أنقرة: سعيد عبد الرازق موسكو: طه عبد الواحد
الشرق الأوسط:14/4/2017
بدأت بعثتان من خبراء منظمتي حظر الأسلحة الكيماوية والصحة العالمية أمس٬ في تركيا تحقيقات وجمع معلومات حول الهجوم الكيماوي على خان شيخون في محافظة إدلب السورية الأسبوع الماضي٬ في الوقت الذي قالت فيه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي٬ أمس٬ إن بريطانيا تعتقد أن حكومة بشار الأسد مسؤولة عن هجوم بغاز سام في محافظة إدلب.
ووصلت البعثتان إلى مدينة هطاي على الحدود السورية جنوب تركيا لتفقد أوضاع مصابي القصف الكيماوي على خان شيخون الذين نقلوا إلى المستشفيات التركية.
وسيعمل خبراء منظمة حظر الأسلحة الكيماوية على جمع عينات في إطار تحقيق في معطيات حول شن هجوم بغاز السارين في خان شيخون ما أدى إلى مقتل 87 شخصا وإصابة 30 آخرين نقلوا إلى تركيا وتوفي منهم 3 في مستشفى الريحانية في هطاي.
وقالت مصادر في المنظمة ومقرها لاهاي لـ«رويترز»٬ أمس٬ إن البعثة ستتولى بعثة لتقصي الحقائق لجمع عينات حيوية (بيومترية) وإجراء مقابلات مع الناجين.
وستحدد البعثة ما إذا كان قد تم استخدام أسلحة كيماوية لكنها ليست مفوضة بتحديد المسؤول. وستحيل البعثة نتائجها المتوقعة في غضون ثلاثة إلى أربعة أسابيع إلى لجنة تحقيق مشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية مهمتها تحديد الأفراد أو المؤسسات المسؤولة عن الهجوم.
وقال أوميت موتلو ترياكي مدير الصحة في هطاي٬ إن وفد منظمة الصحة العالمية يجري الزيارة إلى هطاي بهدف الاطلاع على آخر ما تم التوصل إليه من أدلة ومعلومات حول الاعتداء الكيماوي على خان شيخون.
وأضاف يلماز أن منظمة الصحة العالمية تولي اهتماماً كبيراً لما نقوم به من تحريات حول الاعتداء الكيماوي على خان شيخون وأن مديرية الصحة في هطاي زّودت الوفد بما توفر لديها من معلومات حول الاعتداء المذكور ومعالجة الجرحى المصابين.
من جانبها قالت إنيت هاينزلمان إحدى أعضاء وفد منظمة الصحة العالمية٬ إّن الوفد قِدم إلى هطاي للتباحث حول كيفية تقديم المساعدات للمستشفيات التركية التي استقبلت جرحى الاعتداء الكيماوي.
وأوضحت هاينزلمان أّن سوء الأوضاع الأمنية في الداخل السوري حالت دون دخولهم إلى أراضي هذا البلد٬ وأّن الوفد سيكتفي بجمع المعلومات من مسؤولي هطاي.
وأضافت أن تركيا تبذل جهوداً كبيرة لإسعاف الجرحى السوريين ومعالجتهم في مستشفياتها٬ وتنسق مع وزارة الصحة التركية حول كيفية إرسال المساعدات الطبية إلى الداخل السوري.
وكانت وزارة الصحة التركية أعلنت الثلاثاء أن غاز السارين استخدم في الهجوم الكيماوي على خان شيخون.
وبذلت تركيا مساعي دولية واسعة خلال الأيام الماضية من أجل فضح الجريمة وإثبات استخدام النظام للأسلحة المحرمة دوليا.
وتوصل محققون من قبل إلى أن غازات السارين والكلور وخردل الكبريت تم استخدامها خلال الحرب الأهلية في سوريا. واستخدمت قوات الحكومة الكلور بينما استخدم تنظيم داعش خردل الكبريت.
ويعد قصف مدينة خان شيخون٬ الواقعة في محافظة إدلب التي تسيطر عليها المعارضة قرب الحدود مع تركيا٬ هو أكبر الهجمات من حيث عدد القتلى منذ هجوم بغاز السارين في 21 أغسطس (آب) عام 2013 أوقع مئات القتلى في الغوطة الشرقية.
