بلاغ صادر عن اجتماع اللجنة المركزية
عقدت اللجنة المركزية للحزب، اجتماعها الدوري في أواخر شهر أيار ٢٠٢٤. بدأ الاجتماع بالوقوف دقيقة صمت حداداً على روح الرفيق المناضل رياض الترك. ثم ناقشت بعدها عدداً من القضايا التنظيمية، واتَّخذت بشأنها مجموعة من القرارات، كما ناقشت التطورات والمستجدات السياسية في عدد من الملفات البارزة، على الصعيد الداخلي والعربي والإقليمي والدولي، وانعكاساتها على القضية الوطنية السورية.
على الصعيد التنظيمي: بعد نقاش مستفيض، أقرَّ الاجتماع خطة عمل الحزب والإجراءات اللازمة لعقد المؤتمر الوطني السابع، بما تتضمنه من تشكيل اللجان المكلَّفة بالإعداد لوثائق المؤتمر، وتحديد آلية عملها، ووضع الجدول الزمني لإنجاز مهامها.
كما أكَّد الاجتماع، في هذا السياق، على توجُّه الحزب لدعوة كل الرفاق الذين ابتعدوا عن العمل التنظيمي خلال الفترة المنصرمة لأسباب وظروف مختلفة، ولديهم الرغبة في استعادة عضويتهم، للانخراط من جديد بالعمل السياسي التنظيمي والمساهمة في التحضيرات الجارية لعقد المؤتمر، فأبواب الحزب مفتوحة لجميع الرفاق. وعلى صعيد آخر، تدارسَ الاجتماع أوضاع منظَّمات المهجر، ووضعَ الأُسس الناظمة لآلية عملها، والكفيلة بتحسين أدائها التنظيمي، وتطوير نشاطها السياسي بما يخدم خطة الحزب وتوجُّهاته وضرورات العمل الوطني وفعالياته في هذه المرحلة.
على الصعيد السياسي: توقَّف الاجتماع عند تقرير الأمانة المركزية حول الأوضاع الوطنية السورية وتطوراتها الداخلية والخارجية، ومجمل نشاط الحزب وتواصلاته مع مختلف الهيئات والتشكيلات الثورية وسط حواضن الثورة، وكذلك مع الأطراف السياسية خلال الفترة المنصرمة. وتركَّز النقاش حول آلية الخروج من حالة التبدد القائمة والنفق المظلم، حيث يرزح السُّوريون تحت وابل من الأزمات المتصاعدة في جميع مناطق البلاد حيث سيطرة قوى الأمر الواقع، وفي مقدمتها الحالة المأساوية المتعاظمة في مناطق سيطرة الأسد. وكذلك حالة المهجرين واللاجئين وخاصة في لبنان وتركيا، وقد تركَّزت مداخلات الرفاق على النتائج الكارثية والتطورات العاصفة والمتلاحقة بخصوص الملف السوري، وعلى استشراف مآلاتها القادمة، مؤكدةً على ضرورة وضع حد لحالة الانقسام والشرذمة في صفوف السوريين، والارتقاء إلى مستوى التحديات والمخاطر التي تحاك ضدهم وضد ثورتهم ولكي لا يخاط الجرح السوري بقيحه، عليهم وقبل فوات الآوان أن يستعيدوا الإمساك بقضيتهم، عبر بديل وطني جديد، يتمثل بجسم سياسي يحمل بأمانة واقتدار المشروعٍ الوطنيّ التحرري الجامعٍ للسوريين، في الداخل والخارج، ملتزم بأهداف الثورة، وحريص على قرارها المستقل، وعلى وحدة سورية أرضاً وشعباً ، وصياغة عقد اجتماعي جديد للشعب السوري، ويتصدى لكل المشاريع المشبوهة، متمسكاً بقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بالقضية السورية.
وفي سياق متصل، رصد الاجتماع تطورات أوضاع النظام في ظل المتغيرات الدولية والإقليمية، ومن جهة أخرى أجرى الاجتماع نقاشاً موسَّعاً حول التقرير المقدَّم عن تطورات انتفاضة السويداء، وما باتت تشكِّله من إضافة نضالية نوعية لمسيرة الثورة السورية، وبقعة أمل لتحقيق حلم السوريين بأهداف ثورتهم، وخاصةً في ظل الحشود العسكرية الأسديَّة والإيرانية، وبمواجهة التحديات والمخاطر التي باتت تطوقها بهدف زرع الفتنة والانقسام في صفوفها.
على الصعيد الدولي والإقليمي: ما تزال تداعيات الحرب على غزة، تحتلُّ صدارة المشهد السياسي، وتشكِّلُ على نحو متزايد بؤرة استقطاب واهتمام إقليمي ودولي واسع، بعد أن ربطت تفاعلاتها ومآلاتها معظم دول العالم، وأصبحت على تماس مباشر مع مصالحهم وأمن دولهم ومستقبل نظمهم. صار واضحاً، بعد ثمانية أشهر من حملة الإبادة الجماعية والتدمير والتهجير بحق الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية من قبل حكومة نتنياهو وزمرته من القَتَلَة والسَّفَّاحين، عجز المؤسسات الأممية و القوى الدولية الفاعلة عن إيقاف هذه المجزرة المفتوحة، وعن وضع حد لجرائم نتنياهو وحلفائه، رغم الحديث المتكرر عن معارضة إدارة بايدن لاستمرار الحرب، وسعيه لإطلاق المبادرات والخطط لوقف إطلاق النار، إلا أن الفارق البسيط في الأهداف المشتركة، لا يتعدى رغبة بايدن في إخضاع حليفه الإسرائيلي للأجندة الأمريكية، التي ترى في حرب غزة ونتائجها مدخلاً لإعادة ترتيب المنطقة بما يخدم مصالحها وأهدافها.
بقي أن نقول إن الواجب الوطني يحتم على القوى والتيارات الفلسطينية الخروج من هذا المأزق الكبير، وأن تستفيد من هذا التعاطف الدولي والشعبي عالمياً مع القضية الفلسطينية، وتتوحد حول رؤية وطنية واحدة عنوانها التمسُّك بمشروع إقامة الدولة الفلسطينية المستقلَّة والمستندة إلى قرارات الشرعية الدولية، وإلى المبادرة العربية عام ٢٠٠٢، ومن الهام جداً لوحدتها الابتعاد نهائياً عن المناورات والمغامرات، وطي صفحة الاستثمار بدماء الشعب الفلسطيني لخدمة أجندات ومصالح خارجية.
دمشق 5 / 6 / 2024
اللجنة المركزية
لحزب الشعب الديمقراطي السوري