لندن – إبراهيم حميدي

الحياة 31/10/2016 

حمّلت وثيقة رسمية روسية فشل اتفاقيتي وقف العمليات القتالية في سورية إلى أميركا لأنها «لم تنجح في فصل المعارضة المعتدلة عن الإرهابيين» والوفاء بأي من التزاماتها العسكرية والسياسية والأمنية، لكنها أشارت الى «نجاح» موسكو في تحقيق اهدافها بينها «ابادة ٣٥ الف ارهابي بما في ذلك ٢٧٠٠ شيشاني مقابل قتل المعارضة لـ «٣٥٣٢ عسكرياً سورياً و١٢٨٠٠ مدني».

وسلمت الخارجية الروسية هذه الوثيقة، التي حصلت «الحياة» على نصها، الى اطراف معنية بالملف السوري بالتزامن مع اعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فشل محاولات الوصول الى اتفاق مع اميركا لهدنة دائمة وإطلاق عملية سياسية لتنفيذ «بيان جنيف». وهنا النقاط الأساسية في الوثيقة، المتوافرة باللغتين الروسية والإنكليزية:

أولاً، اتفاق وقف العمليات العدائية الروسي – الأميركي في ٢٢ شباط (فبراير) الماضي.

١- تنفيذ وقف العمليات القتالية في كل سورية اعتباراً من ٢٧ شباط: اكدت روسيا والحكومة السورية التزام التنفيذ الكامل للاتفاق، في حين اكدت اميركا ومجموعات معارضة ضمن الإطار الزمني ذلك «لكن فقط من المعارضة المعتدلة» حيث واصل ٢٠ فصيلاً «العمليات العدائية». وكانت النتيجة تسجيل ٢٠٣١ خرقاً للاتفاق من «الفصائل المعتدلة» بين ٢٧ شباط و الأول من ايلول (سبتمبر) ما ادى الى مقتل ٣٥٣٢ عسكرياً سورياً و١٢٨٠٠ مدني، اضافة الى جرح ٨٩٤٩ عسكرياً و٢٥٦٤٢ مدنياً.

٢- ابلاغ الأطراف المعنية التزام الاتفاق بموجب الموعد المحدد في الـ ١٢ ظهراً بتوقيت دمشق من ٢٦ شباط: سلمت روسيا الى اميركا قائمة بـ ٤٧ فصيلاً «معتدلاً» التزموا الاتفاق، لكن اميركا قدمت قائمة ضمت ١٣٨ فصيلاً «معتدلاً» بينها اثنان ينتميان الى «داعش» وثماني فصائل تنتمي الى «جبهة النصرة». وكانت النتيجة «الفشل في فصل المعارضة المعتدلة عن المجموعات الإرهابية المعتدلة».

٣- تبادل المعلومات بين روسيا وأميركا حول حدود المناطق المشمولة باتفاق وقف العمليات القتالية: قدمت موسكو الى واشنطن معلومات عن مناطق الفصائل الـ ٤٧ «المعتدلة»، في حين لم تقدم واشنطن اي معلومات وخرائط حول مناطق المعارضة.

٤- تحديد مناطق «داعش» و «جبهة النصرة»: قدمت موسكو الى واشنطن خلال المشاورات خراط «داعش» و «النصرة»، لكن الوفد الأميركي قال ان المعلومات المقدمة من الجانب الروسي «ليست صحيحة. كما قدم الجانب الأميركي خطة عامة عن مناطق النصرة لاتسمح بفصل المعتدلين عن جبهة النصرة».

النتيجة من البندين الثالث والرابع، كانت، وفق الوثيقة، «الفشل في تحديد مناطق المعارضة المعتدلة لتحديد منتهكي الاتفاق». كما ان «جبهة النصرة» احتفظت بقدراتها القتالية وكثفت هجماتها على القوات الحكومية السورية، اضافة الى هجمات ارهابية على المدنيين».

