الناس يتطاولون في البنيان فمباني يزيد عدد طوابقها في مناطق النظام ومباني تنسف عن بكرة أبيها في المناطق المحررة، هكذا كان حال العديد من المدن والبلدات السورية، ففي مناطق سيطرة النظام يتسابق الناس في إعمار المباني السكنية متناسين دموع الثكالى والأرامل وغير مكترثين بما يحل في بلادهم، مستغلين انشغال النظام بأزمة البلد، أما في المناطق المحررة فلا يكاد الفرد أن يأمن على نفسه وعائلته من شبح القصف حتى يأمن على منزله أو يفكر في تطويره.

ينعم القاطنون في مناطق النظام بالأمان بعيدا عن شبح القصف الذي يهدد حياة المدنيين ومنازلهم في المناطق المحررة، ويقومون بتطوير يومي لحياتهم ومنهم من يحتكر البناء غير المرخص في ظل انشغال النظام في الأزمة ليطرحه في سوق العقارات بأسعار باهظة.

“أبو غياث” صاحب أحد المكاتب العقارية في دمشق يقول: “يحتكر بعض أصحاب رؤوس الأموال بناء البيوت وبيعها وشراءها بتكلفة قليلة و يبيعونها بسعر باهظ مما يدر عليهم أرباحا وفيرة، إذ يبلغ سعر الشقة السكنية الجيدة في دمشق20 مليون ليرة سورية كحد أدنى”.

ولكن الأمر يختلف بشكل كبير في المناطق المحررة فهجمات النظام المتكررة لها والضربات الجوية الموجهة عليها جعلت شراء المباني والشقق السكنية أمرا يشكل خسارة كبيرة للمشتري، فأي مبنى وأي شقة سكنية فيها معرضة للقصف في أي لحظة لتصبح كومة من الحجارة.

وحسب إحصائيات منظمة حقوق الإنسان السورية فإن 2.8 مليون مبنى قد تم تدميرها منذ اندلاع الثورة السورية وتتوزع على المناطق التالية محافظة حمص تأتي في مقدمة المدن السورية التي خسرت المباني فدمر حوالي 800 ألف مبنى بسبب القصف الجوي والمدفعي، أما محافظة ادلب فتأتي في المركز الثاني حيث شهدت تدمير حوالي 500 ألف مبنى بينما دمرت قوات النظام أكثر من 425 ألف مبنى بدمشق إضافة إلى محافظة حلب حيث دمر ما يقارب من نصف منازلها وتقدر بـ 424 ألف منزل مدمر كلياً او جزئياً نتيجة القصف الممنهج.

أبو أحمد أحد سكان مدينة حلب يقول: ” تعرض منزلي للقصف من قبل الطيران الحربي فتدمر نصفه ولكني بقيت اسكن فيه لعدم قدرتي على إصلاحه أو شراء غيره، وإن اشتريت غيره فسيكون عرضة للدمار بأي لحظة”.

كل ذلك ساهم في خفض أسعار المنازل في المناطق المحررة، إضافة إلى لجوء بعض الناس في المناطق المحررة لبيع منازلهم بأثاثها لتغطية تكاليف السفر والهجرة إلى الدول الاوربية بحثا عن مكان عيش آمن وظروف حياتية أفضل.

أبو رامي صاحب أحد المنازل الجيدة في مدينة ادلب يقول: ” قبل تحرير مدينة ادلب دفع لي مقابل منزلي مبلغ 7 ملايين ليرة سورية ولم اوافق على بيعه، لكن بعد التحرير كانت طائرات النظام تقصف المدينة يوميا وأصبح منزلي عرضة للدمار فقمت ببيعه بمبلغ 3 ملايين و500 ألف ليرة سورية لأسافر بها أنا وعائلتي لخارج البلاد ” .

يبيع المواطن السوري منزله وكل ما يملك بسعر زهيد يفعل كل ما بوسعه للهروب بحياته من بطش النظام السوري وقصفه واعتقالاته للحفاظ على ما تبقى له من رمق العيش بعيداً عن آلة الحرب.

المركز الصحفي السوري
محمد المحمود