زاد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) من مبيعات النفط والغاز إلى نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وفقاً لمسؤولين أميركيين وأوروبيين، موفّرين الوقود شديد الأهمية للحكومة في مقابل النقود التي يحتاجها التنظيم بشدّة.
تساعد مبيعات النظام في تثبيت تنظيم داعش في مواجهة الضغط العسكري غير المسبوق على الجماعة المسلحة في سوريا والعراق. وكذلك تساعد الجماعة على الرغم من إصرار النظام على تكريس كل الجهود لإزالة الجماعة المسلحة بمساعدة حليفيه الأبرز، روسيا وإيران.
وقال المسؤولون إن مبيعات النفط والغاز لنظام الأسد هي الآن أكبر مصدر تمويل لتنظيم داعش، مستبدلة العوائد التي جمعها التنظيم سابقاً من رسوم نقل البضائع والضرائب على الأجور داخل مناطق سيطرته. وتأتي معلوماتهم من مراقبة طرق تهريب النفط عن طريق الشاحنات، التي تغيرت من توصيل النفط لتركيا والعراق، إلى نقله إلى النظام السوري.
عموس هوكشتاين، المسؤول بوزارة الخارجية الأميركية، قال إن “أرباح داعش وإنتاجه للطاقة يدعمها حالياً النظام السوري”، وفق ما نقل تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.
وتُظهر مبيعات داعش من موارد الطاقة إلى النظام السوري التحالفات المتغيّرة، والمربكة أحياناً، التي ميّزت الحرب التي دامت لقرابة ستة أعوام في سوريا.
ووفقاً لمسؤول غربي، وجد داعش متنفسّه من الضربات الجوية الأميركية التي تستهدف عمليات تهريب النفط في مناطق وسط سوريا وغربها، حيث يتمتع الجيش الروسي بتواجد جوي كثيف. وأضاف المسؤول أن التنظيم استهدافه أصعب في سوريا لأن جيوب المناطق التي يسيطر عليها أصغر.
ورغم أن تنظيم داعش هدفٌ معتاد لتصريحات الأسد ضد الإرهاب، فإن حكومته تعتمد على الجماعة المسلحة في توفير النفط والغاز الطبيعي، وفقاً لمسؤول أوروبي بهيئات مكافحة الإرهاب، لدرجة أن العاصمة السورية دمشق “تعتمد في جزءٍ من كبيرٍ من عمليات توليد الطاقة على الغاز المُنتَج في منطقة سيطرة داعش بتدمر”، على حد قوله.
تأخر في الدفع
وقال مسؤولون غربيون إن نظام الأسد تأخر على التنظيم في دفع تكاليف شحنات الغاز. وأضافوا إنهم يشكون في أن داعش فجّر حقل غازٍ سوري منفصل يوم الثامن من يناير/كانون الثاني بهدف إرسال رسالة تُطالب بالدفع.
هوكشتاين، الذي يُشرف على الجهود الأميركية لعرقلة تجارة التنظيم في موارد الطاقة، يقول إن “هذا لا يُظهر فقط درجة التعاملات التجارية بين الكيانين (النظام وداعش)، وإنما أيضاً وحشية هذا النوع من التعاملات”.
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب كان قد قال إن حملة الولايات المتّحدة الهادفة إلى تدمير داعش يجب أن تكون لها الأولوية عن إسقاط الأسد، وأشار إلى أن هذا ربما يعني الانضمام إلى روسيا والحكومة السورية في التنفيذ.
وقال هوكشتاين إن مرفق غاز الأكرم، الواقع بين مدينتي تدمر والرقة السوريتين والذي يستخدمه داعش “ينبغي النظر في إغلاقه” من قبل إدارة ترامب.
وقد استولى التنظيم على عددٍ من حقول النفط ومرافق الغاز السورية والعراقية بعد استيلائها على أغلب مناطق شمال العراق وأجزاء كبيرة من سوريا في 2014. استمرت الجماعة في بيع النفط إلى المشترين السوريين والعراقيين، ومن ضمنهم نظام الأسد، لتُدر حوالي مليون دولار في اليوم.
وقد انخفضت هذه الكمية بسبب القصف الجوي المستمرّ من قبل روسيا والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتّحدة والعمليات البرية ضد الدولة الإسلامية في سوريا والعراق.
داعش والموصل
في قتال حكومة بغداد لاستعادة مدينة الموصل الشمالية، الذي يمضي في شهره الرابع الآن، اقتربت قوات الحكومة من السيطرة على النصف الشرقي من المدينة.
وقد أظهر التنظيم مقاومة عنيدة في قتالٍ ميّزته الأعداد الكبيرة غير المعتادة لخسائر الجيش والمدنيين، التي سببتها الأعداد الكبيرة للمقاتلين في مناطق محدودة واستخدام الجماعة المتطرفة للدروع البشرية، وفقاً لقادة عراقيين وللأمم المتّحدة.
وتبقى الجزء الغربي من الموصل تحت السيطرة الكاملة لتنظيم داعش، لكن المسلحين محاصرين، وخطوط إمداد الجماعة من سوريا قد قُطعت، وفقاً لمسؤولين عراقيين وأميركيين.
وقال هوكشتاين ومسؤولون أمنيون غربيون إن شاحنات النفط، التي كانت تحمل البترول إلى العراق من حقل التنك النفطي القريب من دير الزور السورية الواقعة تحت سيطرة داعش، قد تغير مسارها. الآن، تنقل حمولتها إلى النظام السوري.
وطرق تهريب النفط في سوريا والعراق التي استخدمها داعش قبلاً في نقل النفط الخام إلى جنوبي تركيا قد قطعها الآن الجيش التركي والميليشيات المدعومة من تركيا، وفقاً لمسؤول أمني غربي.
ويوضح جوناثان شانزر، مسؤول سابق بمكافحة الإرهاب بوزارة المالية الأميركية، أن ساحة القتال قد انقلبت ضد الجماعة، وأن تمويلها يُعتصر.
شانزر، وهو الآن نائب رئيس قطاع البحث بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن، يقول إن “داعش تحت ضغط مستمر” ويُصارع لانتزاع الضرائب وبيع النفط، وهو ما يجبره على التعامل مع نظام الأسد.
في مواجهة بلدٍ متهدّم، يرزح الأسد تحت ضغطٍ اقتصادي كذلك. في الأسابيع الأخيرة، قلّصت روسيا وإيران من شحنات الغاز الرخيص الذي يزوّد محطات الكهرباء في سوريا بالطاقة، وفقاً لمسؤولين أمنيين غربيين. وقد زاد ذلك من حاجة النظام إلى مصادر أخرى للنفط وبالأخص الغاز الطبيعي.
هذا الموضوع مترجم عن صحيفة Wall Street Journal.

هافينغتون بوست عربي