيجة الغلاء الفاحش واستفحال أعمال السلبطة والتشبيح على الناس في أقسى الظروف الصعبة. ويعرف الجميع أنّ الانتصار المزعوم كان بفعل القوة الروسية التدميرية، التي وصلت إلى أقصى ما يمكن أن تفعله من أجل النظام. ويعرف أهلنا في الداخل أكثر من غيرهم أنّ النظام انتهى، ولم يبق منه أكثر من حطام دولة وركام مؤسسات، يستخدمها الروس والإيرانيون لتبرير احتلالهم وبقائهم في البلاد واستنزاف مقدراتها أطول فترة ممكنة. وفي ظل انعدام أي إمكانية لإعادة تأهيل النظام، وبوجود إيقاع جديد للخلاف بين العصابات الحاكمة، وبفعل العقوبات الدولية التي تتعرّض لها، وتصاعد النقمة الشعبية وتوسعها حتى في المنطقة الساحلية، يمكن للمرء أن يرى أنّ طريق الانتفاضة ما زال مفتوحًا، فوجع السوريين المستمر وغضبهم لا بدّ أن يثمر. لأنهم قرروا إنهاء جمهورية الخوف، منذ أن دفنوا صمتهم في آذار 2011.
مصير إدلب بين الأجندتين الروسية والتركية
برأيكم، ألا يزال قادة المعارضة التقليدية يصلحون لقيادة الحراك الشعبي، إذا تجدد؟
نحن على أبواب الذكرى العاشرة للثورة. ولدينا جيل جديد شاب، أنضجته الثورة، واكتسب خبرات ومعارف من تجربته الخاصة، تعزز استحقاقه لقيادة المرحلة القادمة وتأمين متطلباتها، للعب دور الريادة في قيادتها وإدارة شؤونها. فكل حراك شعبي ينهض بفاعليه، ويتحرك ويتطور بقيادة ناشطيه. ولن يكون هؤلاء الشباب بحاجة إلى استئذان أحد بدخول ميدانهم، أو أخذ موافقته.
إلى أين تتجه المسارات والسيناريوهات حول الشمال السوري بخاصة إدلب؟ هل سيؤول الأمر إلى سيطرة قوات النظام، أم وضعها تحت الوصاية الدولية، أم المصير هو التقسيم؟ وبالتالي ما مصير الفصائل المقاتلة على الأرض في الشمال السوري؟
الوضع في إدلب ومحيطها محكوم باتفاقية “خفض التصعيد” الروسية التركية، التي أبقت الباب مفتوحًا أمام روسيا للاستخدام الكيفي والقيام بأعمال التدمير والاقتحام المتكرر. حيث تقوم بين حين وآخر بإعطاء الضوء الأخضر للنظام لافتعال الصدام، أو تقوم عبر قواتها الجوية بأعمال القتل والتدمير وخاصة للمشافي والمدارس والأسواق، بحيث تجعل الحياة بالنسبة للمدنيين مستحيلة، وتدفعهم إلى الرحيل. غير أنّ الملايين الذين تزدحم فيهم المنطقة، والذين لجؤوا إليها من مختلف المناطق، يقفون حجر عثرة أمام اقتحام المنطقة. فالعالم كله يعرف حجم الكارثة التي يمكن أن تحصل وتداعياتها على تركيا وأوروبا والمنظمات الدولية. دون أن ننسى العلاقات المركبة والمتحوّلة بين تركيا وروسيا التي تتعرض لامتحان صعب بسبب ذلك. من هنا، تستمد تركيا الدعم من بعض الجهات الدولية النافذة بمواجهة الرغبة الروسية. وهو عنصر إعاقة آخر. لكن المنطقة ستبقى في بؤرة الخطر المحتمل لنتائج المساومة والمقايضة، ورهينة التهادن والتصادم بين الأجندتين الروسية والتركية.
هل تتوقعون أن يُقدم بشار الأسد على التطبيع مع إسرائيل؟ وهل من شأن ذلك أن يسهم في منحه شرعية دولية تؤهله لخوض انتخابات 2021؟
انتخابات 2021 شأن روسي بامتياز مثلما هو شأن للنظام. بهذا المشروع، يأمل الروسي استعادة الشرعية المفقودة للنظام. ويحاول جاهدًا إشراك بعض المعارضين فيه، وتسويق الانتخابات على أنها استحقاق طبيعي يمكن أن يَجُبَّ ما قبله، ويفتح الباب أمام الحل السياسي الروسي، الذي هو ليس أكثر من حل تصالحي خطير ومضلل. بدأ يطل برأسه عبر إحاطة الوسيط الأممي بيدرسونالأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي باسم “العدالة التصالحية”. يأتي ذلك بعد أن فشل الروسي في مشاريعه ومساعيه السابقة تحت عناوين مثل “إعادة الإعمار” أو “عودة المهجّرين”.
