بتاريخ 19 و 20 ايلول عقد المؤتمر السنوي للحزب الاجتماعي الديموقراطي الدانماركي في مدينة ألبورغ . وقد حضرت ذلك المؤتمر كممثل عن الحزب  بناء على التفويض  الذي أبلغت به عن طريق الرفيق جورج صبره .

 

شارك في المؤتمر حوالي 1200 مندوب  ومراقب. وينقسم المندوبين على أساس حقهم في التصويت في المؤتمر الى قسمين :
1ـ المندوبين الذين يحق لهم التصويت  556 مندوب
عن كل  100 عضو ينتخب  مندوب وكل زيادة بنسبة 300 عضو فما فوق  تعطي الحق بزيادة مندوب آخر، والزيادة بنسبة 600 عضو فما فوق  تعطي الحق بزيادة مندوبين وهكذا
2ـ المندوبين الذين لهم الحق في الكلام، ولكن لا حق لهم في التصويت  (إلا إذا كان مسجل على خلاف ذلك كمندوب):
– أعضاء المجلس المركزي {اللجنة المركزية}.
– أعضاء الحزب الاجتماعي الديمقراطي في البرلمان والمرشحين للبرلمان والوزراء.
– أعضاء الحزب الاجتماعي الديموقراطي في البرلمان الأوروبي.
– رؤساء البلديات أعضاء الحزب الاجتماعي  الديمقراطي والأعضاء في البلديات والمحافظات التي لايرأسها عضو الحزب الاجتماعي الديمقراطي.

3ـ بالاضافة للمندوبين عن الأعضاء  في الحزب يمكن المشاركة بصفة مراقب في المؤتمر.

 

لقد كان شعار الحزب منذ تأسيسه ومازال “حرية ، مساواة واخاء” . ويترجم هذا الشعار في البرنامج السياسي للحزب بالتركيز على التضامن مع الأكثر فقرا والرعاية الاجتماعية لأولئك الذين في حاجة اليها ، مع المسؤولية الفردية بالنسبة للأعضاء الآخرين في المجتمع بالاضافة لزيادة المشاركة في المشروع السياسي الأوربي.

 

ان رئيسة الحزب هي : ميت فريدركسن التي فازت في هذا المنصب بعد هزيمة الرئيسة السابقة  هيلي شميت في الانتخابات النيابية  العامة عام 2015. لقد كان الحزب يرأس الحكومة وله بالاضافة لذلك 9 وزراء {وزير المالية ، وزير العدل ، وزير الدفاع ، وزير الاسكان والتنمية في الريف والمدينة ، وزير العمل ، وزير شؤون الأطفال والتعليم ، وزيرالتجارة والتنمية ، وزير الغذاء والزراعة والثروة السمكية ، وزير الشؤون الأوربية}

 

تأسس الحزب عام 1871 وفاز عام 1924 في الانتخابات البرلمانية بأغلبية 36,6 بالمئة وترأس حينها الحكومة وقد وضع أسس دولة الرفاه الدانماركية وذلك  بناء على التعاون الوثيق بين الحكومة والنقابات العمالية . في عام 1933 أدخلت حكومة الاجتماعيين الديموقراطيين مع الليبراليين نظام الاعانات الاجتماعية وقامت باصلاح التشريعات في الميادين الاجتماعية والزراعية . لقد استمر الحزب الاجتماعي الديموقراطي في السلطة حتى عام 1940 أي الى فترة  الاحتلال النازي للدانمارك ، حيث توسعت حكومته لتشمل كافة الأحزاب التي تعاونت مع المحتلين الألمان. وقد استمر الحزب على رأس الحكومات التي تعاقبت على الدانمارك بعد اندحار النازية ، الى أن هزم عام 2001 من قبل الحزب الليبرالي وكذلك في انتخابات عام 2005 . وعاد للسلطة في انتخابات عام 2011 ، حيث  حصل الحزب الاجتماعي الديموقراطي على 44 مقعدا في البرلمان ، وهو أدنى رقم منذ عام 1953،  ومع ذلك فقد نجح في تشكيل حكومة أقلية لتكتل يسار الوسط  مع حزب الشعب الاشتراكي والحزب الاجتماعي الليبرالي. قامت هذه الحكومة بالغاء التشريعات المناهضة للهجرة التي سنتها حكومة ائتلاف يمين الوسط ، كما قامت باصلاحات ضريبية . لكن كونها حكومة أقلية  ،  كانت تعتمد في البرلمان ، من أجل استمراريتها ، على مساندة الحزب الليبرالي ، فاضطرت بسبب ذلك للتخلي عن الكثير من وعودها الانتخابية وسياساتها الاجتماعية نتيجة مساومات بعيدة عن الثوابت . رغم أن الحزب الاجتماعي الديموقراطي قد ازداد عدد أعضاء نوابه في البرلمان في انتخابات عام 2015  مقارنة بانتخابات عام 2011 من 44 الى 47 نائب {بالنسبة المئوية ازداد من 24,8 بالمئة الى 26,8 بالمئة} ، الا أن تحالف يسار الوسط ككل قد خسر في الانتخابات  مما أدى لعودة تحالف يمين الوسط للسلطة .