٥- استئناف الضربات ضد «داعش»: واصل الطيران الروسي القيام بحوالى ١٥٠ طلعة يومياً على مناطق «داعش» و «النصرة» وتم «تحرير» ٥٨٦ قرية و١٢٣٦٠ كيلومتراً مربعاً وجرت ابادة ٣٥ ألف إرهابي بما في ذلك ٢٧٠٠ عنصر من «رابطة الدول المستقلة» (دول سوفياتية سابقة). في المقابل، لم يقم الطيران الأميركي بأي ضربة ضد «النصرة» وشن بين ٦ و١٥ غارة يومياً ضد «داعش». والنتيجة كانت مقارنة بـ ٢٠١٥، تضاعف عدد الأعمال الإرهابية والعمليات الانتحارية من «النصرة» في ٢٠١٦.

٦- تأسيس مجموعة العمل لوقف العمليات القتالية ضمن «المجموعة الدولية لدعم سورية»: ووفق الاتفاق، وصل ممثلو روسيا الى جنيف، كما هو الحال مع ممثلي اميركا. وأثمر هذا عن تبادل المعلومات لتنفيذ الاتفاق.

٧- تأسيس آلية لمراقبة تنفيذ الاتفاق: روسيا اسست مركزاً للمصالحة للأطراف المتنازعة في سورية وأرسلت ممثليها الى كل المحافظات لمراقبة تنفيذ اتفاقات المصالحة المبرمة بما في ذلك الى مواقع القوات الحكومية السورية. وجرى تحريك٧٠ وحدة متنقلة للمراقبة الميدانية، في حين اعتمدت اميركا في تقويمها على «معلومات موجودة على مواقع التواصل الاجتماعي». لذلك، لم يتم تأسيس مركز مراقبة مقبولاً من الأطراف المعنية.

٨- تأسيس خط احمر بين قاعدة حميميم في اللاذقية ووحدة التحليل السياسي والعسكري للجيش الأميركي في عمان: روسيا أسست خطاً احمر للاتصال ضمن الإطار الزمني، في حين أقدمت اميركا في شكل انفرادي على توقيف خط الاتصال بدءاً من ٢٨ تموز (يوليو) في عمان. (يُعتقد بأن هذا جاء بعد ضرب الطيران الروسي لـ «جيش سورية الجديد» في التنف قرب حدود سورية والعراق وضرب معسكر كان فيه خبراء اميركيون وبريطانيون مرتين في حزيران- يونيو وتموز). النتيجة ظهور عدم وجود نفوذ لأميركا على فصائل المعارضة وعدم القدرة على تلبية مطالب روسيا.

٩- دعم الانتقال السياسي: روسيا أجلت مسنين من ٨٤٧ بلدة وقرية وضمت ٦٩ وحدة من «المعتدلين» في عمليات المصالحة واستمرت في صوغ مسودة للدستور السوري، في حين «فشلت اميركا بالضغط على الفصائل المعتدلة لسحب انذارها لبشار الأسد بضرورة التنحي قبل الانتخابات». النتيجة ان العملية السياسية وصلت الى افق مسدود.

فشل أميركي في «عزل» الإرهابين

ثانياً، الاتفاق الروسي – الأميركي في ٩ ايلول حول خفض مستوى العنف وإدخال المساعدات الإنسانية وتأسيس مركز مشترك

١- استئناف وقف العمليات القتالية في كل سورية اعبتار من الساعة السابعة في ١٢ ايلول: روسيا تأكدت ان الجيش السوري يلتزم الاتفاق وراقبت تنفيذ الاتفاق عبر نشر كاميرات فيديو للنقل المباشر على الإنترنت. وعلى رغم الخروق، جرى تمديد اتفاق وقف العمليات العدائية مرتين لـ ٤٨ ساعة ولـ ٧٢ ساعة. الهدنة استمرت سبعة ايام. لكن اميركا «فشلت في إلزام المعارضة المعتدلة بالاتفاق». النتيجة انه «بين ٩ و١٢ ايلول، قامت فصائل المعارضة المعتدلة بـ ٣٠٢ وخرقين ما ادى الى مقتل ٨٣ مدنياً وجرح ٢٥٢ آخرين. وفقد الجيش السوري ١٥٣ عسكرياً».

