A handout picture released by the official Syrian Arab News Agency (SANA) on April 30, 2018 shows government forces starting to prepare a human corridor from which buses will enter Yarmuk, a Palestinian refugee camp south of Damascus, in preparation for the implementation of an agreement to evacuate the people from the camp to Idlib. / AFP PHOTO / SANA / HO / RESTRICTED TO EDITORIAL USE - MANDATORY CREDIT "AFP PHOTO / SANA - NO MARKETING NO ADVERTISING CAMPAIGNS - DISTRIBUTED AS A SERVICE TO CLIENTS

اقترب النظام السوري وحلفاؤه من إتمام «هندسة» جغرافية وديموغرافية في محيط العاصمة دمشق، إذ يبدأ اليوم (الثلثاء) إجلاء بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم، بعدما جرى اتفاق امس يقضي بتسليم هيئة تحرير الشام (النصرة) الأجزاء التي تسيطر عليها في مخيم اليرموك، مقابل إخراج مدنيين من بلدتي الفوعة وكفريا اللتين يقطنهما أغلبية من المكون الشيعي.

وفي ظل رفض من أهالي الفوعة والمعارضة السورية، شرع النظام في تنفيذ المرحلة الثانية من ما عرف باتفاق «المدن الأربع» لإفراغ بلدتي كفريا والفوعة واستبدال الزبداني وبلودان بمقاتلي جبهة «النصرة» الإرهابية في مخيم اليرموك.

وكانت قوات المعارضة أحكمت سيطرتها على كل مدينة إدلب في آذار (مارس) 2015، وشددت حصاراً مفروضاً على قريتي كفريا والفوعة اللتين يقطنهما مواطنون من المكون الشيعي.

وبوساطة تركية وقطرية تم التوصل في آب (أغسطس) 2015، إلى هدنة لوقف النار لمدة شهر في كفريا والفوعة والزبداني ومضايا الواقعتين في الغوطة الغربية لمدينة دمشق، واللتين تعرضتا لحملات عسكرية اتبعت بحصار خانق تسبب في موت مئات الأطفال والشيوخ بسبب نقص الأغذية والأدوية، قبل أن يتم التوصل في أيلول (سبتمبر) 2015، إلى أول اتفاق هدنة يقضي بإجلاء المصابين والمدنيين الراغبين في الخروج من البلدات في شكلٍ متبادل، وجاء هذا الاتفاق بعد مفاوضات بين فصائل معارضة وجبهة النصرة من جهة وقوات النظام وحزب الله من جهةٍ أخرى، وتضمن حينها إيقاف المعارك في الزبداني ومضايا، وإجلاء المدنيين من كفريا والفوعة، بالإضافة إلى إطلاق سراح 500 معتقل لدى النظام السوري مع استمرار التهدئة لستة أشهر، لكن استهداف النظام لبعض المناطق المنضوية في الاتفاق أدى إلى انهياره.

وفي 28 كانون الأول (ديسمبر) 2015، تم التوصل إلى اتفاق وقف النار وتوفير ممرات آمنة بجهود الأمم المتحدة وبعض الدول الإقليمية كتركيا وقطر، وفي إطار الاتفاق، خرج بعض المسلحين وعائلاتهم من الزبداني نحو مطار بيروت ومنها إلى تركيا، وانطلقت بعض العائلات من كفريا والفوعة إلى تركيا ومنها إلى بيروت، وفي 14 من كانون الأول (ديسمبر) 2016 عقدت مفاوضات لإخراج أهالي كفريا والفوعة مقابل إخراج قوات المعارضة في الأحياء الشرقية لحلب، لكن جبهة النصرة عارضت شروط الاتفاق، وأحرقت الحافلات المتجهة للبلدتين، إلا أن الاتفاق تم تنفيذه في 19 من كانون الأول من العام نفسه. وفي 28 آذار( مارس) 2017 وقع ما عرف بـ «اتفاق المدن الأربع» الخاص ببلدتي مضايا والزبداني في ريف دمشق، وكفريا والفوعة في ريف إدلب، بعد مفاوضات بين ممثلين عن حركة «أحرار الشام الإسلامية» و «هيئة تحرير الشام»، وعن «الحرس الثوري» الإيراني وميليشيا «حزب الله»، برعاية قطرية، وبوشر بتنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق في 14 نيسان (أبريل) 2017، على رغم اعتراضات بين المعارضة السورية وسكان المدن الأربع.

هندسة ديموغرافية وجغرافية.

وفي حين حمل اتفاق «المدن الأربع» إشارات إلى رغبة حلفاء النظام في هندسة ديموغرافية، ذات صبغة طائفية عبر التهجير المنظم، ضمن الاتفاق لإيران المحافظة على طريق دمشق بيروت، وإبعاد مسلحي المعارضة عن الحدود اللبنانية ومناطق نفوذ حزب الله. ومع فشل سياسة الحصار والتجويع لسنوات في الغوطة الشرقية، شن النظام وحلفاؤه حملة عسكرية عنيفة بدعم روسي لإنهاء وجود المسلحين فيها، على رغم إدراجها ضمن مناطق خفض التصعيد، وتمخضت الحملة عن موجة تهجير كبيرة للمدنيين نحو إدلب وجرابلس، وما أن انتهت الحملة على الغوطة حتى تراجع النظام عن اتفاقات الهدن السابقة مع القلمون الشرقي، وبعد التلويح بسياسة الأرض المحروقة، قررت فصائل القلمون تسليم أسلحتها وغادرت المنطقة نحو الشمال والبادية السورية.

وبعد نحو أربع سنوات على اتفاق هدنة في بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم من المنتظر أن يبدأ اليوم إجلائها إلى الشمال البلاد وريف درعا. وتكمن أهمية المنطقة أنها تعد صلة الوصل بين الغوطتين الشرقية والغربية، وتقع إلى الشمال من مقام السيدة زينب جنوب دمشق، وهو من أهم المراقد الشيعية في دمشق، إضافة إلى مقام السيدة سكينة في داريا في الغوطة الغربية، ويذكر أن إيران وميليشيات حزب الله اتخذت من حماية المراقد المقدسة ذريعة لبداية تدخلها في سورية. ومع توقعات بانتهاء الحملة العسكرية على الحجر الأسود والتضامن ومخيم اليرموك في غضون أيام، يكون النظام قد أمن محيط مدينة دمشق للمرة الأولى منذ 2012، وبات الطريق إلى مطار دمشق آمنا بالكامل. وتمكن النظام من بسط سيطرته على الطرق الدولية المؤدية إلى حمص وبغداد ووصلها بالطريق بين دمشق وبيروت، الأمر الذي يكتسب أهمية لمشروع إيران الطائفي في المنطقة عبر محور طهران- بغداد- دمشق- بيروت.

ومع الدمار الهائل في كامل محيط دمشق من الشرق والجنوب والغرب، بدأت التكهنات حول مستقبل ما كان يوصف بـ «أحزمة الفقر» المحيطة بالعاصمة، والتي هجر عدد كبير من أهلها، ولا يملك معظم من تبقى منهم إمكانات لإعادة إعمار منازلهم المهدمة، ويعرب سكان دمشق ومحيطها عن القلق من مشروعات إيرانية- طائفية لتغيير معالم جنوب دمشق وغربها بتوطين مقاتلين من جنسيات مختلفة في المنطقة. وكذلك عجزهم عن العودة مع الحديث عن مشروعات لإعادة تنظيم المناطق من داريا غرباً إلى حجيرة والسيدة زينب شرقاً.