The Washington Post – ترجمة بلدي نيوز
تكثر الأسئلة حول كيف ومتى سيتم تنفيذ الهدنة السورية، والتي عمقت الشكوك بأن وقف إطلاق النار سوف ينجح، فيما تستمر في نفس الوقت الطائرات الروسية بقصفها المتواصل على الأراضي التي يسيطر عليها الثوار المناهضون للأسد.
من جهتها رحبت جماعات المعارضة السورية بالاتفاق “بحذر”، الذي توصلت إليه القوى العالمية في اجتماع عقد في ميونيخ، يوم الخميس، لكنهم قالوا أنهم قلقون لأن هذا الاتفاق ما يزال يسمح لروسيا بمواصلة الحملة الجوية ضد الجماعات الإرهابية كتنظيم “الدولة الإسلامية وجبهة النصرة”، ولكنه أيضاً يستهدف الجماعات الثورية المعتدلة.
الاتفاق يمثل أول محاولة لإحداث أي نوع من التوقف المؤقت للقتال منذ اتفاقية وقف إطلاق النار المدعومة من الأمم المتحدة عام 2012، والتي انهارت في غضون ساعات، وأعرب قادة العالم عن أملهم في أن هذا الاتفاق من شأنه أن يبشر ببداية النهاية للحرب المروعة.
ولكن العديد من التفاصيل الرئيسية لا تزال دون معالجة، بما في ذلك متى بالضبط سوف تبدأ الهدنة، ومن سيقوم بتنفيذها، وعما إذا كانت الفصائل على أرض المعركة ستقبل بالالتزام بها.
يقول إميل حكيم، محلل لشؤون الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن: “إن الاتفاق يحوي الكثير من الثغرات والنقاط الغامضة، وهو اتفاق تم لأسباب طارئة ولكنه يفتقر لأي بعد سياسي”.
كما أن السوريين ليسوا طرفاً في الاتفاق الذي تم التوصل اليه من قبل روسيا والولايات المتحدة والقوى الأوربية والشرق أوسطية الرئيسية، ومن ضمنهم المتنافستان المملكة العربية السعودية وإيران، وهما رعاة الفصائل على الأرض وداعميهم، ولكن الأمل أن هذا الجهد قد ينجح حيث فشل آخرون في وضع حد لإراقة الدماء.
ويدعو الاتفاق لوقف مؤقت للعمليات العسكرية يبدأ خلال أسبوع، وإيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة على جانبي الصراع واستئناف محادثات السلام المتوقفة في جنيف في وقت لاحق من هذا الشهر.
ولكن لغة التوقيت في الاتفاق غامضة، وحتى مساء الجمعة لم تكن هناك دلالات أكيدة بأن أحكام هذا الاتفاق ستكون موضع التنفيذ، وحذر وزير الخارجية الأمريكي “جون كيري” بقوله: “ما لدينا هنا هو حبر على ورق، وما نحن بحاجة إليه في الايام القليلة المقبلة هي أفعال على أرض الواقع”.
وقالت الجماعات الثورية السورية أنها ستجتمع خلال الأيام المقبلة لتحديد ما اذا كانت ستقبل الصفقة، ولكن لم يصدر أي رد فوري من الحكومة السورية التي قالت في الماضي أنها لن توافق على أي نوع من وقف إطلاق النار حتى يتم هزم “الإرهابيين” الذين يقاتلون للإطاحة ببشار الاسد.
وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية “فرانس برس” قبل ساعات من التوصل إلى الاتفاق، كان الأسد متحدياً، قائلاً أن هدف حكومته هو استعادة كل سوريا من “الإرهابيين” الذين استولوا على أجزاء عديدة من البلاد.
وقد أحيى ثقة الأسد التدخل الجوي الروسي منذ أيلول والذي عكس حظه المتهالك في سورية ومكنت الغارات الروسية القوات الموالية الحكومية من إحراز تقدم كبير ضد الثوار في عدة مناطق رئيسية، وكان آخرها في محيط مدينة حلب.
واستمرت تلك التطورات، يوم الجمعة، مع قصف الطائرات الحربية الروسية لمواقع متعددة في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك الريف الشمالي لحلب، لدعم هجومهم المستمر منذ 10 أيام، والذي يهدف إلى فرض الحصار على الجزء الذي يسيطر عليه الثوار من مدينة حلب.
ولكن الخوف يتملك سكان مناطق شمال حلب الذين تحملوا العبء الأكبر من حملة القصف المروع على مدينتهم، وذلك لأن اتفاق إطلاق النار لن يدخل حيز التنفيذ حتى أسبوع، يقول محمد النجار وهو من سكان بلدة “مارع”: ” في الوقت الذي سيتم فيه تنفيذ الاتفاق سيكون كل شيء هنا قد تدمر”.
وقال أنه انضم الى عشرات الآلاف من المدنيين النازحين باتجاه الحدود التركية، ولكن السلطات التركية منعتهم من دخول البلاد.
وتنبثق الكثير من الانتقادات بسبب الخلافات الطويلة الأمد بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن تحديد الفئات التي تعد إرهابية في سورية ومن لا تعد كذلك، ويقول مسؤولون أميركيون أن روسيا وجهت نحو 70 % من غاراتها الجوية ضد الجماعات الثورية المعتدلة، وبعض منهم تدعمها الولايات المتحدة، ولكن روسيا تدعي أنها تستهدف “الإرهابيين”.
وقال المقدم أحمد السعود قائد الجماعة الثورية، الفرقة 13 المدعومة من الولايات المتحدة: “الروس يستهدفوننا ونحن معارضة معتدلة ويقولون أننا “داعش”، وذكر كمثال، هجوم الروس على إحدى قواعد مجموعته شمال غرب إدلب في تشرين الأول، والذي أعلن مسؤولون عسكريون روس أنه هجوم على قاعدة لتنظيم الدولة الإسلامية”.
ويضيف السعود: “أمل أن ينجح الاتفاق فهذا من شانه إيقاف إراقة الدماء، ونحن نريد إيقاف النار للوصول لحل سياسي وليس أي وقف لإطلاق النار، نحتاج لمراقبة دولية لتنفيذ ذلك”.
وقال عصام الريس، المتحدث باسم الجبهة الجنوبية المدعومة من الولايات المتحدة، والتي فقدت أيضاً الكثير من المناطق بسبب قصف الروس قرب الحدود السورية مع الأردن، بأن التصعيد الأخير للحملة الجوية الروسية قد عمق الشكوك لدى الثوار من نوايا روسيا، وأضاف الريس: “حتى الآن روسيا لا تزال تقصف المدنيين والجماعات الثورية المعتدلة دون تمييز، ويقولون أنهم يقصفون الإرهابيين”، ولذلك “لم يعد لدينا ثقة بكلامهم”.
وقال المبعوث الخاص للأمم المتحدة الى سوريا، ستيفان دي ميستورا أن المنظمات الإنسانية تأمل في تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، داعياً إلى تسليم المساعدات الإنسانية خلال الأيام المقبلة “للمناطق المحاصرة، حيث يتضور الناس جوعاً حتى الموت”.
وينص الاتفاق الذي تم التوصل إليه الخميس، إلى “توصيل المساعدات بدءاً من هذا الأسبوع”، وهو ما يعني ضمناً أنها كان من المفترض أن تبدأ يوم السبت .