فادي رياض : مجلة رؤية سورية

ما زال الغموض يسود الدوائر الضيقة في داعش التي تحكم المناطق المسيطرة عليها بشرق سوريا، في كلا من مدينتي الرقة ودير الزور والأرياف المحيطة بهما، مجلة رؤية سورية تلقت مؤخرا معلومات خاصة حول من يتحكم بالسلطات الأمنية والعسكرية، ومن هي الجنسيات الأجنبية والعربية «المهاجرون» التي تستلم زمام الأمور، وماهو دور السكان الأصليين لتلك المناطق في إدارة الحياة العامة والخاصة ايضا؟!

المعلومات نقلها ابو محمد الديري الذي خرج مؤخرا من دير الزور بعد عناء كبير واستطاع الوصول إلى تركيا، والذي اختار ان يتكلم باسم مستعار خوفا على أهله واصدقائه الذين تركهم في دير الزور بأيدي داعش هناك، ابو محمد حصل على المعلومات من أحد اصدقائه المقربين الذي كما يقول اُجبر أن يكون من عناصر داعش حيث كان في السابق من عناصر الجيش الحر ولكن عند احتلال داعش لدير الزور، كان مخيرا بين الموت أو مبايعة التنظيم والانضواء تحت امرته.

العراقيون هم في أعلى هرم السلطة

كما يعرف الجميع ان الشح في المعلومات عن تلك المناطق هو بسبب الحصار الاعلامي الذي يقوم به التنظيم ومراقبته للحياة العامة وايضا الالكترونية للسكان الذين لا حول لهم ولاقوة، ابو محمد تحدث بالتفصيل لـ رؤية سورية عن المحاصاصات الاجنبية للمراكز الامنية والعسكرية وايضا التنفيذية، حيث بدأ من رأس هرم سلطة داعش، قائلا:

« كثيرا من اهالي دير لزور ومنهم انا لانعرف من يحكمنا ولا نرى هؤلاء الذين يلقبون انفسهم بأمراء المناطق، ولكن الذي عرفته من صديقي أن مؤسسي التنظيم هم رأس السلطة تماما العراقيين الذين يستلمون أهم السلطات وهي رئاسة الأفرع الأمنية واليهم ترجع الأمور المفصلية بكل شي، وماتبقى من جنسيات ماهم الأ أدوات تنفيذ فقط، وهؤلاء الأمراء يستخدمون ألقاب وأسماء مستعارة، فنسمع ان أمير تلك المنطقة أبو فلان، ولكن لانعرف لاشكله ولا من أين أتى فهو لاينزل إلى الشارع لملاقاة الناس ابدا، هم يعيشون حياة سرية للغاية وممنوع على الجميع التكلم عنهم أو عن قصصهم حتى لو كانت من نسج خيال البعض».

العرب شرطة داعش في الشوارع

يتابع ابو محمد حديثه لما كان يراه ومعروف للجميع ممن يعيشون تلك المناطق، ولكن ما لم يكن يعرفه أنه أمر ممنهج ومدروس، والكلام عن شرطة الشوارع التابعين لداعش، حيث قال أبو محمد:

«كنت أرى المصري والتونسي والمغربي وغيرهم من العرب يتجولون في شوارع مدينتي ويتحكمون بالحياة العامة للأهالي، وظننت في ذلك الوقت أنه تم وضعهم شرطة شوارع كونهم من متحدثي اللغة العربية، ولكن صديقي أخبرني ان النظام الهيكلي لداعش وضع هذه الجنسيات العربية في هذا المكان تحديدا، ولا يسمح لهم بالتطور والانتقال لمراكز السلطة التي يحتكرها العراقيون، وحبهم لمنصب شرطي الشارع يأتي لاشباع رغباتهم بالتحكم بحياة الناس متذرعين بالشريعة الإسلامية التي يظنون انهم يطبقونها بتلك الأساليب البشعة في المجتمع الديري المحافظ أخلاقيا ودينيا قبل وجودهم أصلا».

الشيشان والأوربيون يقودون المعارك

ينتقل أبو محمد الديري بالحديث عن الجنسيات الأجنبية الذين أتوا من الدول الغربية من شيشان وأوربيين وغيرهم، حيث قال:

«لم نكن نرى في أحيائنا عناصر داعش الاجانب هؤلاء القادمون من الشيشان وأوربا إلا قليلا، حيث منهم من يأتي لزيارة عائلاتهم القاطنة بيننا، وتلك العائلات لا تختلط بالعائلات الديرية، لأنهم بالغالب هم لا يتحدثون العربية بطلاقة، وقلة رؤيتنا للعناصر الأجنبية برره صديقي بأن مواقع عملهم في التنظيم هو قيادة المعارك والعمليات الحربية على الجبهات أن كانت مع الثوار الأحرار أو مع النظام الأسدي، وهم من البشر الذين استطاع داعش غسل أدمغتهم وتسييرهم مثلما يريد، وقلة معرفتهم باللغة العربية جعلهم بعيدون عن حقيقة إجرام داعش تجاه الشعب السوري وهذا يدعوهم للاشتراك في هذا الاجرام المستمر».