 

المؤتمر العادي للحزب الاجتماعي الديموقراطي الدانماركي يعقد مرة  كل أربع سنوات وفيه تنتخب قيادة الحزب ويتم تعديل أو اقرار النظام الداخلي للحزب. المؤتمر العادي القادم للحزب سيكون في عام 2016. وبين هذه المؤتمرات العادية ، تعقد مؤتمرات سنوية مثل المؤتمر الحالي. في هذه المؤتمرات السنوية  يتم عرض البرامج السياسية ، على أساس الموضوعات التي يقررها المجلس المركزي والتي نوقشت في المنظمات الحزبية.
وهذا المؤتمر يعتبر المؤتمر السنوي الأول بعد انتخاب الرئيسة  الجديدة للحزب  ميت فريدريكسن  خلال المؤتمر الاستثنائي الذي عقد في 28 حزيران 2015 . وكان  أول فرصة لها لتطرح أفكارها في أكبر لقاء للحزب . وقد دار النقاش بشكل كبير حول خطاب ميت وأولوياتها كرئيسة للحزب.
ثانيا، في هذا المؤتمر أطلقت عملية صياغة برنامج جديد لمبادئ الحزب بهدف استبدال البرنامج الحالي الذي أقر عام     2004 ، وقد اختار المجلس المركزي دان يورغنسن لقيادة اللجنة التي ستكون مسؤولة عن صياغة البرنامج. وستتألف اللجنة أيضا من الأمين العام،  ممثل عن الشباب ، عن الكتلة البرلمانية، عن الكتلة البرلماية في البرلمان الأوروبي وممثلي البلديات ، ممثل مجالس المحافظات.
وقد تم الشروع في عملية تطوير البرنامج من خلال خطاب دان يورغنسن حيث شكلت ورشة عمل في المؤتمر. بعد ذلك سيناقش في المنظمات الحزبية  حتى يوم  15 آذار  2016 .  في الفترة من 15 آذار وحتى 1 آب  سيتم كتابة المسودة الأولى ومناقشتها في المؤتمر عام 2016. ثم ستقوم رئيسة الحزب والمجلس المركزي بالسفر عبر البلاد ومناقشة البرنامج مع أعضاء الحزب حتى آذار عام 2017. وفي مرحلة لاحقة، فإن المجلس المركزي يقرر كيفية التعامل مع التعديلات الواردة . سيقر البرنامج الجديد للمبادئ في مؤتمر الحزب في عام 2017.

 

وقد حضر المؤتمر ممثلين عن السفارات التالية : السفارة الأميركية ، السفارة البريطانية ، السفارة الفرنسية ،  السفارة البلغارية ، السفارة الاسرائيلية ، السفارة البرتغالية ، السفارة الكرواتية ، السفارة الأرمنية ، السفارة البلجيكية ، السفارة الكندية ، السفارة الغانية ، السفارة المجرية ، السفارة الصينية ، السفارة البرازيلية ، السفارة الروسية ، السفارة الرومانية ، السفارة القبرصية ، السفارة النرويجية ، السفارة النمساوية ، السفارة الاسبانية ، السفارة الاندونيسية ، السفارة الألمانية ، السفارة البولندية ، السفارة النيبالية ، السفارة السلوفينية ، السفارة الايطالية ، السفارة السويدية وسفارة لاتفيا .

 

كما حضر المؤتمر ممثلي الأحزاب التالية : الحزب الاشتراكي الأوربي ، حزب العمال النرويجي ، تحالف الاجتماعيين الديموقراطيين في النرويج {ساماك}، الحزب الاجتماعي الديموقراطي في لاتفيا ، الحزب الاشتراكي السويسري ، الحزب الاجتماعي الديموقراطي السويدي ، الحزب الاجتماعي الديموقراطي التشيكي ، حزب العمال البريطاني ، حزب الشعب الديموقراطي السوري ،  الحزب الديموقراطي الكردستاني الايراني ، حزب المؤتمر النيبالي ، حركة فتح الفلسطينية ، جبهة بوليساريو ، حركة التغيير الديموقراطي في زيمبابوي .

