لندن، موسكو، عمان، بيروت – «الحياة»، رويترز
شن الطيران السوري عشرات الغارات على الأحياء الشرقية لدمشق بهدف وقف تقدم فصائل معارضة وإسلامية بينها «هيئة تحرير الشام» التي تضم «فتح الشام» («النصرة» سابقاً) لدى إعلانها أمس بدء المرحلة الثانية من هجوم يستهدف العاصمة. وتعرضت مدينة القرداحة مسقط عائلة الرئيس بشار الأسد لقصف من فصائل معارضة. وجاء التطوران قبل بدء جولة جديدة من مفاوضات جنيف غداً، التي يستبقها المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بزيارتين إلى موسكو وأنقرة (للمزيد).
وقال وائل علوان الناطق باسم «فيلق الرحمن» إحدى الجماعات الرئيسية المشاركة في الهجوم على أحياء دمشق: «بدأنا الساعة 5 صباحاً (أمس) المرحلة الثانية واستعدنا كل النقاط التي انسحبنا منها (أول من) أمس». وذكر مصدر في القوات النظامية أن عناصر المعارضة فجّروا سيارة ملغومة في بداية الهجوم ودخلوا المنطقة «من جيب ضيق في منطقة الخرق، والآن يتم التعامل مع هذه المجموعة» بعد محاصرتها.
وشنت جماعات المعارضة المسلحة الهجوم من معقلها في الغوطة الشرقية التي تقع إلى الشرق من العاصمة. ويتركز القتال حول منطقة العباسيين في حي جوبر شمال شرقي دمشق الواقع على بعد نحو كيلومترين شرق أسوار البلدة القديمة على تقاطع طرق رئيسي يؤدي إلى العاصمة. وسمع أحد السكان قرب المنطقة انفجارات منذ الخامسة صباحاً تقريباً أعقبتها اشتباكات وأزيز طائرات.
وقال علوان: «أطلقنا هجوماً جديداً واستعدنا كل النقاط التي انسحبنا منها. سيطرنا نارياً على كراج العباسيين وبدأنا اقتحامه». وكراج العباسيين محطة رئيسية للحافلات. وبثت «هيئة تحرير الشام» فيديو لطائرة استطلاع صوّرت مناطق المعارك، فيما بثت «أحرار الشام» فيديو آخر لسيطرة عناصرها على مصنع النسيج شرق دمشق. وأعلن «فيلق الرحمن» في بيان، التزامَه «قانون النزاعات المسلحة وجميع الأعراف الدولية المتعلقة بالمعارك، وعلى رأسها تحييد البعثات الديبلوماسية ودور العبادة في المعارك الجارية في دمشق».
من جهة أخرى، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن الطيران السوري شن ما لا يقل عن 143 ضربة جوية على مناطق خاضعة للمعارضة شرق دمشق، مستهدفاً في الأساس حي جوبر منذ أن بدأ المعارضون هجومهم، و «ترافقت هذه الغارات مع عمليات قصف مكثف بنحو 500 قذيفة مدفعية وصاروخية» أطلقتها القوات النظامية منذ فجر الأحد.
وتأتي هذه الهجمات والمعارك بعد 17 يوماً من فشل واحدة من أكبر العمليات العسكرية التي كانت ستشهدها العاصمة، إثر تحضر الفصائل لتنفيذ هجوم من محور برزة نحو مداخل مدينة دمشق، قبل أن يعمد لواء عامل في برزة إلى إفشال الهجوم عبر إبلاغ حواجز القوات النظامية بوجود آلاف المسلحين داخل الحي يستعدون لبدء أعمال عسكرية.
وأفاد «المرصد السوري» بـ «سماع دوي انفجارات في منطقة القرداحة» ناجمة عن سقوط قذائف صاروخية على مناطق في محيط المدينة والأراضي المحيطة بها. وأشار ناشطون معارضون إلى أن القصف استهدف تجمعاً لمسؤولين في القوات النظامية. كما أفادوا بأن «هيئة تحرير الشام» بدأت معركة في ريف حماة بتفجير عربة قرب القوات النظامية في قرية صوران وسط البلاد.
ويجري دي ميستورا محادثات في موسكو اليوم قبل زيارته أنقرة تمهيداً لمفاوضات جنيف بين وفدي الحكومة والمعارضة. وأكدت الناطقة باسم دي ميستورا ليساندرا فيلوتشي، في إفادة صحافية في مقر الأمم المتحدة بجنيف، أن دي ميستورا سيتغيب عن جلسة افتتاح جولة المفاوضات التي سيديرها نائبه رمزي عز الدين رمزي، لكنها نقلت عن المبعوث الدولي أن المفاوضات ستتم في موعدها المحدد، وأن «كل الأطراف أكدت مشاركتها». ولفتت إلى أن دي ميستورا حض الأطراف السورية على «الاستعداد لمشاركة بناءة وموضوعية» في جولة «جنيف 5» التي ينتظر أن تتواصل حتى مطلع الشهر المقبل.
وقالت مصادر ديبلوماسية في موسكو لـ «الحياة»، إن روسيا «ليست راضية تماماً» عن الآلية التي تم بموجبها توجيه الدعوات، وأن أطرافاً مهمة لا تزال غائبة عن المفاوضات. وعلى رغم ذلك، أشارت المصادر إلى أهمية دفع جهود دي ميستورا المحافظة على زخم عملية المفاوضات التي «بدأت منذ الجولة الماضية تتخذ طابعاً عملياً، بفضل نجاح مسار آستانة وصمود وقف النار في سورية».
بالتزامن، أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أن «الهدنة في سورية لا تزال قائمة على رغم محاولات نسفها». وشدد بوغدانوف في حديث إلى وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية أمس، على أنه «لا يوجد بديل لوقف النار والتسوية السياسية للأزمة في سورية».