ماكسيم سوتشوف-ناشيونال انترست: ترجمة مرقاب

تزايد نشاط موسكو في الشرق الأوسط في السنوت الأخيرة، وجاء تدخلها في سوريا مفاجئا للعديدين، لكن هل غير تدخلها قواعد اللعبة على الأرض؟ هذا الموضوع محل جدل، ومع ذلك فقد حقق تدخل موسكو في سوريا هدفين هامين من الناحية السياسية.

أولاً، أجبر التدخل الروسي الجميع على اعتبار روسيا شريكة بالعملية السياسية، وثانيا فقد أجبرت النخب الغربية على إعادة التفكير بشأن الأسد، ولا سيما عندما يتعارض وجوده مع التهديد المتزايد بسرعة من تنظيم الدولة الإسلامية، كما بات واضحا أن إشراك روسيا أفضل من تهميشها سياسيا وعملياتيا.

قد يكون التنفيذ العملي لعملية الانتقال السياسي مستحيلا. ومع ذلك، فنية موسكو لإنهاء الصراع في المجال السياسي في أقرب وقت ممكن تبدو حقيقية ومفهومة. فانهاء الصراع عسكريا سيكون مكلفا سياسيا ويتطلب المغامرة، وخصوصا عندما تعمل روسيا بمفردها.

وتبدو طهران وبغداد شريكتين تكتيكيتين لروسيا حتى أبعد مدى في سوريا. ولكن قراءة ما بين السطور توحي بأن موسكو ليست مستعدة لتقديم التزامات أمنية طويلة الأمد في سوريا دون مكاسب واضحة. كما أنها لا تريد أن تتورط في المشاحنات الإقليمية، على الرغم من أن ما يحدث الآن يوحي بعكس ذلك تماما.

لا تبحث موسكو عن استراتيجية خروج لحفظ ماء الوجه في هذه المرحلة، وإنما عن استراتيجية من شأنها أن تظهرها بمظهر المنتصر. من المرجح أن تدفع موسكو باتجاه عملية انتقالية يكون لها فيها نفس الوزن مع واشنطن، وتكون فيها أفكارها قابلة للسماع والتطبيق. وإذا استمر المستوى الحالي من التعاون المحدود بين موسكو وواشنطن، ولم ير الكرملين تغييرا في حالة الاتزان القائمة فمن المرجح أن تصبح روسيا أكثر تعاونا، بما في ذلك في المسائل المتعلقة برحيل الأسد.

إن الطبيعة المعقدة للصراع والمنطقة تترك مساحة واسعة لتطورات غير متوقعة يمكن أن تجعل الموقف الروسي معقدا أكثر. والخلاف السعودي الإيراني الأخير مثال لذلك، والذي يرجح خلافا للتوقعات أن تتخذ روسيا فيه موقفا محايدا، فبالرغم من لهجة الإدانة القوية لإعدام الشيخ نمر النمر فمن المقلق لروسيا أن يحدث بينها وبين واشنطن افتراق كبير وعدم توافق وتنسيق مما سيكون له عواقب خطيرة.

ومع التركيز على الطبيعة السنية-الشيعية للصراع في المنطقة سيكسب تنظيم الدولة فترة راحة بعد الضربات التي تلقاها مؤخرا.

على جانب آخر ستستمر طهران وموسكو بالتشارك في التحالفات والخصومات. أما علاقة روسيا مع تركيا فستستمر بالتدهور مما قد يفسد التسوية مع الولايات المتحدة في سوريا. وقد تقوم تركيا بإجراءات وحيدة الجانب قرب الحدود ووهو ما ستستعد روسيا له من الآن فصاعدا.

وعلى الأرجح ستستعيد روسيا علاقاتها مع مصر، ومن بين أهداف ذلك رغبة روسيا باستعادة صورتها لدى الدول السنية، حيث أنها تبدو كدولة مناصرة للشيعة فقط منذ تدخلها في سوريا.

وغالبا ما ستعمل روسيا مع إسرائيل عبر مجال واسع من أجندة الأمن الإقليمي، وذلك على أساس التعاون ضد الجماعات المتطرفة السنية والعمل على التسوية السلمية السورية، مع الحفاظ على اتصالاتهما بعيداً عن الأضواء إلى حد ما.

ولعمليات روسيا في سوريا غايات أوسع ترمي إلى تحققق أهداف روسيا الإقليمية وقد أظهرت ثلاثة أشهر من العمليات أن موسكو تؤثر مصلحتها على المصلحة الدولية.