 

افتتح المؤتمر محافظ مدينة ألبورغ الذي رحب بالمندوبين والضيوف ووعد الجميع بأن تبقى هذه المدينة ، مدينة حزب الاجتماعيين الديموقراطيين . تلى كلمة الافتتاح أغنية حماسية . بعدها ألقت رئيسة الحزب كلمة أكدت  فيها الحفاظ على الطابع الاجتماعي للحزب بالنضال من أجل العدالة وترسيخ قيم الحرية والمساواة والتضامن ودعت الى تطوير النقاش داخل الحزب حول القضايا المستجدة باستمرار . هاجمت السياسة المتقلبة للحكومة الدانماركية الحالية ، حكومة يمين الوسط بالنسبة للاجئين وقالت ان اللاجئين من الشرق الأوسط يتوجهون الى أوربا بحثا عن الأمان وعلى أوربا أن لاتغلق أبوابها ، لكنها دعت في هذا الشأن  الى ماوصفته بالتوفيق بين الانسانية والواقعية ، أي تقديم المساعدة للغير وفي نفس الوقت حماية المصلحة الآنية والمستقبلية للدانماركيين . وأردفت قولها هذا،  بأن الواقعية بدون انسانية تؤدي للؤم ، والانسانية بدون واقعية تؤدي للتفريط بمصالحنا الحالية والمستقبلية . ان الدانمارك ساهمت دائما بحل القضايا الانسانية والحكومة الحالية لها  في هذا الخصوص توجهات انعزالية عن الاتحاد الأوربي . هناك دول طليعية في الوقت الحاضر بالنسبة للمساعدة في حل القضايا الانسانية مثل  ألمانيا والسويد ، لكن مع الأسف هناك دول في الاتحاد الأوربي ، قدمنا ونقدم لها المساعدات ، تقف الآن ضد تقديم المساعدة . أضافت قائلة ، لكن يجب القول أيضا بأن خطة الاتحاد الأوربي لتقاسم 160000 لاجئ ، ما كان لها أن تخلق مشكلة ،  لو أن هذا الرقم نهائي . ان مصادرنا المالية محدودة . ان المواطنين بدؤوا يرون في الاتحاد الأوربي بسبب سياسة الهجرة مشكلة وليس حلا . وفي مجال السياسة الداخلية قالت بأن حزبنا ليس ضد سياسة السوق ، لكن يجب أن لانترك للسوق مسألة  التحكم بمصير الناس . الرخاء بدون عدالة سينقلب سلبا على التطور الاقتصادي وبالتالي سيضرب الرخاء نفسه . ان مشروعنا ليس على حساب الحرية الفردية . ان طموحاتنا وقيمنا يجب أن تتوافق وتعكس  واقع المجتمع الدانماركي . سياساتنا الاقتصادية كانت وستبقى مسؤولة . يجب التركيز باستمرار على ايجاد فرص العمل وتأمين مصالح العائلات التي ترعى الأطفال . يجب زيادة الاستثمار في الناس برفع مستواهم العلمي والثقافي . زيادة البطالة يتحمل مسؤوليتها حكم  تحالف يمين الوسط . يجب أن نحصل على ثقة الناس أكثر في الانتخابات البرلمانية القادمة ، حلولنا مجربة وناجعة . سنتعاون في البرلمان مع الأحزاب التي تلتقي معنا ولن نوفر أية فرصة لسحب الثقة عن الجكومة انطلاقا من مسؤوليتنا تجاه البلاد  . الفعل يجب أن يكون أكبر من الأقوال . نعم للحلول الوسط ، لكن ليس على حساب الثوابت ولا على حساب المستوى الاجتماعي للمواطنين . لقد جربتمونا في السلطة ونحن جاهزون لتحمل مسؤولياتنا . حزبنا حزب مسؤول وبين بعضنا يجب أن نتكلم ونتناقش لحل كافة المعضلات التي تواجهنا في سبيل اكتساب ثقة الجماهير من جديد .

 

وزير الدفاع السابق في حكومة الاجتماعيين الديموقراطيين في الفترة مابين 2011 و 2015 في معرض مداخلته أكد  العزم على المساعي في اطار البرلمان لازاحة الحكومة الحالية لتحالف يمين الوسط وخلق الظروف لانتخابات مبكرة . ثم تطرق الى الوضع في سورية وقال بأن الحل هناك يجب أن يؤمن السلم والديموقراطية ، لكن المعارضة المعتدلة ضعيفة ، لذلك هناك خيارين أحلاهما مر .

