فوكس نيوز: ترجمة السورية نت

لم يُدع الشخص الأساسي في حل المأساة السورية إلى فيينا. فالرئيس السوري بشار الأسد بقي في دمشق في حين تجمع ممثلون لـ17 دولة، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي في العاصمة النمساوية لمناقشة مصير بلاده.

ولوهلة، بدا أن هؤلاء الذين اجتمعوا يوم الجمعة الماضي قد أدركوا الحاجة الملحة لوضع استراتيجية دولية منسقة لإنهاء الحرب التي دمرت بلداً بأكمله، مع تداعيات استثنائية خارج حدودها.

والدول التي كانت حاضرة هي مجموعة P5+1 (الولايات المتحدة والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا) وهي المجموعة التي أتمت الصفقة مع إيران بشأن برنامجها النووي الحالي. وكذلك إيران والدول العربية (العراق والأردن ولبنان وسلطنة عمان والسعودية والإمارات العربية المتحدة) التي لديها حصص مباشرة في نتائج الصراع السوري.

ولكن بعد سبع ساعات من المحادثات تحول اللقاء ليكون رمزياً في المقام الأول. وقدم بلاغ يحاول نقل درجة من التقدم على الأقل، وجهة نظر مجمعة على أن “الشعب السوري هو من سيقرر مستقبل سورية”، وأن الأمم المتحدة سوف تسهل عملية وقف إطلاق النار وكذلك عملية سياسية لاستعادة الاستقرار وإعادة إعمار البلاد.

حظاً سعيداً في هذا. فمبعوث الأمم المتحدة إلى سورية، ستيفان دي مستورا، واجه بالفعل نفس الإحباط مع الأسد الذي دفع سلفيه، كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي، إلى الاستقالة في حالة من اليأس. فالأسد، طبيب العيون الذي تحول إلى ديكتاتور، لم يكن أبداً زعيماً منفتحاً على الحوار مع المعارضين.

الصراع قد زاد فقط من شهيته للسيطرة والتدمير، مما أدى إلى مقتل أكثر من 300,000 شخص ووجود ملايين اللاجئين، مع المزيد من القتلى والفارين كل يوم.

حتى أثناء حدوث المحادثات في فيينا، أظهر نظام الأسد شره مرة أخرى مع الهجوم الجوي المميت الذي استهدف ريف دمشق، ليس بعيداً عن موقع الهجوم بالأسلحة الكيميائية الذي قام به في عام 2013 وأفلت من العقاب.

نادراً ما يترك الأسد ملاذه دمشق ليسافر داخل بلده، وسافر خارجاً مرة واحدة فقط منذ بدء النزاع في آذار عام 2011. وهذا حدث في الشهر الماضي عندما رحب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالأسد في موسكو بعد تدخل القوات الروسية في سورية لدعمه بوقت قصير.

رحلته الأولى كان يجب أن تكون إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، حيث يُجبر على قبول المسؤولية على جرائمه ضد الإنسانية. ولكن، موسكو منعت مجلس الأمن الدولي من إحالة الأسد إلى المحكمة الجنائية الدولية، تماماً كما أعاقت أي خطوة أخرى ذات معنى للمجلس فيما يتعلق بالصراع.

وبشكل لا يصدق، فالبيان الرسمي الذي انبثق عن محادثات فيينا لم يذكر الأسد حتى. من المهم أن نتذكر أن هذه الكارثة الإنسانية بدأت قبل 55 شهراً وليس بسبب قوى خارجية. ولكن، تم تفجيرها بسبب رد فعل نظام قاس وحشي على تلاميذ مدارس كتبوا شعارات مناهضة للأسد – والتي استوحوها من احتجاجات الربيع العربي في المنطقة – حيث قام باعتقالهم وتعذيبهم.

تلك الحقيقة، والتي هي حرجة للغاية لفهم جذور الصراع والسبب الذي يجب خلع الأسد من أجله، تم تهميشها إلى حد كبير نتيجة للتركيز على مكافحة “الدولة الإسلامية”. وحول هذه القضية كان هناك اتفاق في فيينا: فقد ذكر البيان “يجب هزيمة داعش”.

ولكن كيف يمكن محاربة داعش بفعالية وبطريقة منسقة قبل معالجة النزاع الأصلي في سورية أولاً؟ فبعد كل شيء ظهرت داعش في خضم الفوضى التي أنشأها القصف الوحشي لنظام الأسد والتدمير للمدن والبلدات السورية.

روسيا تنفذ مهمات قصف ظاهرية على داعش، والولايات المتحدة سترسل 50 “مستشاراً” عسكرياً لتقديم المساعدة البرية للسوريين. لكن التركيز المفرد على داعش يحول الانتباه بعيداً عن الأسد.

من دون معالجة دور الأسد في الأزمة والتخطيط لقيادة بديلة، سوف يكون من الصعب تنظيم الوحدة اللازمة لطرده واستبداله، وإنشاء درجة من الاستقرار في تلك المناطق من سورية التي لا تقع تحت سيطرة داعش، وكلها شروط أساسية لإيقاف شيطان الإرهاب ذاك.

لقد كانت الإدارة الأمريكية محقة منذ عدة سنوات في مطالبة الأسد بالتنحي. وينبغي التأكيد مجدداً على هذا الطلب الآن بنشاط متجدد والضغط على موسكو بقوة، وكذلك على طهران.

لإنقاذ سورية بأي شكل من الأشكال، يجب على الأسد أن يرحل.