في أواخر تشرين الثاني 2015 . عقدت اللجنة المركزية اجتماعها الدوري . ناقشت فيه قضايا تنظيمية ونشاط الرفاق في المهجر ، وتوقفت بعدها عند التطورات الميدانية والسياسية والنشاطات الدولية والإقليمية التي اعقبت العدوان الروسي على سوريا في نهاية ايلول الماضي .
أولاً : على الصعيد السياسي :
1 – مع الغزو الروسي يدخل الشعب السوري وثورته المجيدة مرحلة جديدة من الصراع ضد الإستبداد وحماته الجدد . لكن المؤلم هنا أننا نشهد فصلاً جديداً من المأساة السورية . لقد كشف هذا الغزو حقيقة موقف روسيا من القضية السورية ، وزيف ادعائها البحث عن حل سياسي بالتعاون مع الأطراف الدولية والإقليمية والعربية بتحولها إلى طرف معاد لتطلعات الشعب السوري ، وتطلعات قواه الوطنية والديمقراطية الطامحة لحل سياسي وفق بيان جنيف 1 .
2 –  إن الغزو الروسي كما الغزو الايراني هو عدوان سافرعلى بلادنا ، يجب التعامل معه بوصفه احتلالاً أجنبياً مباشراً وصريحاً والتوجه إلى مقاومته بكافة الوسائل المتاحة ، بصرف النظر عن الأهداف المعلنة لتبرير هذا العدوان ( محاربة الإرهاب ) . لكن الأهداف الحقيقية لهذا الغزو هي وقف انهيار النظام والعمل على تدعيم مواقعه وتعزيز قوته وحضوره ، وبالتالي ترجيح كفة الصراع لصالحه . من جانب آخر ، يأتي هذا الغزو خدمة لآجنداتها الخاصة ، وخاصة محاولة إعادة الإعتبار للدولة الروسية كقوة عظمى ، واستعادة دورها العالمي عبر الحضور العسكري بما يسمح لها بالدخول في تسويات تضمن مصالحها على الساحة الإقليمية والدولية .
3 – إن ردود الفعل السلبية لدى الغرب إزاء هذا العدوان ، لم تكن على المستوى المطلوب ، لأنه قد أخلّ بالتوازنات الإقليمية والدولية . وقد دللت تطورات الشهرين الماضين ، كأن لدى الغرب رغبة في زيادة التورط الروسي في سوريا . إحدى مؤشراتها هي موافقة الغرب عموماً على عقد اجتماعات فيينا وفق الرؤية الروسية للحل السياسي ، علماً أن العقدة الرئيسية والمتعلقة بمصير الأسد لم تجد لها حلاً لا مع الروس ولا بين امريكا واوربا الواقعة تحت ضغط الإرهاب ، والتدفق الواسع للمهاجرين .
4 – إن اجتماعات فيينا الثلاثة ، وما رشح عنها من مشاريع ومقترحات ، تشي برغبة الروس في التعويض عن فشلهم العسكري باقتحامات سياسية توهم بالفعالية والانتصار . وتشكل التفافاً واضحاً على مقررات بيان جنيف1 ومحاولة مكشوفة لحرف العملية السياسية عن مسارها الصحيح ، كما تعكس محاولة الوصول إلى حل بعيداً عن حق السوريين في تقرير مصيرهم .
لا نعتقد أن مخرجات فيينا التي جاءت حصيلة المواقف المتباينة ، يمكن أن تلاقي النجاح ، خاصة بعد تعقد الوضع الميداني داخلياً وفي إطار المنطقة بعد إسقاط الطائرة الروسية وتداعياتها . وبصرف النظر عن المآلات التي ستسير عليها مساعي التسوية بين الاطراف الإقليمية والدولية ، فإن المصلحة الوطنية السورية تتطلب بالدرجة الأولى وقف جرائم النظام والمجازر التي يرتكبها الغزاة الإيرانيون والروس بحق الشعب السوري ، والحفاظ على وحدة سوريا أرضاً وشعباً ، وتوحيد مواقف القوى الوطنية السورية من معارضين وثوار حول برنامج سياسي منطلقه الرئيسي اخراج الغزاة ، وإقامة هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات لا دور للأسد فيها ولا
في مستقبل سوريا .

5 – تجري الاستعدادات لعقد مؤتمر في الرياض للمعارضة السورية ، ترعاه المملكة العربية السعودية ، بهدف معلن في بطاقة الدعوة ” الخروج بوثيقة توافقية بين فصائل المعارضة السورية المعتدلة حول مكونات المرحلة الانتقالية في سورية بناء على ما تقتضيه مصلحة الشعب السوري وفي إطار بيان جنيف 1 ” . وجهت دعوات إلى الائتلاف الوطني وهيئة التنسيق والفصائل الثورية المقاتلة على الأرض ، إضافة إلى مجموعة من الشخصيات الوطنية ، تضم رجال دين ومثقفين وسياسيين ورجال أعمال ونشطاء في المجتمع المدني ، ربما يصل العدد الإجمالي للحضور إلى مئة .

ونحن إذ نثمن دور المملكة العربية السعودية وتركيا فيما يتعلق بالدعم المتعدد الأشكال الذي تتلقاه منهما الثورة السورية ، فإننا ننوه بشكل خاص بالموقف السعودي الحاسم بشأن رحيل بشار الأسد وزمرته الحاكمة كبند أول في مندرجات المرحلة الانتقالية في أي حل سياسي ، وتمسكها بالقاعدة الأساسية التي بنيت عليها العملية السياسية في جنيف 1 لعام 2012 . وندعو للالتفاف حول هذا الموقف ودعمه وتصليبه بمواجهة التردد والرخاوة والخذلان التي تسم مواقف العديد من القوى الإقليمية والدولية . ويمكن أن يكون مؤتمر الرياض فرصة لطرح القضية الوطنية من منظور جديد ، أي بمواجهة الغزو والعدوان الإيراني والروسي . والتوافق على المنطلقات التي رسمها بيان جنيف 1 ، وتحديد معالم مرحلة انتقالية وصورة لسورية المستقبل ، تبرهن للسوريين وللمجتمع الدولي عن قدرة الشعب السوري على الخروج من المحنة واستعداده لتحرير بلده من الاحتلال والاستبداد ، لإعادة بناء سورية وطناً حراً لكل أبنائها .


دمشق أواخر تشرين الثاني 2015
اللجنة المركزية
لحزب الشعب الديمقراطي السوري