السوريون «الأنصار» وقود حرب داعش وتفجيراته

ماتبقى من عناصر التنظيم هم من السوريين الذين يدعون بالأنصار، وهم أما أولئك البسطاء المغسولة أدمغتهم، أو ممن أجبروا على مبايعة داعش مكرهين، وصديق أبو محمد الذي هو مصدر كل هذه المعلومات هو من النوع الآخر، وعن ذلك تحدث أبو محمد قائلا:

«السوريون الداعشيون مهامهم تنحصر بالقتال في الخطوط الأمامية لجبهات التنظيم القتالية، هم أدوات حرب التنظيم ومفخخاته، حيث يقودون السيارات المفخخة ويفجرون أنفسهم بها في مواقع العدو أيا كان، هم بعيدون عن عائلاتهم واصدقائهم في اغلب الوقت، وكثيرا ما ينقل خبر وفاة أحدهم فجأة لعائلته، ويلقبون بالأنصار هم من كانوا مقاتلين قبل دخول تنظيم الدولة وهم خُيروا ما بين المبايعة والعمل تحت راية التنظيم أو الإعدام ، وقد سُجلت حالات إعدام كثيرة ممن رفضوا الانطواء تحت راية التنظيم وقاوموه بالقتال حين دخل تنظيم داعش مناطق دير الزور، أي أن الأنصار هم من استسلموا وقاموا بالمبايعة بشكل سلمي للغاية حفاظا على أرواحهم، ومنهم من يميلون إلى أفكار التنظيم أو يتعاطفون معه، أو من ضاعت بهم السبل ولم يبقَ لهم إلا المبايعة والانضمام على مبدأ (مجبرا أخاك لا بطل)».

الأنصار والغرباء

الناشط سالم الديري تحدث لرؤية سورية عن الفرق العنصري بين الأنصار (السوريين) والمهاجرين (الغرباء)، قائلا:

«الأنصارُ هم من كانوا مقاتلين قبل دخول تنظيم الدولة وهم خُيروا ما بين المبايعة والعمل تحت راية التنظيم أو الإعدام ، وقد سُجلت حالات إعدام كثيرة ممن رفضوا الانطواء تحت راية التنظيم وقاوموه بالقتال حين دخل تنظيم داعش مناطق دير الزور، أي أن الأنصار هم من استسلموا وقاموا بالمبايعة بشكل سلمي للغاية حفاظا على أرواحهم، ومنهم من يميلون إلى أفكار التنظيم أو يتعاطفون معه، أو من ضاعت بهم السبل ولم يبقَ لهم إلا المبايعة والانضمام على مبدأ (مجبرا أخاك لا بطل)، اما عن الفرق بين الأنصار والمهاجرين، فأنه كبير جدا وهو يشبه الفرق بين المجندين السنة في الجيش الأسدي وبين المتطوعين والضباط العلويين، أي أن هناك فرق كبير في التعامل والسلطة والمال والجاه، وهنا يبقى الشعور قائم لدى الأنصار إذا أتيحت لهم الفرصة بالانقلاب على المهاجرين وذلك ببساطة لأنهم يشعرون بالظلم والعنصرية».

غرباء المنطقة والأخلاق

الدكتور عامر الحافظ ابن مدينة دير الزور أخبر رؤية سورية قصة حقيقة حدثت تثبت انعدام الأخلاق لعناصر داعش الغرباء، حيث قال:

«ما يثير دهشتي واستغرابي عند سماعي عن تلك الحوادث والقصص اليومية التي تدور على أرض محافظتنا الحبيبة ،أشعر بأن هذه القصص بعيدة وغريبة عني وعن مجتمعنا الديري كل البعد، فمثلا حدث في إحدى قرى ريف دير الزور عندما كان يقف أحد مسلحي داعش على أحد حواجزها وكانت فتاة صغيرة لم تبلغ سن الرشد تمر من هذا الحاجز بشكل يومي فأصبح هذا المسلح يسمعها الكلام المعسول ويرمي شباكه حول هذه الضحية التي لا تمتلك أي خبرة بالحياة، ومع مرور الأيام عرف هذا الشخص أين تسكن فذهب إلى منزلها ليطلب يدها وعند رفض والدها، قال له المسلح لن أغادر حتى أسمع رأي الفتاة (هكذا الشرع يقول) فأحضر الوالد المسكين هذه الفتاة، وهو لا يعلم خبث هذا الشخص فسألها عن رأييها فوافقت وهنا ثارت حفيظة الأب ولكن المجرم أنتزع منه ابنته تحت قوة السلاح وهرب بها، ومن هنا أقول نحن كمجتمع مسلم وعربي عندما نقول عن مسلحي داعش بالغرباء لانقصد بها أنهم غرباء المنطقة والهوية، فقط بل نقصد بأنهم غرباء عنا في عقيدتهم وتصرفاتهم وفي إسلامهم الذين يتبنونه وهم بعيدون كل البعد عن إسلامنا الحنيف الذي نشأنا وتربينا عليه والذي انتقل لنا عن طريق أهلنا وعلماؤنا وحضارتنا والذي حاول الاستعمار الخارجي والاستعمار الداخلي زرعه في مجتمعنا جاهداً حرفنا وأبعادنا عن ديننا الصحيح ولكنه فشل».