logo3

لقد ألقى ممثل حزب الشعب الديموقراطي السوري  د . حسـن شرفو بحضور كافة  ممثلي السفارات والأحزاب الأجنبية  وقادة الحزب الاجتماعي الديموقراطي الدانماركي  كلمة  لاقت ترحيبا واهتماما  كبيرا .  ركز فيها على الظروف التي أحاطت بانتفاضة الشعب السوري السلمية والعوامل التي أدت لتغير طابعها هذا . كما قدم أرقام تعبر عن حجم مآسي شعبنا ودمار قرانا ومدننا نتيجة استخدام كافة أنواع الأسلحة من قبل النظام الهمجي وحلفائه ، هذا النظام الذي استباح سيادة الوطن بالاستعانة بالمرتزقة الأجانب لكي يحمي سلطته على شعبه . وأكد أن عنف النظام وتقاعس وعدم مبالاة المجتمع الدولي أدى الى خلط الأوراق وازدياد بؤس ومعاناة شعبنا . وأشار الى الدلائل التي تبين علاقة النظام الارهابي بتنظيم الدولة منذ أن كانت سوريا  ممرا له باتجاه  العراق وحتى الآن ،  والى أكذوبة محاربته للارهاب . كما أكد على الطبيعة التحررية للصراع الدائر في سورية . ونبه الى مخاطر نشوء حركات فاشية في أوربا تذكر بثلاثينيات القرن الماضي ، تحت حجة رفض اللاجئين أو العداء للمسلمين ودعى الى ضرورة تكاتف الأحزاب والحركات الديموقراطية للتصدي لها وفضح مآربها وأخطارها قبل فوات الأوان .  وأكد على أن مشكلة اللاجئين السوريين لايمكن حلها طالما بقيت مسبباتها  السياسية قائمة . وقد قال بأنه من الضروري تقديم  مساعدة  لمن يحتاجها وقت الضيق ، لكن هذه المساعدة ستكون أكثر فاعلية لو تركزت على ازالة الأسباب  التي تدفع الناس للهجرة واللجوء . وناشد الجميع للتعاون لازالة أهم أسبابها المتمثلة بالنظام الاستبدادي والقمعي . وأشار الى الدور الهام الذي يمكن أن تلعبه أوربا ،  المتأثرة مباشرة ، بالضغط على القوى العظمى وخاصة روسيا الاتحادية لتحويل مقررات جنيف واحد الى واقع بدلا من تقديم أدوات القتل والدمار. واختتم كلمته بالقول أن شعبنا يناضل من أجل دولة ديموقراطية ، مدنية ، تعددية ، موحدة  ومستقلة .

 

كما قام ممثل حزب الشعب الديموقراطي السوري باللقاءات الثنائية مع مسؤول العلاقات الدولية ووزير الدفاع السابق ورئيس الكتلة النيابية في البرلمان الأوربي ومساعده من الحزب الاجتماعي الديموقراطي الدانماركي ومندوبة الحزب الاشتراكي الأوربي وممثل الحزب الديموقراطي الكردستاني الايراني وأمين عام حركة التغيير الديموقراطي في زيمبابوي وسفير اندونيسيا وسفير أرمينيا وسفير النيبال  بناء على طلب هؤلاء السفراء . وقد تركز الحوار حول الكثير من النقاط الغامضة ، خاصة فيما يتعلق بطبيعة الصراع والبديل لنظام الأسد وكيفية الخلاص من مشكلة اللاجئين وأهمية دور أوربا في دعم مقررات مؤتمر جنيف واحد .

 

في ختام المؤتمر ألقت رئيسة الحزب الاجتماعي الديموقراطي كلمة تشكرت فيها كل من ساهم باغناء المؤتمر بالنقاش والحوار .تشكرت بشكل خاص الشباب على مداخلاتهم ووعدت بأخذها في عين الاعبار والعمل على تحقيقها وخاصة مايتعلق منها بالحاجة لخلق فرص عمل جديدة . وركزت مرة أخرى على موضوع اللاجئين وقالت مازحة ، أن مؤتمرنا هذا كاد أن يكون مؤتمر خاص بموضوع اللاجئين . أعلنت بما لايلبس الشك بأنه طالما سيرفع  الاتحاد الأوربي من عدد استقبال اللاجئين ،  فان الدانمارك يجب أن ترفع من مساهمتها أيضا في هذا الاستقبال . وقد انتقدت سلوك المجر بالتحديد على معاملتها السيئة للاجئين ، وقالت ان تقديم الطعام والشراب للبشر يختلف عن طريقة تقديمها للحيوانات ، وأضافت بغضب أن المجر أساءت لنا ولحضارتنا كأوربيين . واختتمت كلمتها بالقول سنبقى عند حسن ظن الدانماركيين وسنبقى في الوقت الحاضر نمثل  المعارضة الحقيقية والموثوقة .  واختتم المؤتمر بوقوف الجميع مرددين النشيد الحماسي عن حب الدانمارك.

 

لقد كان حضورنا في  هذا المؤتمر فرصة كبرى لوضع الحصان أمام العربة ، لأنه حتى في هذا المؤتمر كانت تناقش مشكلة اللاجئين كما لو كانت ناتجة عن كارثة طبيعية . وعندما كان يجري الحديث عن الصراع في سوريا كان يجري كما لو أن الصراع هو  بين داعش والديكتاتور، لاوجود فيه للشعب السوري وقواه المدنية الديموقراطية .