٢- تأسيس نقطة مراقبة لـ «منظمة الهلال الأحمر السوري» في طريق الكاستيلو (في حلب): دعم روسيا تأسيس «المنظمة» نقطة تفتيش في القسم الغربي من طريق الكاستيلو في ١٤ ايلول، لكن اميركا فشلت في إلزام المعارضة المعتدلة في تأسيس نقطة تفتيش». لذلك لم يتم عبور حافلات المساعدات الإنسانية.

٣- انسحاب الجيش السوري والمعارضة المعتدلة من الكاستيلو وفق الآتي، الدبابات والآليات وراء ٣-٣.٥ كيلومتر، والرشاشات الثقيلة وراء ٢.٥ كيلومتر والأفراد وراء مسافة كيلومتر واحد والمراقبون الى ٥٠٠ متر:

بدأت القوات النظامية مرتين الانسحاب من طريق الكاستيلو في ١٥ و١٦ ايلول. ولأن المعارضة لم تنفذ واجباتها، عاد الجيش السوري الى مواقعه، في حين فشلت اميركا في إلزام المعارضة بالانسحاب من الكاستيلو. النتيجة انه لم تتوافر ضمانات بالأمان لحافلات الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية.

٤- ايصال المساعدات الى حلب: وإذ وفرت روسيا اقامة سبعة ممرات لعبور المدنيين وواحد للعسكريين (لإخراجهم من شرق حلب) ونسقت ايصال المساعدات الإنسانية، وضع المتمردون متفجرات في كل مخارج حلب وضايقوا المدنيين الذين ارادوا الخروج. كما ان قادة من المعارضة رفضوا ادخال حافلات المساعدات الإنسانية. وكانت النتيجة ان المدنيين في حلب لم يتوافر لهم الطعام والدواء ولم يتوافر لهم طريق للنجاة والخروج.

٥- تأسيس مركز مشترك روسي – اميركي لقتال «داعش» و «جبهة النصرة»: اذ وصل ممثلو روسيا الى المركز المشترك، فإنهم لم يتمكنوا من تنفيذ واجباتهم بسبب رفض من جانب ممثلي اميركا، ذلك ان الأميركيين وصلوا (الى جنيف) لكنهم لم ينخرطوا في المناقشات والتنفيذ بناء على تعليمات من واشنطن. والنتيجة كانت ان العمليات العسكرية المشتركة الروسية – الأميركية ضد «داعش» و «النصرة» لم تبدأ مطلقاً كما كان متفقاً عليه.

٦- بدء الغارات المشتركة ضد «داعش» و «النصرة»: قام الطيران الروسي منفرداً بالاستمرار في ضرب «داعش» و «النصرة» بمعدل ٥٠ طلعة يومياً تضمنت ١٤٠-١٥٠ غارة في شكل وسطي، لكن القوات الجوية الأميركية لم تضرب «النصرة» وحافظ الطيران الأميركي على ١٢-١٥ طلعة يومياً تضمنت ٨-١٠ غارات. وفي ١٧ ايلول، ضرب الطيران الأميركي موقعاً للجيش السوري قرب دير الزور، ما ادى الى مقتل ٦٢ عسكرياً وجرح اكثر من مئة آخرين. لذلك، «لم يجر مطلقاً بدء الغارات المشتركة ضد داعش والنصرة ما سمح للإرهابيين باستعادة السيطرة على مناطق واسعة والقيام بهجمات ضد القوات الحكومية السورية». (في اشارة الى تقدم فصائل معارضة وإسلامية في ريف حماة وقرب حلب).