عبد الحفيظ الحافظ
أنا باقٍ ، لن أغادر حمص/الوعر ، حمص العدية ، مدينة جوليانا أم الأباطرة ، وزنوبيا ملكة تدمر عاصمة الصحراء ، حمص مدينة خالد بن الوليد ، والشهيد الأب فرانس ، فأرواح شهدائها تطوف في سمائها من : هادي الجندي وجمال الفتوة ومظهر طيارة وعلي العيسى وخالد المبارك وخالد الحافظ ، وغسان عبد الصمد ؟، قائمة شهداء عاصمة الثورة طويلة … حمص حي باب السباع الذي ولدت فيه ، وأحياؤها الأخرى من حي الوعر غرباً إلى الغوطة والحميدية والزهراء شرقاً ، في كل منها لي أخوةٌ وأصدقاء ورفاق درب .
حمص عشيقتي الأجمل التي سكنها التاريخ ، وعشش فيها عبقه ، في أسواقها وحماماتها ومساجدها وكنائسها العتيقة .
حمص/الوعر عرفته في بداية الستينات معلماً ، عشت بين أهله الطيبين ، وسكنته عام 19700 ، فله دين برقبتي , ولي فيه أخوة وأحبة وأصدقاء .
مع السلامة يا أخوتي الذين فرض عليكم التهجير القسري ، ولمن يرغب بالخروج ، وأهلاً وألف تحيةٍ بمن اختار البقاء ، أما أنا فلن أخون صاحبي ، فلم أسعَ منذ عام 2003 للحصول على جواز سفر ، فقد قررت مع فجر ربيع دمشق عام 2000 البقاء ، لن أغادر وطني الحبيب سورية ومدينتي وحي الوعر ، الأجمل ، عشيقة روحي وسيدة مدن العالم .
يا صاح :
لا تلم كفي إذا السيف نبا صح العزم مني والدهر أبى
أمست حمص خراباً ، أبكيها قلباً قبل العينين ، لكننا بعون الله سنبنيها ؟، ونعيد الاندماج المجتمعي الذي يتشظى الآن .
حياة الحوراء ، الزوجة والصديقة تقف بجانبي تشد من أزري. يا أخت مريم وفاطمة وخولة والخنساء ، يارفيقة الدرب الحنون والأحب ، إذا رغبتِ بالخروج سأحترم قرارك ، ترافقك السلامة وترعاك العناية السماوية ، وإذا اخترت البقاء سأصونك داخل عيني .
دعينا يا صديقتي ننتظر خروج المعتقلين من السجون والأقبية على ضفاف اللهفة ، لنقبل كل فرد منهم ونقول له : الحمد لله على سلامتكم ، وتغمد الله برحمته الشهداء منكم .
تعالوا يا أبناء حمص/ الوعر الكرام ، الذين صبرتم على جور الحصار وشدة الحرب صبر أيوب ونيف طيلة خمس سموات ، تعالوا يا أخوتي لنعلن البقاء في بقايا أبنيتنا في حي الوعر وهو الأقرب لحمص ، الوعر ذو النسيم العليل ، لنبني الحي من جديد بوجودنا ، ونعيد المدارس لتدفع الى الجامعات النوابغ والمتفوقين ، فالكرامة والحرية في البقاء ، ولتذهب الهدن والاتفاقيات إلى الجحيم ، فالحل السياسي الشامل لسورية آت ، آت ، تعالوا أيها الأحبة المقيمون في حمص/الوعر لنحضن الحي ، وليحضننا جميعاً ، فأبناء حمص عصاةٌ على غدر الزمن والدول كالعاصي الذي يتجه وحيداً نحو الشمال منذ الأزل .
أنا باق ، لن أغادر مدينتي التي أحب حمص/الوعر ، فالأوطان هي الباقية ، والشعوب هي الأصل ، أما الحكام هم الذاهبون والآفلون .
عاشت سورية موحدة حرة أبية ذات سيادة .
حمص 14/3/2017