إندبندنت – التقرير

خلال هذا الأسبوع، مُرر قانون جديد يعطي الحكومات الحق في اختراق خصوصية الأفراد دون علمهم، تحت مسمى قانون “سلطات التحقيق”، حيث نجحت السلطات البريطانية بالتحول إلى سلطة استبدادية قادرة على مراقبة الجميع تحت ستار محاربة الإرهاب من خلال نظام يُعَد الأكثر تطفلًا وفقًا لنظم الديمقراطية على مر التاريخ. وبهذا القانون، أصبح للسلطات البريطانية الحق التام في اختراق أي جهاز عشوائيًا، واعتراض وتسجيل ومراقبة أي وسيلة اتصالات مهما كانت من سكانها.

كان تسريب “إدوارد سنودن” لمئات برامج التجسس في العام 2013، نتيجة لفشل العملية الديمقراطية في البلاد التي كانت تتفاخر بنجاحها، حيث وفرت شجاعة “سنودن” الفرصة للبرلمان والشعب للتدقيق في صناعة التجسس ومحاسبة مؤسسات الدولة من جديد. ولكن استطاعت الحكومة استغلال البيئة السياسية الحالية المفتقرة لوجود المعارضة؛ لمد سلطات الدولة التجسسية، لتتخطى ما نشره “سنودن” من أسرار، لتشكل بذلك سابقة رائدة في العالم لم تحدث من قبل.

يجب أن تعلم أن الحكومة لديها علم الآن بأنك تتصفح هذا الموقع، حيث أصبح من المفترض، أن يسجل مقدمي الخدمة جميع بياناتك وكل ما تقوم به على الإنترنت لمدة 12 شهرًا؛ ليكون في متناول عشرات السلطات العامة. فكيف يبدو تاريخ تصفحك؟، وهل يُعبر عن اهتماماتك السياسية؟، أم يفصح عن دوائرك الاجتماعية؟، وهل يعبر عن انتماءاتك الدينية؟، أم تظهر للعالم مخاوفك الطبية ونمط حياتك؟.

حازت الحكومة على حق اختراق الملايين من أجهزة الحاسوب، والتليفونات، و”التابليت” تاركًا إياها لتكون عرضة للهجمات الإجرامية.

قد تعتقد أنك لا تملك ما تود أن تخفيه عن أعين العالم، فلا تخشى من مثل هذه القوانين. ففي هذه الحالة، ماذا يمنعك من نشر تفاصيل بريدك الإليكتروني وتسجيل دخولك على صفحات التواصل الاجتماعي كتعليق في هذه المقالة؟. ولكنني لا أعتقد أننا لا نأبه بالحفاظ على خصوصياتنا، فنحن قوم يقدرون حريتهم وحقوقهم المدنية، فكل فرد منا يجب أن يساهم في الحفاظ على حقوق الديمقراطية، ومسؤول عن منع التجسس على الأقلية وحمايتهم من مجرد الشك في نواياهم وأفعالهم، ويجب أن نحمي حقوقنا في التظاهر، وحرية الصحافة والتعبير عن الرأي، والتمتع بحرية تصفح الإنترنت كما نريد، والتعبير عن آرائنا بحرية عليه مهما كان موضوع المناقشة، فتساهم مثل هذه الحريات في تطوير وازدهار أفكارنا وآرائنا وشخصياتنا، فهم أساس الديمقراطية الناجحة.

هل سمعت في تاريخ العالم عن حكومات سمحت لنفسها بممارسة حقوقها في التجسس على أيً كان من الشعب، ونجحت بذلك في احترام حقوق الإنسان وحريته التي تنص عليها قواعد الديمقراطية؟.

في الأعوام الماضية، تجسست بريطانيا على بعض النشطاء المهتمين بالبيئة، والسياسيين المنتخبين من قبل الشعب، وضحايا التعذيب ووحشية الشرطة، ومئآت الصحفيين.

وبتمرير مثل هذا القانون، الأربعاء الماضي، عَمَلتُ على تدريب مجموعة من الصحفيين البريطانيين والأمريكيين على حماية أنفسهم من تجسس الدولة عليهم، وليس من روسيا وسوريا فقط.

عندما فجر “إدوارد سنودن” فضيحة تجسس الحكومة الأمريكية، حذّر من تسلح الزعماء بمثل هذه الأدوات كمبرر لاستخدامهما، فيقول أحدهم “نحتاج إلى زيادة قوة سلطاتنا لكي نحمي شعوبنا من المخاطر التي يواجهها العالم الآن، بسبب التهديدات الجديدة التي نشاهدها كل يوم”. وبالطبع، لن يستطيع أحد الاعتراض على وجهات النظر هذه.

واختارت أمريكا رئيسًا لا يعارض مراقبة المساجد، وحظر المسلمين في أمريكا، واستجواب النشطاء المنتمين إلى حركة حياة السود مهمة، وترحيل 3 ملايين شخص خارج البلاد.

حاربت الحرية بكل ما تملك من قوة، من أجل منع تطبيق مثل هذا القانون الجديد منذ أن أقترح وحتى تم تمريره، لكن المعركة لم تنته بعد، ورسالتنا الموجهه للحكومة: “المحاكم بيننا”.