أن تجمع اشتاتاً متفرقين في قائمة تمثلهم وتدعوهم إلى فعالية محددة النتيجة، فهذا حهد يمكن أن يوصف بالحسن، ولكن من الهطل أن تسميه توحيداً.

فالتوحيد قبل ان تجسّده قائمة يجب أن يكون توحداً في الرؤية بخصوص القضية، إن لم يكن توحداً على تفاصيلها فإنه لا يكفي أن يكون على عموميات لا صلة لها بحيثياتها المتغيرة والسائلة

هذا أولاً

وثانياً لكي يكون للتوحد من اسمه نصيب فإنه يجب ان يضم أحياء، لا امواتاً إلا إذا كان المطلوب استجلاب جثث من أجل استخدام بصمتها على وثيقة كتبها آخرون.

الائتلاف الوطني جسد منهك، وهو في حالة عطالة منذ زمن ليس بالقصير، وديناميات عمله قد شلّت لأسباب عديدة لا يتسع المجال لذكرها ليس آخرها صلته الواهية بالأرض. والمكوّن الأكبر فيه وهو المجلس الوطني ميت سريرياً بإقرار أعضائه، ومعارضة الداخل ليست محلّ اعتبار من أصحاب القضية الأساسيين.

ربما مثل مؤتمر الرياض بالنسبة للمتفائلين به الصدمة الكهربائية التي تنعش قلب الميت موتاً سريرياً، ولكن هذا محلّ شك كبير لأن إجراءات الصدمة لا تأخذ بالاعتبار حالة المريض المتعينة.

هذه الحالة المتعينة التي لا نظن الصدمة ناجعة لها تتمثل في أن كل جزء من المعارضة ينزح من عمق أيديولوجي وسياسي مفارق للواقع من جهة بسبب انفصاله العملي عنه، ومفارق لعمق نظرائه من جهة أخرى.

وتتمثل أيضاً في فقدان الثقة بين ما يسمى بمعارضة الداخل ومعارضة الخارج وهو انعدام للثقة يشحن بشحنات قيمية لا صلة لها بالعمل السياسي.

وسمتها الأخرى أنها حالة بنية جامدة تصرّمت خمس سنوات من عمرها بدون أن تفلح في اجتراح أدوات مواكبة لجدلية الواقع المتقلب، وبدون القدرة على مقاربته. وعندما جرت محاولات للتجديد كانت بإرادة واملاء اقليميين لا صلة لهما بمصلحة المريض الحقيقية.

ليس اكتشافاً القول إن تغير الفعل يستحيل بدون تغير البنية. والبنية -بلا شك-متكلسة. وفعلها الخلاق بالتالي لا أفق واقعياً لتحققه.

الخصم قوي بدعم حلفائه الذين يملكون هدفاً محدداً لا لبس فيه، والمريض ضعيف بتشتّت داعميه، وعدم احترامهم له، ولا اكتراثهم بمصلحته.

مورس إبان التحضير لجنيف 2 شيء شبيه بالإرهاب الفكري، إذ وصف الرافضون له بافتقارهم للحصافة السياسية، ما اضطر بعضهم للموافقة لكيلا يوسم بهذه السمة. وهو تعبير صارخ عن فقدان تقة سياسيي المعارضة بقدراتهم السياسية.

وربما يكون لهذا العامل نفسه دور في تصفيق المصفقين لمؤتمر الرياض، ولكنه يضاف إلى عامل اخر هو الاندفاع القسري بسبب العجز عن الحركة لأي فعل بإرادة خارجية.

بصيص الأمل موجود في المشاركة في هذا المؤتمر، ولكن إذا استردّ المعارضون قدراً من استقلاليتهم وإرادتهم وثقتهم بأنفسهم، وهو امر صعب المنال ولكنه ليس مستحيلاً.