«لقد قام النظام بحرق السجلات العدلية في أكثر من مدينة من بينها مدينة حمص، وهذا من غير الوارد حدوثه عفوياً، ويدل على نيات مبطنة لدى الجهة التي قامت بجرم الحرق»

مصطفى محمد: القدس العربي

في خطوة هي الأولى من نوعها، أقرت وزارة العدل التابعة للنظام السوري بحصول حالات نقل ملكية عقارات في المناطق الخاضعة لسيطرة الأخير على أساس وكالات قانونية مزورة.
وأوعزت الوزارة في تعميم صادر عنها مؤخراً، إلى القضاة في المحاكم المختصة، بوجوب ضرورة التواصل مع الكاتب بالعدل الذي ينظم الوكالة، للتأكد من سلامة واستكمال الخطوات القانونية، قبل البت في الدعاوى العقارية المتعلقة بتثبيت بيع العقارات. ويرجح رئيس محكمة الاستئناف الأولى في مدينة حمص، القاضي خير الله غنوم المنشق عن النظام، في حديث لـ «القدس العربي» أن تكون حالات التزوير هذه مفتعلة وممنهجة من قبل الأجهزة المخابراتية للنظام.
ويعرب غنوم عن اعتقاده أن «اعتراف وزارة العدل لدى النظام بوقوع حالات تزوير، جاء بأوامر خلفية من النظام، ليظهر الأمر على أنه ناجم عن أفعال إجرامية ممن يرتكبون جرائم التزوير الذين استغلوا الأوضاع الفوضوية في البلاد»، مضيفا:ً «يقصدون بهذه الأوامر تبرئة ساحة النظام، من التزوير الذي يهدف إلى تغيير ديموغرافي مستقبلاً، ومع ذلك فإن اعتراف وزارة العدل هذا هو دليل على وقوع التزوير مما يعني أن المزورين لن يستفيدوا منه شيئا في المستقبل».
ويتابع: «في حال كان التزوير ناجم عن أفعال أشخاص لا علاقة للنظام بهم، أي غير متعامل معهم فهذا أيضا إدانة للنظام، لأنه المسؤول عن تنظيم وقائع البيوع العقارية، والتي تقع سجلاتها تحت يديه».
ويردف غنوم: «لا يمكن إنشاء عقد بيع إلا بموافقة البائع المالك وتوقيعه، وهي إجراءات منصوص عنها في أصول البيوع العقارية، وبالتالي لا يمكن أن تحصل واقعة التزوير بدون اشتراك الموظفين العقاريين، الذين يعملون تحت إشراف النظام، وعليه هو المسؤول الأول عما يرتكبونه من تزوير بموجب مسؤولية التابع عن المتبوع».
ووفق غنوم فإنه «من السهل مستقبلاً الكشف عن عمليات التزوير، وإبطال عقود البيع المزورة، وإعادة الحال إلى ما كانت عليه، لكن بعد أن تقام دولة العدل والمساواة، بعد انتهاء الحرب».
من جهته يرى عضو هيئة المحامين الأحرار الحقوقي مثنى ناصر، أن عملية إبطال عقود البيع المزورة مستقبلاً «ليست بالأمر السهل»، ويوضح أن «هذه الصعوبة تأتي من الطريقة المنظمة التي تقوم بها عصابات تعمل لحساب النظام، في مدن يتم التلاعب بديموغرافيتها وخصوصاً في مدينة حمص وفي دمشق وريفها وتحديداً في مدينة يبرود».
وعن الطرق والثغرات القانونية التي يتم استغلالها من قبل من وصفهم ناصر بـ»العصابات» قال: «يتم نقل الملكية عن طريق استصدار هوية شخصية مزورة باسم صاحب العقار المهاجر والنازح في الغالب، وفي هذه الحالة يصبح حامل الهوية هو المالك قيداً للعقار، ومن ثم يتم توكيل شخص آخر بالعقار».
ويضيف ناصر لـ»القدس العربي» قائلا: «يتم تثبيت هذه الوكالة عن طريق كاتب العدل بالتواطؤ في بعض الأحيان، وبالإجبار في أحيان أخرى، وذلك لمنحها الصيغة القانونية الرسمية، بدلاً عن الصيغة الشخصية التي لا تخولها نقل ملكية العقار».
ويستطرد الحقوقي: «لقد قام النظام بحرق السجلات العدلية في أكثر من مدينة من بينها مدينة حمص، وهذا من غير الوارد حدوثه عفوياً، ويدل على نيات مبطنة لدى الجهة التي قامت بجرم الحرق».
وشدد ناصر في ختام حديثه لـ»القدس العربي»، على ضرورة احتفاظ الأهالي وخصوصاً النازحين خارج البلاد منهم، بكل الأوراق الثبوتية التي تثبت ملكيتهم للعقار، والتي من شأنها أن تدحض كل ادعاءات الملكية المزورة.