منهل باريش

«القدس العربي»: توقع قيادي في غرفة عمليات حور كلس، التي تقود عمليات درع الفرات لطرد تنظيم الدولة الإسلامية من ريف حلب الشمالي، السيطرة على مدينة الباب اليوم. وأضاف القيادي الذي رفض ذكر اسمه، أن أكثر من نصف الباب تحت سيطرة الجيش الحر.
وفي السياق، صرح قائد الفرقة الشمالية في الجيش الحر، المقدم عبد المنعم النعسان لـ»القدس العربي»، أن «الباب تقريبا شبه منتهية وبدأنا التمهيد المدفعي على تادف جنوب الباب مباشرة». وعن سبب ترك قباسين (شمال شرق الباب) وبدء السيطرة على تادف، قال: «لا نريد أن يتقدم النظام والميليشيات إلى تادف في خاصر مدينة الباب، ولها أهمية استراتيجية من أجل بقاء طريق لنا للوصول إلى الرقة».
الناطق الرسمي في الجبهة الشامية، العقيد محمد الأحمد، قال إنه «بدأ انهيار «داعش» في الباب منذ السيطرة على جبل الشيخ عقيل المشرف على معظم أحياء الباب وخصوصا حي زمزم، من الجهة الجنوبية». واعتبر تأخر عملية السيطرة على الباب بسبب أخذ تنظيم «الدولة» للمدنيين «رهائن ودروع بشرية، بعد أن منع أي منهم من المغادرة مع بدء العملية قبل ثلاثة أشهر».
ورد سبب تقدم قوات النظام السريع جنوب الباب إلى «انسحاب التنظيم الذي يفضل جر جيش النظام لمواجهة فصائل الحر بهدف اعاقة سيطرتنا على الباب».
وأكد القيادي في الجيش الحر عبد الله حلاوة أن «ميليشيات النظام حاولت التقدم والسيطرة على بعض نقاطنا في منطقة الغوز غرب الباب، وهي المنطقة التي نسيطر عليها ونحاول التقدم منها إلى جهة الشرق حيث يسيطر «داعش» لكننا فوجئنا بتقدم النظام، الأمر الذي جعلنا نقوم بهجوم معاكس على نقاط انطلاقه، وسيطرنا عليها، وعلى عربة بي إم بي، ودمرنا دبابة أخرى له، وقتلنا عددا من جنوده».
وكشف مصدر محلي من منطقة الباب لـ»القدس العربي» عن وجود نفق كبير بطول 65 كم، يمتد من منطقة مسكنة إلى قباسين شمال شرق الباب. وأضاف أن النفق أساساً هو قناة ري مغلقة كانت تستخدم لاستجرار المياه من محطة ضخ المياه في البابيري قرب الخفسة، باتجاه تادف والباب وبزاعة وقباسين.
واشار المصدر إلى استخدام تنظيم «الدولة» لقناة الري المتوقفة عن العمل كنفق لنقل المقاتلين والذخائر، حيث يساعد النفق في إخفاء حركة مقاتليه عن أعين طائرات الاستطلاع والوقاية من القصف الجوي للطيران التركي.
وتعتبر كلّ من الباب وتادف النافذة الأخيرة لقوات «درع الفرات» على الرقة، وتزداد مهمة تركيا صعوبة بعد سيطرة قوات النظام على الطريق الواصل بين تادف وقرية أبو جبار جنوب شرق الباب، ورصدها نارياً لطريق الباب ـ دير حافر.
وهذا تطور سيحتم على فصائل درع الفرات والجيش التركي توسيع مناطق سيطرتها الممتدة شرق الباب، وصولا إلى أماكن سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية غرب منبج. ومن المعروف أن درع الفرات يسيطر هناك على جبهة واسعة مع تنظيم «الدولة» تمتد من بزاعة مرورا بقرى العمية وزمار وأم شكيف، وصولا إلى جب الحمير الواقعة تحت سيطرة «الوحدات».

تجنب اغضاب تركيا

ولا شك أن سيطرة درع الفرات على مدينة الباب، مدعوما بقوات الكوماندوس في الجيش التركي، ستجبر قوات النظام على عدم اغضاب تركيا والاحتكاك مع جيشها، كما حصل يوم الخميس الماضي في مزرعة ابو الزندين في منطقة الغوز.
وسيفضل النظام قطع الطريق عليها من العمق الممتد بين دير حافر ومطار الجراح وصولا إلى مسكنة، بينما تنشغل فصائل درع الفرات في معركة كبيرة للوصول إلى مسكنة، على اعتبار أن قوات النظام وحزب الله ولواء الباقر أصبحت على مشارف دير حافر الجنوبية.
ويزيد في صحة هذا الرأي محاولة قوات النظام والميليشيات المساندة لها التقدم من الجهة الجنوبية للعمق المذكور (دير حافر ـ مطار الجراح ـ مسكنة) إذ بدأوا بهجوم على تنظيم «الدولة» في عطشانة، انطلاقاً من بلدة خناصر جنوب حلب، بهدف الوصول إلى دير حافر من جنوب سبخة الجبول، وهو ما سيشتت مقاتلي التنظيم الذي يعاني من هجمات كبيرة عليه في عدة جهات.
ويذكّر الهجوم من عطشانة بمحاولة الروس الوصول إلى الطبقة في حزيران (يونيو) 2016 عندما شنوا هجوما جويا بمشاركة ميليشيا «صقور الصحراء» للسيطرة على الطريق الواصل إلى الطبقة، انطلاقا من أثريا شمال سلمية، ليفشل الهجوم وتتكبد «صقور الصحراء» أكثر من 200 قتيل.
التطورات الميدانية شرق حلب تعقد المشهد وخرائط السيطرة بشكل متسارع، وتدلل على محاولات روسيا الدائمة لإعاقة التفاهمات التركية. وبدا الأمر جليا مع القصف الروسي لمواقع الجيش التركي غرب الباب (وصفته موسكو بالخطأ) في منطقة بعيدة عن خط التماس مع تنظيم «الدولة» وأقرب إلى منطقة الاشتباك بين درع الفرات وقوات النظام في أبو الزندين.
ويرجح أيضا الدور الإيراني في افساد التفاهمات بين أنقرة وموسكو، وفرض نفسها كطرف إقليمي، وتعزيز دورها الذي بدأ مع وجودها في مؤتمر أستانة، مترافقا مع تعزيز حضورها العسكري في شرق حلب، المتمثل بميليشيات حزب الله ولواء الباقر.
كذلك فإن من غير الواضح التوصل إلى اتفاق بين أنقرة وواشنطن بعد زيارة رئيس المخابرات الأمريكية إلى أنقرة ولقائه المطول برئيس المخابرات التركية، رغم الإعلان عن الرغبة الأمريكية في «إشراك أنقرة في تحرير الرقة».
في المقابل فإن تركيا ستفرض حضورها في معركة الرقة في حال استمرار تقدمها جنوبا، وطرد تنظيم «الدولة» وصولا إلى الطبقة. وعمليا باتت الطبقة هي هدف السباق بين تركيا ودرع الفرات من طرف، وقوات النظام والميليشيات الإيرانية من طرف. فأول الواصلين سيفرض وجوده وقوته في المعادلتين العسكرية والسياسية في ما يسمى «الحرب ضد الإرهاب».