أما إسرائيل وبشار الأسدفتلك حكاية كشفها النظام وأطرافه منذ الأيام الأولى للثورة. عندما خاطب راميمخلوفالإسرائيليين بتصريحه المشهور “إنّ أمن إسرائيل من أمن النظام”، ويبدو أنّ الروس والإيرانيين يحرصون على ذلك. ومن المؤكّد أنّ الروس الذين تربطهم بإسرائيل علاقات مميزة، ويقبضون على ناصية القرار في دمشق، يعدون العدة لتوظيف هذا المشروع وتحقيقه، مستفيدين من دومينو التطبيع المتسارع وتحركاته المتعجلة، التي استحدثتها السياسة الأميركية في الإطار العربي.
كيف تنظرون إلى نهاية التدخل الإيراني في سورية؟ وهل يمكن أن يتطوّر إلى حرب بين إسرائيل وإيران؟ وماذا عن الموقف الروسي في حال حدوث مواجهة عسكرية بينهما جنوبي سورية؟
التدخل الإيراني متجذر في سورية، منذ أن بدأ هذا الوجود في الثمانينيات من القرن الماضي بظل حافظ الأسد وبإدارة محمد ناصيف. وهو كالأخطبوط لا تقتصر أذرعه في الميدان السياسي، لكنها تمتد إلى الفضاء الاقتصادي والثقافي والإداري. أسهمت في ذلك الميليشيات الطائفية التي أدخلها من لبنان والعراق. وكان لذلك أثره الكبير والخطير على الصعيد الاجتماعي في العديد من المناطق، عبر النهج الطائفي والمذهبي الذي اعتمد، من “جمعية المرتضى الخيرية” وحركة التشييع وتجديد المقامات والمراقد الدينية وتوظيفها، وصولًا إلى تعميم الاحتفالات المذهبية واللطم في الساحات العامة وفي قلب دمشق وأسواقها. وكان واضحًا خلال الفترة الماضية تسهيل الروس لعمليات القصف الإسرائيلية لأهداف إيرانية داخل بلدنا، دون أن تقوم إيران أو أي من ميليشياتها بالرد. ولا يبدو أنّ إيران بوارد ذلك؛ فعداء نظام الملالي الأكبر هو للشعوب العربية، وهم معنيون أكثر بجعل العراق وسورية ولبنان واليمن والبحرين ميدانًا لتنفيذ مشروعهم القومي – المذهبي في المنطقة. ولن يكون مستغربًا التقاء مشروعهم مع المشروع الإسرائيلي، فالساحة واحدة والأجندات متقاطعة ومتوافقة في هذا المنحى. ويبدو أنّ الروسي يحسن إدارة دفة المساومة بين الطرفين ولمصلحة إسرائيل، مستفيدًا من ضعف الوضع الإيراني في هذه المرحلة.
تناغم روسي – إسرائيلي واضح الفوائد والأهداف
كيف تقيّمون الدور الروسي في سورية؟ وهل هناك موافقة من حكومة بنيامين نتنياهو لِما تقوم به روسيا في سورية؟
روسيا من الداعمين لإسرائيل وحكومة بنيامين نتنياهوبالذات. وتتحدث الأنباء عن معلومات وإحداثيات يقدّمها الروس لإسرائيل لتسهيل ضرب المواقع الإيرانية وتدميرها. وهي طريقة روسية لحل بعض التناقضات والخلافات السياسية والميدانية مع الإيرانيين. وبذلك تحقق روسيا لنفسها أهدافًا عزيزة دون أن تتحمل أية أعباء، وتتلقى آيات الرضى والتبريك من نتنياهو، وتقدم له أياد بيضاء يمكن استعادتها عند الحاجة. باختصار: هناك تناغم روسي – إسرائيلي واضح الفوائد والأهداف للطرفين، الآن وفي المستقبل. وبذلك يحقق الإسرائيلي ما يريده اليوم تحت غطاء دولي، ويضمن موقعًا مميزًا وشراكة وازنة في الحلول التي يعمل الروس على تسويقها واعتمادها في سورية والمنطقة. ويتصرف الروس بالشأن السوري، ميدانيًا وسياسيًا، بطريقة كيفية وبحرية مفتوحة، أكثر مما كان يفعل المندوب السامي الفرنسي أيام الانتداب، وأكثر مما يمكن أن تفعله سلطات الاحتلال في أي بلد محتل.
