للأسبوع الثالث على التوالي، تطرق رياح الربيع العربي بقوة أبواب السودان الشقيق. فتتصاعد موجة الاحتجاجات الشعبية، وتغطي التظاهرات معظم المدن والولايات السودانية، ويؤكد المتظاهرون على سلمية الحراك واسقاط النظام وتنحية البشير عن السلطة، وعلى تحييد الجيش والشرطة، ودعوتهم للوقوف مع المطالب الشعبية. 

لم يتردد البشير، كحليفه الأسد، في التصدي للتظاهرات السلمية بالعنف والرصاص الحي، الذي حصد أرواح العشرات من الشهداء والجرحى ومئات المعتقلين حتى الآن.
إن الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها على حياة الشعب السوداني وسياسات التسلط والفساد والنهب والافقار التي أدت إلى تحويل السودان من بلد الثروات بلا حدود إلى بلد يستجدي المساعدات الإنسانية، كانت السبب المباشر لانطلاق هذه الانتفاضة. إلا أن الأزمة السياسية المتفاقمة تعود في جذورها إلى ثلاثين عاماً من الاستبداد والتسلط والفساد، وتهميش متعمد للمجتمع على كافة المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ناهيك عن ارتكاب النظام مجازر وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الجنوب ودارفور أودت بحياة مئات الآلاف وتسببت بتهجير الملايين، وصار البشير مطلوباً لمحكمة الجنايات الدولية بصفته مجرم حرب. إضافة إلى مسؤوليته الكبيرة عن التفريط بوحدة السودان، مما أدى إلى انفصال جنوبه.
لقد عمل البشير خلال فترة حكمه -ككل المستبدين العرب -على بناء منظومات خاصة لحماية سلطته عبر تطهير الجيش وإدارات الدولة من الكفاءات الوطنية وتوسيع نفوذ أجهزة الأمن وتشكيل ميليشيات تابعة (الجنجاويد) لمصادرة الحريات وقمع المعارضين.
إن مسيرة الشعب السوداني وقواه السياسية والنقابية والاجتماعية حافلة بتجارب عديدة في انتفاضات مماثلة لإسقاط حكم الطغاة، إلا أن طول فترة حكم البشير ونظام التسلط والاستبداد العربي مكناه من إعادة صياغة الحياة السياسية والعسكرية والأمنية وعلاقاته العربية والدولية بما يضمن استمرار نظامه، وهذا ما يفسر صمتهم عن جرائمه وانتهاكاته لحقوق شعبه وللقوانين الدولية. وهو ما يجعل التوازنات الداخلية هي العنصر الحاسم للصراع، الأمر الذي يضع على عاتق الانتفاضة وقادتها مسؤولية عدم الانجرار لصرعات دموية، وتمتين وحدة الشارع المنتفض لإجبار البشير على التنحي. على أمل أن يكون للجيش السوداني دور في دعم مطالب الشعب وحفظ أمن البلاد ووحدتها وضمان عدم انزلاقها نحو العنف، وأن يحول دون استخدامه من قبل السلطة كأداة قتل للسودانيين وقمع لانتفاضة الشعب. إنما يساهم في إدخال البلاد في مرحلة انتقالية أساسها الحوار الوطني وصياغة دستور جديد وإجراء انتخابات حرة وديمقراطية وشفافة، تفتح الطريق نحو تحول ديمقراطي حقيقي في حياة البلاد.
إننا في حزب الشعب الديمقراطي السوري، نعلن تأييدنا الكامل لانتفاضة الشعب السوداني الشقيق ضد جلاديه، ونؤكد تضامننا معها كواحدة من ثمار الربيع العربي، ونعتبر انتصارها هو انتصار لنا ولثورة الشعب السوري ولهذا الربيع الذي لن تبرح رياحه منطقتنا حتى تستعيد الشعوب حريتها وكرامتها وحقها الكامل في تحقيق إرادتها تقرير مصيرها .
المجد والخلود لشهداء الانتفاضة الأبرار
الحرية كل الحرية للشعب السوداني العظيم
النصر لثورات الحرية والكرامة في جميع البلدان العربية .


دمشق 12/1 / 2019

الأمانة المركزية
لحزب الشعب الديمقراطي السوري