دمشق – «القدس العربي»: تعيد حركة «أحرار الشام» ترتيب صفوف النخبة لديها وقيادات الصف الأول، بعد انهزامها واضطرارها للانسحاب من مواقع سيطرتها، وخسارتها للمعابر الرئيسية على الشريط الحدودي مع تركيا، في أكبر معقل لها، الأمر الذي أحرجها أمام مؤيديها ومعارضيها على حد سواء.
فقد عيّن مجلس الشورى في «أحرار الشّام» السجين السابق «حسن صوفان» قائداً عاماً للحركة، في وقت يضعه أمام تحديات أبرزها إمكانية ولادة الحركة من جديد في معقلها، وخاصة بعد هيمنة «تحرير الشام» على مختلف الأصعدة ومنها المدينة إضافة إلى بسط نفوذها العسكري.
«ماهر اسبر» مدير مركز انسان لتوثيق الانتهاكات في سوريا، والمعتقل السياسي السابق في سجن صيدنايا، والذي قضى نحو ست سنوات مع « أبو البراء حسن صوفان» في السجن يتحدث في لقاء خاص مع «القدس العربي» عن قائد حركة أحرار الشام الجديد فيقول: عشت معه حوالي ست سنوات في سجن صيدنايا، والمعروف عن صوفان أن لديه علماً شرعياً كبيراً، وتاريخاً قديماً ومواقف معروفة، ويعتبر أبرز قائد جهادي في سوريا تاريخياً، كما انه يملك كاريزما قيادية.
وعن أهمية هذه الشخصية وامكانياتها قال «اسبر» كان صوفان القائد الفعلي للإسلاميين في صيدنايا، يعني ان جميع القيادات التي كانت موجودة في صيدنايا، كانت تنظر له على انه القائد الأعلى، فهو لديه طرح سياسي جديد، ومنفتح جداً رغم انه إسلامي، ويملك رؤية للحل في سوريا بالاشتراك مع جميع الاطراف المعارضة حتى لو كانت علمانية، كما يعرف بتوجهه لفتح علاقات متوازنة مع جميع الدول الاقليمية الداعمة للثورة بحيث لا يحسب على طرف واحد.
وقال مدير مركز «إنسان» عن علاقات «صوفان» الدولية: لدى صوفان توجه كبير لبدء علاقات مع الدول العالمية المؤثرة مثل الامريكان والاوروبيين بداية، ولديه الأرضية والمعطيات المساعدة لذلك، كما يملك علاقات مفتوحة، وسيعمل في المرحلة الراهنة على تنظيم هذا الأمر.
وحول طريقة تواصله مع العالم الخارجي من داخل السجن قال «اسبر» كان لدى صوفان تواصل من داخل المعتقل ولكن ضمن قنوات دقيقة جداً، كما توفرت لديه شبكة الانترنت، وحتى انه اثر على بعض القضايا من داخل المعتقل وخصوصاً في الحرب ضد تنظيم «الدولة»، وكان اول من كتب عن استئصالها وشجع على الحرب ضدها.
وفي عامي 2013 و 2014 كتب صوفان من داخل سجنه مجموعة من المقالات بأسماء وهمية، نشرها عبر التوتير وتداولها اهم القيادات والجهاديين واهمها «الجهاد الشامي.. مآلات واجتهادات» و«السلفية الجهادية» كما كان يتواصل مع عدد قليل من القيادات، نظراً لخطورة الأمر وحساسيته. وأضاف المتحدث: لم يكن آخر فترة من سجنه في صيدنايا، بل تم تحويله إلى سجن اللاذقية المدني، عازيا الامر إلى ان صوفان لم يكن يعتبر من معتقلي الثورة، لذلك كان من ضمن من تم تحويلهم إلى السجون المدنية.
«حسن صوفان» بمركزه الجديد في قيادة حركة احرار الشام يشكل حسب نظر المتحدث، خطراً على تنظيم الدولة كما يشكل خطراً كبيراً أيضاً على هيئة تحرير الشام، أكثر مما يشكل كل التحالف الدولي ضدهم، وأضاف: ليس هذا فسحب بل انه خطر على النظام السوري، بسبب فكره المنفتح على بقية الأطراف المعارضة، وفكره المنفتح ع دول العالم، وطرحه لرؤية سياسية جديدة حول مستقبل سوريا.
وذهب «ماهر اسبر» إلى ان صوفان مقبول من 95 بالمئة من الشعب السوري، لان طرحه يقبل الاخر ويقبل الاختلافات، ويعطي الحقوق لجميع السوررين، بما يخص الثقافة واللغة والأديان، واصفا فكره بـ «الإسلامي الديمقراطي» المدعوم بالحجج الشرعية القوية التي تمكنه من مواجهة منافسيه، ضمن الساحة الجهادية، إضافة إلى وجود فصيل قيادي جديد معه يأخذ على عاتقه إعادة ترتيب الحركة بشكل كامل.
وكان «حسن صوفان» قد خرج في صفقة تبادل للأسرى بين الحركة، وقوات النظام، في شهر تموز من عام 2016، حيث تولى الصفقة قائد قطاع حلب في الحركة «الفاروق أبو بكر»، بعد اعتقال دام 12 عاماً، إثر تسليمه من قبل السلطات السعودية إلى نظام الأسد، وخرج وحيداً مقابل 14 ضابطاً بينهم ضباط أمن من القصر الجمهوري مقرب من بشار الأسد.
واتسم تغير قيادات الأحرار على مدى الفترة التي عملوا فيها بالانتقال السلسل والتغير او تبديل القيادات ولكن كان ذلك على الغالب تحت الاضطرار. ولا يستثنى الاحرار من الحاجة المستمرة للتبديل، بناء على التجارب، لأن الأحرار كسائر الفصائل العسكرية وخاصة الإسلامية منها، لم تعتمد على الكوادر والخبرات مما جعل سـياستها تتـغير بتغير القائد.