دلب ـ «القدس العربي»: شنت فصائل الثوار في ريف حلب الجنوبي هجوماً معاكساً على جيش النظام والميليشيات العراقية والإيرانية المدعومة بغطاء جوي ناري روسي، والتي بدأت عملية للسيطرة على عدد من القرى في محيط جبل عزان وصولاً إلى بلدة الوضيحي.
وأعلن الثوار في غرفة عمليات فتح حلب عن تحرير قرى السابقية والكسرات وعبطين وإعادة السيطرة عليها وعلى كتيبة الدبابات التي تقع على إحدى كتلتي جبل عزان بعد أن خسرها الثوار، فيما تدور المعارك على تلة الشهيد.
وصرح مسؤول حركة أحرار الشام الإسلامية في حلب، أبو يوسف المهاجر لـ «القدس العربي»: «تمكنا من صدّ هجوم كبير لقوات النظام في الوضيحي واسترجعنا عدداً من النقاط في جبل عزان أهمها كتيبة الدبابات». وأكد المهاجر أن «تعزيزات كبيرة أرسلها النظام لمنع خسارته كتيبة الدبابات».
ودمرت فصائل الثوار نحو خمس مدرعات لقوات النظام، وقتلت قرابة ستين من جنود جيش النظام والميليشيات المقاتلة معه حسب تصريح المهاجر، فيما ذكر مصدر في غرفة عمليات فتح حلب لـ«القدس العربي» أن الثوار «دمروا دبابتين وعربة بي إم بي، ومدفعي 23، وشاحنة محملة بالذخيرة وراجمة صواريخ، كما سيطروا على عدد من الآليات».
الناطق الرسمي باسم غرفة عمليات فتح حلب، الرائد ياسر عبد الرحيم، قال في حديث لـ«القدس العربي» إن المعارك «محتدمة في أكثر من قرية على كامل الخط من الوضيحي غرباُ وصولا إلى عبيطين بمسافة عشرة كيلومترات، واستطعنا استعادة قريتين تقدم بهما النظام بعد قصف مكثف من الطيران الروسي».
واستمر القصف والتمهيد من الطيران الروسي ومدفعية قوات النظام من الخامسة صباحاً وحتى التاسعة صباحاً حيث بدأت قوات النظام والميليشيات بهجوم بري، امتد على محورين من جبل عزان شرقاً ومحور الوضيحي الكسارات غرباً، وهي مناطق تسيطر عليها كتائب «ثوار الشام» من أبناء الريف الجنوبي.
بعد خسارة العديد من القرى والنقاط وصلت تعزيزات عسكرية لفصائل الثوار المحلية صباحاً، آتية من فصائل أخرى أهمها جيش المجاهدين وحركة نور الدين الزنكي وأحرار الشام وقطاع البادية في جبهة النصرة.
وكان الطيران الروسي قد بدأ سلسلة من الغارات على الريف الجنوبي منذ ساعات الصباح الباكر. وذكر مركز السفيرة الإخباري أن الطيران الحربي الروسي استهدف مستشفى الحاضر الخيري ما أدى الى خروجه عن الخدمة، وقصف عدداً من المقرات العسكرية لفصائل جيش الفتح في البوابية وايكاردا وقصف مدرسة الصناعة في قرية العيس ودمرها بشكل كامل، كما قصف مستشفى التوليد في الحاضر وتسبب في خروجه عن العمل أيضاً، كما استهدف الطيران الحربي الجسور التاريخية على نهر قويق.
الناشط والصحافي تركي المصطفى قال: «إن الهدف من كثافة الطيران الروسي ومئات قذائف المدفعية التي سقطت على القرى هو تهجير المدنيين، والدليل أنه أدى الى نزوح أهالي 15 قرية في أماكن الاشتباكات». واعتبر المصطفى أن «النظام بفتحه جبهة في ريف حلب الجنوبي يريد تشتيت المعارضة عن باقي الجبهات، ولا جدوى من هذه المعركة استراتيجياً للنظام».
معركة ريف حلب الجنوبي، التي بدأها النظام للتخفيف عن ضغط قوات الثوار عليه في حماة، ارتدت عليه بخسائر كبيرة، وخصوصاً في قرية عبطين، ففقد عدداً كبيراً من جنوده ومن الميليشيات العراقية والإيرانية المتواجدة في المنطقة منذ قرابة ثلاثة أعوام، وهو ما أثبتته المعارضة المسلحة، حين تمكن «لواء داوود» في أيلول/سبتمبر عام 2013 من استهداف مجموعة إيرانية مقاتلة، واستولى على كاميرات للفريق الإعلامي الحربي الإيراني تحتوي على مقاطع فيديو بثتها المعارضة السورية، تبرهن على وجود القوات الإيرانية في ريف حلب الجنوبي.
وفتح الجبهات الصغيرة والمتعددة هو تكتيك يتبعه الروس منذ بدء استلامهم غرف العمليات العسكرية في سوريا، ورغم كارثية نتائجه المتوقعة على قوات النظام وحلفائه، يبدو أنه سينهك الثوار في سد الثغرات المتباعدة، وهذا ما يراهن عليه الروس. وهذا يستوجب على فصائل المعارضة الــبــدء بعــمـل هــجــومي في هدف واحد مركز لوقف استنزاف قوتهم البشرية والعسكرية المتواضعة.
مقولة «خير وسيلة للدفاع هي الهجوم» صارت خيار المعارضة المسلحة الوحيد لوقف طرائق استنزافهم على المدى الطويل، وفق قواعد اللعبة التي يجيدها الروس من خلال تجاربهم العسكرية الطويلة في حروب استنزاف مشابهة خاضتها قواتهم في العديد من الدول المجاورة لروسيا، والتي خرجت عسكرياً عن سيطرة حكومات موالية لموسكو.

منهل باريش