لندن: «الشرق الأوسط»
تبرع رئيس النظام السوري بعقارات مساحتها 341 ألف متر مربع من أراضي الوقف السني في اللاذقية لأهالي قتلى قواته في ضاحية الرميلة بمدينة جبلة على الساحل السوري، والأراضي التي تمثل 38 عقارا تعد ملكا لوزارة الأوقاف السورية. ويمنع القانون السوري بيع أراضي الوقف، إلا أنه يمكن التنازل عنها مقابل أراض في منطقة أخرى. ولم تذكر وسائل إعلام النظام التي أوردت النبأ بحفاوة كبيرة، عما إذا كانت وزارة الأوقاف، قد حصلت على أراض مقابل الأراضي التي تنازلت عنها في جبلة.
وقالت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) التي أوردت النبأ، أن وزارة الأوقاف في حكومة النظام وبتوجيه من الرئيس الأسد، قدمت عقارات بمساحة 341 دونما تشكل معظم ضاحية الرميلة بجبلة «للمواطنين وأسر الشهداء والجرحى والتي حلت بموجبها مشكلة اجتماعية لم تتم معالجتها منذ 40 عاما». وأضافت أنه تم التوقيع على «وثيقة نقل ملكية العقارات في حي الرميلة من ملاك وزارة الأوقاف إلى وزارة الإدارة المحلية والبيئة، ليصار إلى نقل ملكيتها إلى قاطنيها».
يشار إلى أن سكان ضاحية الرميلة غالبيتهم من أبناء القرى القريبة من جبلة، وقد توافدوا إلى المنطقة واستولوا على أراض وقفية وأقاموا فيها خلال عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد. وبحسب مصادر معارضة في جبلة أن الرئيس الراحل حافظ الأسد ومنذ استيلائه على السلطة، عمل على إحاطة المدن السورية التي يتشكل غالبية سكانها من المسلمين السنة بحزام علوي من سكان الريف، حيث تمكن من إحاطة المدن الساحلية اللاذقية وطرطوس وبانياس وجبلة بالإضافة إلى حمص والعاصمة دمشق، (ما يطلق عليها النظام اليوم «سوريا المفيدة») بحزام علوي فقير غالبية مكوناته من أبناء الريف الذين جاؤوا إلى المدن للعمل في قطاعات الجيش والتعليم والتمريض، وكانوا يبنون منازلهم العشوائية في أراض الدولة والأوقاف. وخلال خمسين عاما من عهد عائلة الأسد تحولت تلك المناطق المستولى عليها إلى أحياء متصلة بالمدينة وتتمدد لتخترق التكتلات الديموغرافية ذات الأغلبية السنية».
وفيما يخص أراضي الوقف السني في جبلة التي منحتها وزارة الأوقاف لأهالي قتلى قوات النظام، قالت مصادر، إن الأراضي التي تنازلت عنها وزارة الأوقاف هي وقف سني تم تحويل ملكيته للإدارة المحلية كي تمنح ملكيتها للمقيمين فيها بشكل مخالف، وبهذا اكتمل الطوق العلوي حول جبلة الساحلية. ولفتت المصادر إلى أن القانون السوري يمنع بيع أراضي الوقف كما يمنع التنازل عنها من دون مقابل، أي الهبة، ويتطلب (أرضا مقابل أرض)، وقالت: «لا نعرف بنود وثيقة التنازل على أي أساس وضعت». ورفضت المصادر اعتبار «تبرع» الأسد بأراضي الوقف السني محاولة لامتصاص غضب الأوساط العلوية بسبب كثرة سقوط قتلى من أبنائهم في المعارك التي يخوضها النظام على كامل التراب السوري، وقالت إن داعمي النظام «لا يحتاجون للمراضاة فهم يظنون بأنهم يدافعون عن وجودهم».
وكشف زير الأوقاف محمد عبد الستار السيد في كلمته خلال حفل توقيع وثيقة التنازل أن سكان حي الرميلة «وجهوا عدة رسائل إلى الرئيس الأسد حول معاناتهم، ليوجه بدوره وزارتي الأوقاف والإدارة المحلية لمعالجة قضيتهم، وبناء على ذلك تعلن وزارة الأوقاف تنازلها عن ملكيتها في الحي إلى وزارة الإدارة المحلية والبيئة».
من جانبه، أكد وزير الإدارة المحلية في حكومة النظام حسين مخلوف أن «هذا الأمر تم بتوجيه من الرئيس الأسد لأبناء الحي الذين قدموا التضحيات الجسام»، مشيرا إلى أن «الحكومة تعمل على معالجة كل المشاكل العالقة كمشكلة حي الرميلة بجبلة، وتحسين الواقع الخدمي والتنموي. وبناء عليه كانت زيارة الوفد الحكومي لمحافظة اللاذقية قبل فترة قصيرة وتم خلالها إطلاق كثير من المشاريع الإنتاجية والتنموية للارتقاء بمستوى الخدمات». أما محافظ اللاذقية إبراهيم خضر السالم فاعتبر أن هذه الخطوة المهمة «تعالج مشكلة اجتماعية مزمنة مضى عليها عقود، حيث يتعذر على قاطني الحي إصدار تراخيص لسكنهم وهي مشكلة أثرت سلبا في معيشتهم وفي طبيعة الخدمات المقدمة لهم».