الخليج اونلاين-

إرسال المملكة العربية السعودية مقاتلاتها إلى قاعدة “إنجيرليك” العسكرية الواقعة جنوبي تركيا استعداداً لتدخل بري محتمل في سوريا، يدل على الفجوة العميقة بين الأحداث على أرض الواقع وبين “أمنيات وتوقعات” اتفاق ميونيخ الذي أعلنت بموجبه الولايات المتحدة نيّتها استخدام نفوذها لإجبار الأطراف المتنازعة على وقف “الأعمال العدائية” في سوريا.

الاستعداد السعودي لإرسال قوات برية خاصة إلى سوريا وعودة وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، لتأكيد موقف المملكة الذي لا يرى لبشار الأسد مكاناً في أي اتفاق مستقبلي حول سوريا، يعزز العلاقات الاستراتيجية مع تركيا التي تحولت لحليف هام في التحالف الإسلامي-السني الذي شكّلته السعودية. ويوجد لهذا التحالف ممثلون أصحاب ثقل كبير في سوريا؛ أي على شكل جماعات مقاتلة كبيرة ومدرّبة تعمل على قتال جيش الأسد.

في هذا السياق يقول المحلل الاستراتيجي لصحيفة “هآرتس” العبرية، تسبي بارئيل، إن النقاش حول التحرك السعودي ودول الخليج العسكري أصبح ساخناً. لكن هناك عدد من التفاصيل التي لا تزال غامضة مثل حجم المقاتلات التي أرسلت للقاعدة التركية، وعدد القوات البرية الخاصة الخليجية المشاركة في الحرب في سوريا، هذا إلى جانب تساؤلات حول أهداف هذه القوات والجبهات التي سيقاتلون فيها.

وهنا يذكر بارئيل دعم وزير الدفاع الأمريكي، آشتون كارتر، للقرار السعودي بإرسال قوات برية، وأوضح أن هذه القوات فقط ستعمل بالتنسيق مع الولايات المتحدة من أجل قتال تنظيم “الدولة” في منطقة الرقة وفي شمالي شرقي سوريا. وبحسب مسؤولين سعوديين فهذه القوات ستقدم الدعم والمساعدة للفصائل السورية في ساحة القتال، في حين صرّح وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن القوات التركية والسعودية قادرة على تنفيذ هجمات برية في سوريا.

وفي هذا السياق يذكر بارئيل أن العمليات البرية السعودية-التركية ضد تنظيم “الدولة” تستوجب التنسيق مع فصائل مسلحة أخرى فاعلة في الميدان، وخاصة المليشيات الكردية التي تعتبر قوة فعالة جداً ضد التنظيم في سوريا. بالطبع، تركيا لن ترى الفصائل الكردية شريكاً محتملاً، لكن بعيداً عن ذلك يرى بارئيل أن المشكلة الأساسية في القتال البري هي احتمال المواجهة المباشرة بين القوات السعودية وقوات الأسد والاحتكاك العسكري مع الجيش الروسي والقوات الإيرانية.

وبحسب الكاتب، على الرغم من أن سوريا هي دولة كبيرة من ناحية المساحة، إلا أن المساحات التي تدور فيها المعارك آخذة بالتقلص؛ ممّا يزيد من احتمال اندلاع حروب بين القوات الأجنبية. ويضيف أن الهدف الاستراتيجي السعودي-التركي هو إنهاء الاحتكار الروسي في سوريا، أو على الأقل تهديد روسيا سياسياً خاصة في ظل العلاقات التي تعززت مع السعودية في السنة الأخيرة.

ويرى بارئيل أن التقديرات السعودية قد تكون أن روسيا، بعد تدهور علاقتها مع تركيا، تهتم أكثر بالحفاظ على علاقتها مع السعودية كجزء من جهودها لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط على حساب الولايات المتحدة. من ناحية أخرى، فإن السلوك الوحشي الذي تتبعه روسيا، متجاهلة كل الضغوط الدولية حتى الآن، سيجعل من التدخل السعودي مقامرة؛ إذ إن المكاسب العسكرية والسياسية غير واضحة، كما أن استراتيجية الانسحاب من أرض المعركة إذا تعقدت المعطيات غير واضحة أيضاً.

– ميونيخ ووقف إطلاق النار… ضد من ستستمر الحرب؟

ويعلق تسبي بارئيل على نتائج اتفاق ميونيخ وموقف المعارضة السورية منه، قائلاً إن قيادة المعارضة السورية المسلحة صرّحت، نهاية الأسبوع الماضي، أن اتفاق ميونيخ يناقض كل التفاهمات التي تم التوصل إليها سابقاً مع قيادات المعارضة السورية، وخاصة ما يخص رفض المعارضة وقف إطلاق النار ما دام الأسد في السلطة. وبناء على ذلك، يستنتج بارئيل أنه من المتوقع ألّا يكون هناك شركاء لتطبيق مبادرة وقف إطلاق النار إذا ما تم الإعلان عنه، وأنها فشلت قبل الإعلان عنها.

وهنا يضيف بارئيل أنه حتى إن انضمت الجماعات المقاتلة إلى وقف إطلاق النار، فيظل من غير الواضح المقصد من وقف الإطلاق والمناطق التي يشملها، وضد من سوف تستمر المعركة، وما هو مستقبل الضربات الجوية الروسية والتحالف الدولي، هذا إلى جانب تساؤلات حول العمليات السعودية-التركية التي على وشك البدء.

فظاهرياً، ستستمر الحرب ضد جبهة النصرة وتنظيم “الدولة”، لكن من غير الواضح إن كان القتال سيستمر أيضاً ضد فصائل تابعة للمعارضة مثل أحرار الشام وجيش الإسلام، وإن كانت تركيا ستتابع الهجمات على القواعد العسكرية التابعة للأكراد في سوريا، كما يطرح تساؤلاً إن كان وقف إطلاق النار سوف يحد من الدعم الجوي الروسي لجيش الأسد الذي يسعى للسيطرة على حلب.