ناقشت الهيئة العليا للمفاوضات في اجتماعها يومي 12و13 أيار 2017 في الرياض عدداً من الموضوعات المتعلقة بالتطورات الميدانية والسياسية في القضية السورية، وأهمها اتفاقية آستانا (حول مناطق تخفيف التوتر في سورية) التي وقعتها الدول الضامنة الثلاثة (روسيا، تركيا، وإيران) في 5/5/2017. وأكدت الهيئة تحفظها على هذه الاتفاقية التي رأى فيها شعبنا غموضا في المصطلحات وابتعاداً عن مطالب الشعب بالوقف الفوري الشامل لإطلاق النار، تنفيذاً لقرارات الأمم المتحدة وبخاصة البنود التي تحدثت عن مرحلة بناء الثقة في القرار الأممي 5 و6 و7 من القرار رقم 2254 لعام 2015 ولذلك تشدد الهيئة على ضرورة أن تلعب الأمم المتحدة الدور الذي حددها لها هذا القرار سواء من حيث مراقبتها لوقف إطلاق النار أو وضع آليات المراقبة وفرض الامتثال على أطرافه.

ورأت الهيئة أن مصطلح تخفيف التصعيد قد يسمح للنظام بالاستمرار بارتكاب الانتهاكات والخروقات مما يجعل من مفهوم تخفيف التصعيد والتوتر فضفاضاً وغير محدد ولا يحقق الغاية المرجوة منه وهي حماية المدنيين السوريين من بطش النظام وحلفائه، كما يجعل ذكر (المناطق الأمنية أو الآمنة غير مطابق لمفهوم تخفيف التوتر أو للمفهوم الاصطلاحي للمناطق الآمنة).

كما رفضت الهيئة رفضاً مطلقاً وجود إيران ضامناً في هذه الاتفاقية لأنها دولة معادية للشعب السوري وهي وكل الميليشيات الطائفية من مختلف الأطياف مطالبون بالخروج الفوري من سورية، وتحذر الهيئة من أن يمنح الاتفاق إيران حضوراً شرعياً في سورية وهي منبع الإرهاب، ولن يتحقق الأمن والاستقرار مادامت إيران تتحكم بالسيادة السورية وتسيطر عليها.

ورأت الهيئة أن روسيا بوصفها عضواً في مجلس الأمن مطالبة بتغيير سياستها في القضية السورية نحو دور محايد على الأقل مادامت تقدم نفسها راعية للسلام بينما هي ماتزال تناصر النظام وتحارب نيابة عنهما يجعل شعبنا يرتاب في مصداقية توجهها في رعاية الحل السياسي وينتظر أن يتحقق توازن دولي في مسيرة العملية السياسية.

وإذ تؤكد الهيئة حرصها على نجاح أية مبادرة ترفع المعاناة عن شعبنا، وتحض على المشاركة في أي جهد دولي يسعى إلى دعم شعبنا في محنته، إلا أنها تحذر من أي التفاف على الثوابت التي ضحى الشعب السوري بدمائه الطاهرة دفاعاً عنها، وترى الهيئة أن وحدة سورية أرضاً وشعباً مع السيادة الكاملة للشعب السوري وحكومته المقبلة بعد الانتقال السياسي الحتمي أمر لا يمكن المساس بقدسيته، وأية محاولات لجعل سورية مناطق نفوذ أو تمزيق يريد النظام فرضه حين يتحدث عن سورية المفيدة التي تخضع لسيطرته معتبراً بقية المناطق غير مفيدة ، هي محاولات يرفضها الشعب السوري كله ، ويرفض معها ما يفعله النظام من تغيير ديموغرافي وتهجير قسري للمواطنين من بيوتهم وأراضيهم بتمييز طائفي مذهبي معتبراً ذلك جرائم ضد البشرية.

وإذ تصرّ الهيئة العليا على اعتبار بيان جنيف 2012 والقرارات الأممية ذات الصلة مرجعية أساسية للحل السياسي، ترى أن هذه الاتفاقية تفتقد الشرعية الدولية لكونها لا تلتزم بقرار الأمم المتحدة الذي طالب بوقف كامل وشامل لإطلاق النار، كما أن الاتفاقية تتجاهل الشعب السوري، ولم يكن ممثلوه أطرافاً فيها، وقد تحفظت على الاتفاقية الفصائل العسكرية التي دعيت للحضور، وتدعو الهيئة العليا كل الأطراف الدولية للحفاظ على مسيرة المفاوضات برعاية الأمم المتحدة.

وتقدر الهيئة العليا دور أصدقاء سورية جميعاً وبخاصة تركيا التي نتفهم موقفها وحرصها على وحدة التراب السوري وعلى مطالب الشعب العادلة.

وتدعو الهيئة إلى دور أكثر فاعلية من أصدقاء سورية الذين تحملوا مع شعبنا أعباء محنته، ونخص الأشقاء العرب الذين احتضنوا القضية السورية التي هي قضية عربية بامتياز أمام التغول الإيراني الطائفي الذي يهدد أمن الأمة كلها.

وتحذر الهيئة ولكون الاتفاقية قد تجاهلت الإشارة إلى خطر استخدام النظام للأسلحة الكيماوية والمحرمة دولياً من احتمال استخدام النظام للسلاح الكيماوي مجدداً مستفيداً من التهاون الدولي في منعه ،ولا سيما أنه اعتبر الضربة الأمريكية إنذاراً خفيفاً غير جدي، وتدعو الهيئة في هذا الصدد مجلس الأمن إلى ضرورة تفعيل الآليات القانونية الملزمة في القرارين 2118 و2235 ومتابعة تقارير آلية التحقيق المشتركة وتقارير منظمة هيومان ووتش وسواها من التقارير التي تدين النظام بارتكاب جرائم ضد البشرية مؤكدين على خطر إهمال محاسبة النظام ،مما يفقد مجلس الأمن أهمية كونه ملاذ الشعوب والمدافع عن الحقوق الإنسانية.

وتعبر الهيئة عن التزامها بالعملية السياسية برعاية الأمم المتحدة في جنيف وإصرارها على رفض أي دور أو حضور لبشار الأسد وزمرته المجرمة في المرحلة الانتقالية وفي مستقبل سورية، لأن مكانهم الطبيعي هو المحاكم التي ينبغي أن تحاسبهم ،كما تؤكد الهيئة أن صلب العملية السياسية هو تحقيق الانتقال السياسي وأن وقف إطلاق النار والإفراج عن المعتقلين وإدخال المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين هي التزامات قانونية ما فوق تفاوضية فرضها القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان ونص عليها القرار 2254 بشكل حازم ليتم تنفيذها فوراً وبالتالي فإن الهيئة تحذر من محاولات النظام وحلفائه في تمييع القضية السورية عبر تحويل هذه القضايا إلى صلب عملية المفاوضات بهدف إفراغ المفاوضات من مضمونها الحقيقي ، وتدعو الولايات المتحدة إلى دور فاعل في إنصاف الشعب السوري ومساندته للخلاص من إرهاب الدولة المنظم، ومن إرهاب إيران التي ترعى كل التنظيمات الإرهابية لزعزعة الأمن والاستقرار بهدف تحقيق طموحاتها الإمبراطورية في السيطرة على أهم مواقع الشرق الأوسط.

الرحمة للشهداء، والشفاء للجرحى والحرية للمعتقلين والمخطوفين
والنصر لإرادة الشعب السوري العظيم