دمشق – محمد القاسم: كلنا شركاء

بات كلّ من يتجوّل في شوارع وأسواق دمشق يلاحظ انتشار ظاهرة غريبة على سكان العاصمة، وهي إدارة النساء للمحال التجارية بدل الرجال، نتيجة سوق الآلاف من الرجال للخدمة الاحتياطية لدى قوات النظام، أو اختبائهم هرباً من حملات التجنيد التي تهدد 80 ألف شاب في دمشق وريفها.

ففي حي الميدان الدمشقي وفي غيره من أحياء دمشق، مئات النساء هي التي تقوم بفتح محال أزواجهم او آبائهم الذين هم في سن الاحتياط، بعد أن ساقتهم فوات النظام لخدمتها خلال الحملة الكبيرة التي قامت بها في الشهر الفائت.

وتعتبر ظاهرة افتتاح النساء لمحال بيع الخضار والفواكه أو بعض المحال التي تقوم ببيع الحلويات والكاتو ظاهرة غريبة ولم يعتد عليها أهل الشام، إلا أن هذه الظروف أرغمتهم على فعل هذا، فعند اعتقال الشباب أو الاشخاص المسؤولين عن عوائل صغيرة كانت أم كبيرة تضطر النساء للعمل عوضاً عن ازواجهن الذين تم الزج بهم على جبهات القتال ضد كتائب الثوار رغماً عنهم.

وفي لقاء لـ “كلنا شركاء” مع السيدة ( ر.ا ) قالت إنها أرغمت على فتح محل زوجها بعد اعتقاله منذ ثلاثة أسابيع أثناء عودته إلى المنزل من قبل حاجز طيار دمر حياتها وجوّع أطفالها على حدّ وصفها، “فلم يعد لدي خيار آخر، إما أن نستدين من الناس أو نتسول أو نبيع أثاث المنزل لكي نعيش ونكمل حياتنا”.

وفي أحد أحياء دمشق صادف مراسل “كلتا شركاء” عائلة ألقيت مفروشاتهم وأمتعنهم على الرصيف بالقرب من حديقة، لأنها لم يعد لديها أموال لدفع الآجار الشهري للمنزل الذي يقطنوه، بعد أن قامت قوات النظام باعتقال رب الأسرة، ولم يُعرف عنه شيء حتى الآن ولم يعد لديهم من يصرف عليهم، وقد قام صاحب المنزل بإخراجهم بعد الصبر عليهم لعدة أشهر، هذه الحالة والكثير من الحالات التي نراها يومياً في دمشق قصص تقشعر لها الابدان من ظلم وقهر تعرضت له الناس من هذا النظام.

وفي لقاء مع الناشط عدنان الكاتب أكد لـ “كلنا شركاء” أن حملات الدهم والاعتقال طالت المراكز التعليمية، حيث قامت قوات النظام قامت بمداهمة العديد من المعاهد الدراسية داخل مدينة دمشق واعتقلت العديد من الطلاب لخدمة الاحتياط، وقامت أيضا باعتقال أكثر من خمسة من مدرسي المعاهد في العاصمة، ومن المعاهد الخاصة التي تمت مداهمتها معهد (نيو هورايزون) الشهير في شارع بغداد، حيث تم تفتيش القاعات وتدقيق جميع أسماء الطلاب والمدرسين المتواجدين داخل المعهد واعتقال البعض منهم.

وعلى أبواب المساجد أيضاً نصبت قوات النظام حواجزها ومنها مسجد الشيخ محي الدين في حي ركن الدين، ودققت بهويات جميع المصلين، وعلى صعيد الموظفين الحكوميين فهناك فراغ كبير وملحوظ داخل الدوائر الحكومية بعد تغيب الكثير منهم بسبب الاعتقال أو الاختباء أو الهروب خارج البلاد.

فيما قامت قوات النظام وشبيحته بمداهمة سوق الهال بعد تطويقه بحثاً عن شبان بأعمار الخدمة الاحتياطية، وقاموا في الايام القليلة الماضية بإغلاق منطقة الحريقة والشوارع الفرعية المؤدية لها، وشنت حملة تفتيش على المحال التجارية وطلبت البطاقات الشخصية للشباب.

وتجاوزت حملات الاعتقال بهدف التجنيد حدود العاصمة دمشق إلى المدن والبلدات من ريفها الخاضعة لسيطرة النظام، كمدن يبرود والنبك والكسوة والعديد من المناطق الأخرى وسط استياء كبير من الأهالي.

وشملت حملات الدهم أيضاً مراكز شركة “سيريتل” للاتصالات، بحثاً عن شبان بأعمار الخدمة الاحتياطية واعتقلت عدداً من الموظفين، حسب ناشطين.

وذكرت بعض المصادر أن أعداد المطلوبين للاحتياط في دمشق وريفها بلغ أكثر من 80 ألف، ألقي القبض على أكثر من 16 ألف منهم بين دمشق وريفها، وسيقوا إلى جبهات الساحل وكسب وريف حماة والعديد من الجبهات الأخرى.