في السياق نفسه٬ قال الوفد البريطاني في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية٬ أمس٬ إن عينات أخذت من مسرح الهجوم الكيماوي في سوريا الأسبوع الماضي أثبتت وجود غاز السارين.
وقال الوفد خلال جلسة خاصة للمنظمة في لاهاي: «حلل علماء بريطانيون العينات التي أخذت من خان شيخون. ثبت وجود غاز السارين للأعصاب أو مادة تشبه السارين».
وكانت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي٬ قالت٬ في بيان أذيع تلفزيونيا «نعتقد أنه من المرجح بشدة أن الهجوم نفذه نظام الأسد… وبعيدا عن أي شيء آخر نعتقد أن النظام وحده هو الذي لديه القدرة على تنفيذ مثل هذا الهجوم».
في سياق متصل٬ تصر روسيا على تشكيل فريق للتحقيق في القصف الذي تعرضت له مدينة خان شيخون باستخدام السباح الكيماوي٬ وتدعو إلى ضم ممثلين عن الدولة الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار٬ أي روسيا وتركيا وإيران٬ إلى محققي منظمة حظر الأسلحة الكيماوية٬ وقدمت اقتراحا إلى المنظمة بهذا الخصوص.
وكشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحافي٬ أمس٬ أنه عرض على وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون٬ خلال محادثاتهما في اليوم السابق٬ تشكيل لجنة تحقيق مستقلة على أساس البنى التي تم تشكيلها في الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية٬ بمشاركة ممثلين عن الدول الغربية وروسيا ودول المنطقة. وأضاف لافروف إنه لمس ترحيبا لدى تيلرسون بالفكرة٬ إلا أنه لم يكن مستعداً لتقديم الاقتراح باسم روسيا والولايات المتحدة٬ ولذلك قدمته روسيا لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية باسمها.
من جانبه قال سيرغي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسي٬ في تصريحات أمس٬ إن لجنة التحقيق يجب أن تضم ممثلين عن الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي٬ وعن الدول الضامنة لعملية آستانة. وأشار في تصريحات نقلتها «ريا نوفوستي» إلى أن موقف بلاده لم يتغير٬ أي إن موسكو ما زالت تصر على رفض الاتهامات المسبقة٬ داعياً منظمة حظر الأسلحة الكيميائية «المؤسسة المختصة في هذا المجال والتي تتوفر لديها الخبرة اللازمة للتفتيش٬ أن تعمل على تحقيق نزيه ومحايد»٬ مكررا أنه «في حال ساد المنطق خلال أعمال الدورة الاستثنائية للمجلس التنفيذي للمنظمة٬ وتم تشكيل بعثة التحقيق٬ فيجب أن تضم خبراء من جميع الدول القادرة على تقييم الأمور بشكل سليم».
في غضون ذلك٬ دعا نائب رئيس الوزراء التركي ويسي كايناك٬ المجتمع الدولي للوقوف في وجه عمليات التطهير العرقي التي ينفذها نظام الأسد في سوريا٬ مطالبا روسيا وإيران بالكف عن دعم جرائم النظام السوري. وقال في تصريحات٬ أمس٬ إن تركيا تدعم بشدة عدم إجبار السوريين على ترك منازلهم٬ وعدم تعرضهم لعمليات تطهير عرقي على يد قوات النظام السوري٬ مشددا على ضرورة الوقوف في وجه ممارسات النظام السوري هذه.
إلى ذلك قالت صحيفة «صباح» التركية القريبة من الحكومة٬ إن الإدارة الأميركية وافقت أخيراً على خطط تشكيل منطقة آمنة ومناطق حظر طيران لأجل حماية المدنيين في سوريا والتي كانت تركيا تنادي بها منذ فترة طويلة.
وبحسب الصحيفة٬ فإن الولايات المتحدة التي ردت الجمعة الماضي على قتل نظام الأسد العشرات في الهجوم الكيماوي على خان شيخون من خلال قصف قاعدة الشعيرات٬ بدأت تنظر إلى موضوع إنشاء المنطقة الآمنة.
وتصّر تركيا منذ فترة طويلة على تأسيس منطقة آمنة للمدنيين في سوريا٬ وقال وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس إنه يجري أيضاً تقييم الخيارات العسكرية مثل مناطق حظر الطيران.