مطلع شهر آذار الحالي رُفعت أوّل قضيتين ضدّ الرئيس السوري بشّار الأسد في المحكمة الجنائية الدوليّة في لاهاي. إحدى القضيتان رفعها “مركز غورنيكا للعدالة الدوليّة” (لندن) يوم 4 مارس/آذار والثانية رفعها فريق من المحامين البريطانيين يوم السابع منه، باسم لاجئين سوريين مقيمين في الأردن.

© reuters

يطالب محامو الإدّعاء المحكمة الدّولية بالتحقيق في الجرائم اللاإنسانيّة التي اُرتكبت منذ اندلاع القتال عام 2011. “القيادة السياسيّة العسكريّة للنظام السوريّ، بما فيها الرئيس الأسد، هي المسؤولة عنها، لذا يجب أن تتمّ مساءلتها” بحسب ما صرّح توبي كادمان، أحد محاميّ مركز غورنيكا لـهولندا الآن.

رفعُ هذه الدعوى لم يكن ممكناً في السابق لعدم اختصاص المحكمة لأنّ سوريا غير موقّعة على معاهدة روما التي أنشأت المحكمة الجنائيّة الدوليّة. لكنّ المحامين استخدموا سابقة أرستها المحكمة بإصدار أحكام في قضايا اللاجئين الروهينجا في بنغلادش، ليرفعوا قضيتين لدى الهيئة الدولية بشأن سوريا. وفي سبتمبر/ أيلول الماضي، قرّر قضاة المحكمة أنه بالرغم من أن ميانمار لم توقع على معاهدة روما إلا أن بنغلادش من الموقعين، ولأن بعض الجرائم وقعت على أراضي بنغلادش يصبح بإمكان المحكمة النظر في القضايا.

وقد رُفعت القضيتان توكيلاً عن اللاجئين السوريين، بالاستناد إلى المبدأ ذاته، فالأردن عضو في معاهدة روما، وموقع على النظام الأساسي للجنائية الدولية.

الإدعاءات بحسب كادمان تركّز على الترحيل القسري والاضطهاد وغير ذلك من الأعمال اللاإنسانية التي طالت أكثر من مليون سوري، لكنّها أيضاً تشمل القصف الجوي والتعذيب والاغتصاب والإعدام واستخدام الأسلحة الكيماوية وغيرها من الأسلحة المحظورة “التي تطرح على أنّها جزء من سياسة الدولة وتشكّل جرائم إنسانيّة وجرائم حرب تندرج ضمن اختصاص المحكمة الجنائيّة الدوليّة” على حد تعبير كادمان الذي أكد في تصريحه الخاص لموقعنا أنّ ما تمّ تزويد المحكمة الدوليّة به من أدّلة حتى الآن يشكّل “أساس قانونيّ سليم يمكن من خلاله محاسبة الأشخاص الذين يتحمّلون المسؤولية الجنائية الفرديّة” على حدّ تعبيره .

العديد من القادمين الجدد في هولندا يؤيدون محاكمة الأسد. في استطلاع للرأي على صفحة الفيسبوك الخاصة بـهولندا الآن، أجاب أكثر من 1600 شخص على السؤال التالي: هل يجب على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي محاكمة الرئيس بشار الأسد؟ 90٪ من الناس صوّتوا بنعم. فقط 10% صوّتوا بلا.

إن مسألة ما إذا كان يجب أن يمثل الأسد أمام المحكمة الجنائية الدولية أم لا تتناسب مع النقاش الدولي حول مستقبل سوريا. لأن من سيحكم البلاد في المرحلة القادمة؟ هل سيستعيد الأسد الثقة على الصعيدين الوطني والدولي؟ أم أنّه لم يعد مقبولاً كقائد؟ هل يمكن أن نرى سوريا كبلد مستقر مجدّداً؟ مع أو بدون الأسد؟ حتى الآن هناك قضيتان أمام المحكمة، الخطوة التالية غير معروفة بعد.

“القيادة السياسيّة العسكريّة للنظام السوريّ، بما فيها الرئيس الأسد، هي المسؤولة عنها، لذا يجب أن تتمّ

مساءلتها”توبي كادمان، أحد محاميّ مركز غورنيكا

المصدر “هولندا الان”