بعد دخول “قانون قيصر” حيّز التطبيق؛ ما الذي يمكنه أن ينقذ المجتمع السوري في الداخل من التفقير وحالة الضنك التي وصل إليها الناس، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام؟
بداية، لا بدّ من الخروج من بروباغندا النظام وداعميه، والتأكيد أنّ حالة الضنك والإفقار والبؤس المتصاعد التي يعانيها السوريون تحت سيطرة النظام ليست نتيجة تطبيق “قانون قيصر”. فالأمور المعيشية للناس من غذاء ودواء وحاجات ضرورية غير مشمولة بالقانون. وحالة التدهور في حياة السوريين وأوضاعهم المعيشية والتراجع في سعر صرف الليرة السورية سابق بزمن طويل على صدور “قانون قيصر”. ويعلم الجميع أنّ النظام لم يكن معنيًا في إطار نهجه وعمله واهتماماته -بأي مرحلة- بهموم الناس وأوجاعهم وحاجاتهم. وإلّا فمن أين أتى أفراد عصابة الحكم وأبناء الأسرة الحاكمة منذ عقود بهذه الثروات الأسطورية. من غادر منهم البلاد مع ملياراته، ومن لا يزال هناك يستعطف الرحمة، لأنّ بعض أظفاره يجري تقليمها. فهذه السلطة ليست من الشعب ولا علاقة لها به، ولم تكن معنية بشؤونه وشجونه في أي وقت. فالسلطة التي تقصف الشعب بالبراميل المتفجرة والأسلحة الحارقة والكيمياوية المحرّمة دوليًا، والتي كان همّها على الدوام سجنه وقتله وترحيله وتهجيره، لا يمكن أن تكون حريصة على حياته وتدبير شؤونه. وليس من منقذ لجميع السوريين من المحنة وآلامها، في جميع أماكن وجودهم، غير إسقاط هذا النظام وترحيله.
أخيرًا، ما الأمور التي يجب توفرها لنجاح العملية السياسية وانتقال السلطة، مع ضمان رحيل بشار الأسد والمحاسبة وتطبيق العدالة الانتقالية؟ وما الأسس التي يجب أن تكون متوفرة لضمان حل سياسي شامل وعادل ينهي الاحتلالات الأجنبية على امتداد الجغرافية السورية الممزقة، ويضمن وحدة البلاد في ظل نظام ديمقراطي تعددي؟ وهل تتوقعون حدوث ذلك؟
لتحقيق ذلك لا بدّ من توفر ثلاثة عناصر:
الأول: وجود عملية سياسية منسقة وواضحة وفق مندرجات وخطوات وجدول زمني، تنال موافقة الأطراف المعنية، وتحظى بإقرار المجتمع الدولي من خلال القرارات الأممية. وهذا متوفر عبر بيان جنيف لعام 2012 والقرار الأممي رقم (2118) لعام 2013 والقرار (2254) لعام 2015، إضافة إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (262 / 67) لعام 2013.
الثاني: وجود توافق دولي، وبالخصوص (روسي – أميركي)، على تنفيذ الحل السياسي، وتطبيق عناصر هذا الحل وموجباته بإشراف الأمم المتحدة. بدءًا من تشكيل “هيئة الحكم الانتقالي كاملة الصلاحيات التنفيذية”، تتولى إدارة المرحلة الانتقالية وتنفيذ مهامها وتشكيل مؤسساتها المطلوبة، حتى وضع الدستور الجديد وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية. وهذا يعني أن لا دور ولا وجود للأسد وزمرته المجرمة فيها. وإلى اليوم، لم يتوفر هذا التوافق بعد.
الثالث: وجود منظم لقوى الثورة والمعارضة، من خلال هيئة وطنية فاعلة تحظى بثقة الشعب وتأييده في المقام الأول، ومن ثم احترام المجتمع الدولي. وتعمل وفق رؤية وطنية لإنقاذ البلاد وتحقيق أهداف الثورة، متمسكة بالوحدة الوطنية للشعب وبالقرار السوري المستقل. ومع الأسف، لا يتوفر هذا العنصر أيضًا. وتلك مسؤوليتنا نحن السوريين.