كشفت صحيفة «الرأي» الكويتية أن دولة خليجية تقود تحركا دوليا لإبقاء بشار الأسد على رأس سدة الحكم بسوريا في إطار تسوية سياسية يتم “طبخها” حاليا، فيما أكد مغردون وناشطون على موقع “تويتر” أن الدولة المعنية هي الإمارات التي تحتفظ بعلاقات قوية مع النظام السوري وتدعمه.

وقالت الصحيفة، إنه بعدما بدا أن روسيا قدمت مبادرة ديبلوماسية جديدة تقضي بالتوصل إلى حل في سوريا يترافق مع خروج الرئيس السوري بشار الأسد من الحكم، وبقاء نظامه، ودخول النظام في تحالف مع المعارضة لمواجهة المجموعات المتطرفة والقضاء عليها، يبدو أن الجديد في المواقف لن يأتي من موسكو، بل من واشنطن، التي صارت تبدي استعدادا أكبر لقبول تسوية تترافق مع بقاء الأسد، تحت ضغط لوبيات مقربة من دولة خليجية تنشط في العاصمة الأمريكية منذ سنتين.

وأشارت إلى أنه في هذا السياق، يأتي لقاء المعارضة السورية، بشقيها الخارجي والداخلي، في مصر، التي تدعم حكومتها السيناريو الروسي -الخليجي القديم – الجديد.

وأوضحت أن فرانك ويزنر السفير الأمريكي السابق في القاهرة، وهو يعمل في شركة لوبي «باتون بوغز» وينسق عن كثب مع دولة خليجية “الإمارات” في فبراير 2011، أقنع ويزنر إدارة الرئيس باراك أوباما أن بإمكانه «التوصل إلى حل» مع الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وبعد زيارته القاهرة ولقائه الرئيس السابق، خرج ويزنر ليقول أن الحل يكمن في مرحلة مصرية انتقالية تتطلب بقاء مبارك في الحكم وتتم تحت إشرافه.

وأشارت إلى أنه على الفور، تبرأت إدارة أوباما من ويزنر، الذي عاد في وقت لاحق ليحشد التأييد للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في المرحلة التي سبقت توليه الحكم في مصر.

ومع ان ويزنر مختص بالشأن المصري ويعمل بإيعاز من دولة خليجية “الإمارات” حسبما تظهر وثائق معاملات اللوبي التي قدمتها شركته للحكومة، إلا انه كان لافتا جدا أن السفير الأمريكي السابق قام بنشر مقالة في صحيفة «ذا دايلي بيست»، في يناير الماضي، علّق فيها على مجريات مؤتمر «جنيف – 2»، المنعقد في حينه للنظر في الأزمة السورية، حيث اعتبر أن المؤتمر مصيره الفشل، وان الإدارة الأمريكية كانت تعرف ذلك سلفا.

ولذا – طبقا للصحيفة – اقترح ويزنر على إدارة أوباما أن تقوم «بإعادة تعريف الأهداف الأمريكية في سوريا»، معتبرا أن «الهدف الأول والمفتاح هو العمل على دعم التعاون بين نظام الأسد والثوار المعتدلين ضد التطرف الجهادي، وهو الخطر الأكبر على كل السوريين والجوار».

وأشارت إلى أن هذا الشق من الاقتراح، أي تعاون النظام والمعارضة المعتدلة ضد المجموعات المتطرفة، لا يختلف عن موقف الحكومة الأمريكية ورؤيتها للحل السوري،

لكن ما يختلف عن رؤية أوباما حول الحل السوري، مما ورد في مقالة ويزنر، يكمن في قوله التالي: «يجب ان يكون هناك ترتيب عمل بين السوريين المعتدلين وحكومة الأسد، حتى لو تضمن ذلك الأسد، على الأقل في الوقت الراهن».

وقالت الصحيفة أن بقاء الأسد الذي دعا اليه ويزنر يختلف تماما عن مواقف أمريكا والسعودية والمعارضة السورية المعتدلة، ويتطابق تماما مع مواقف روسيا وإيران والأسد نفسه.

وكتب ويزنر انه «من شأن هذا الهدف الجديد أن يخدم الأولوية الأمريكية الثانية القاضية بإقامة مناطق إنسانية»، متابعا: أن أيا من الهدفين الأمريكيين «لا يتطلبان تسوية سياسية سابقة لأوانها في جنيف حول أي حكومة مؤقتة أو مستقبلية»، أي أن لا ضير البحث في القضاء على الإرهاب والشأن الإنساني من دون البحث في مصير الأسد.

وأضافت أن الولايات المتحدة بدأت بتطبيق وصية ويزنر، على الأقل في شقها الثاني الإنساني، وهو ما يقع في صلب نشاط مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا سيتفان دي ميستورا، الذي قدم خطة تقضي بـ «تجميد القتال» في المناطق السورية والسماح بمرور قوافل الإغاثة الإنسانية.

وعمل دي ميستورا يتم بتنسيق مباشر مع «مجلس الأمن القومي» الأمريكي، وخصوصا «كبير المدراء للخليج الفارسي» روبرت مالي، صديق الأسد الذي التقاه مرارا في دمشق قبل العام 2011. ومالي، المعين في منصبه في فبراير الماضي، تحول فجأة إلى مسؤول الملف السوري الأرفع في العاصمة الأميركية، وهو شارك قبل أسبوعين في لقاء وفدي أمريكا وإيران النوويين في جنيف، بما يشي أن اللقاء لم يتناول الشؤون النووية، بل تركز حول شؤون الشرق الأوسط، وخصوصا سوريا.

ومنذ عودة مالي من لقاء الإيرانيين، تزايد نشاط ديبلوماسية موسكو، التي نجحت في إقناع المعارضة السورية بما صار يسمى «المبادرة الروسية»، فيما اقنعت الدولة الخليجية “الإمارات” حليفتها مصر باستضافة المعارضة للخروج بموقف موحد لتقديمه في «مؤتمر موسكو» المزمع عقده.

ومع أن مسؤولين في وزارة الخارجية الأمريكية أكدوا مرارا أن خروج الأسد سيكون في صلب أي اتفاق في موسكو، الا انه يبدو ان الخارجية باتت كالزوج المخدوع، تتحدث عن سيناريو ما، فيما مالي وصحبه يعملون على سيناريو مختلف يسمح للأسد بالبقاء في الحكم ويجبر المعارضة على الدخول في تسوية معه تكون، في الغالب، بمثابة تنازل منها لبقائه.

وأكدت الصحيفة الكويتية أن السعودية وحدها ما زالت تعارض سيناريو بقاء الأسد وتصر على ان أي تحالف بين المعارضة المعتدلة والنظام يجب أن يتم شرط خروجه من الحكم، وتساءلت لكن هل تنجح السعودية في وقف المد الدولي – العربي الماضي في تبني وجهة نظر الأسد في «مؤتمر موسكو» بعد عام على إصرار الأسد على تمسكه بخطته في «مؤتمر جنيف»؟