مارك والاس
يريد المؤلف تريتا بارسي، من خلال مقال نُشر مؤخرا في مجلة فورين بوليسي، أن نعتقد بأن «الحروب الإيرانية بالوكالة (هي) من نسج الخيال الأميركي». وقد تجاهل الكاتب تصريحات وزير الدفاع الأميركي الجديد جيمس ماتيس، صاحب خبرة مهنية طويلة في قطاع البحرية، وجنرال أربع نجوم وخبير عسكري جامعي عالمي، واصفًا إياها بأنها مبالغة.
ومن المثير للاهتمام، أن بارسي لم يتطرق إلى الإشارة إلى دور إيران «الريادي» في رعاية الإرهاب منذ فترة طويلة. ويأتي ذلك في الوقت الذي تظهر فيه الحقائق بوضوح، فدعونا نقمْ بتقييم هذه الحقائق الصارخة المتعلقة بالنظام الإيراني والتهديد الكبير الذي يشكله هذا النظام على الأمن العالمي.
إيران مسؤولة عن وفاة أكثر من 1000 عنصر من الجيش الأميركي، وعن عدد لا يحصى من الإصابات الكارثية من خلال تقديم الدعم المالي، وتوفير الأسلحة وتدريب الإرهابيين في العراق ولبنان، وجميع أنحاء دول الخليج.
وفي يوليو (تموز) 2012، أكدت محكمة أميركية الدور الإيراني المهم في تفجير «حزب الله» عام 1983 لثكنات المارينز في بيروت، فيما تم اعتباره أكثر الهجمات دموية ضد أميركيين حتى وقوع اعتداءات 11 – 9. يذكر أن هذا التفجير، الذي تم تنفيذه باستخدام شاحنة مفخخة، أسفر عن مقتل 241 أميركيًا. وقد استمر هذا الدعم الإيراني للجماعات الإرهابية على مدى عقود.
وبعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 قامت إيران بدعم، وتدريب وتمويل المتمردين الشيعة بغرض استهداف القوات الأميركية، وقامت بتزويدهم بعبوات ناسفة مدمرة، كانت سبب الوفاة الرئيسي في صفوف القوات الأميركية في العراق.
وفي شهادة تحت القسم أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ في عام 2008، قال الجنرال ديفيد بترايوس: «لقد كانت أنشطة إيران ضارة، وبخاصة في العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية وأفغانستان. في كل مكان، وبدرجات متفاوتة، عملت طهران على تشجيع الحروب بالوكالة في محاولة لزيادة نفوذها ومواصلة طموحاتها الإقليمية».
وخلال العام الماضي ردّد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما هذا الشعور قائلا: «نحن نبقى ثابتين في معارضة سلوك إيران المزعزع للاستقرار في أماكن أخرى، بما في ذلك التهديدات لإسرائيل وشركائنا في الخليج، ودعمها وكلاء عنيفين في أماكن مثل سوريا واليمن».
وفي أعقاب الاتفاق النووي، استفاد الاقتصاد الإيراني بشكل كبير من رفع العقوبات. وللأسف، تؤكد التقارير الأخيرة أن أكبر المستفيدين لم يكن الشعب الإيراني، وإنما الحكومة الإيرانية، التي لا تزال تخضع لسيطرة آية الله خامنئي والحرس الثوري الإيراني، وهو منظمة إرهابية تواجه عقوبات من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.
هذه التدفقات النقدية، منذ رفع العقوبات، أدت فقط إلى زيادة قدرات إيران وشجعت جهودها في السعي وراء المزيد من الهيمنة. وتشير الأدلة الأخيرة إلى أن إيران تستغل هذه الفرصة لإقامة «هلال شيعي يمتد من الحدود الأفغانية إلى البحر الأبيض المتوسط».
وأشارت تقارير لـ«رويترز» إلى أنه «لأول مرة، باستطاعة طهران ممارسة نفوذها عبر حملة واسعة في الشرق الأوسط» بحيث تكون لها اليد العليا مقابل خصومها من السنة.
ويأتي دليل آخر على شكل تقارير في الأشهر الأخيرة بأن إيران زادت من وتيرة نقل الأسلحة إلى الحوثيين في اليمن.
وفي شهر أكتوبر (تشرين الأول) وحده، استولت الولايات المتحدة على خمس شحنات أسلحة عبر البحر متجهة إلى اليمن من إيران. ويعتقد الجيش الأميركي، أن إيران قامت بتزويد صواريخ كروز تم إطلاقها من قبل الحوثيين باتجاه السفن البحرية الأميركية قبالة ساحل اليمن خلال ذلك الشهر، في تصعيد غير مسبوق للصراع.
ولعل المثال الأكثر وضوحا من أي شيء آخر، هو الدعم الإيراني لـ«حزب الله»، حيث يتعهد البيان التأسيسي لـ«حزب الله» علنًا بالولاء لآية الله الإيراني. وفي شهر يونيو (حزيران) الماضي، أعلن الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، بتحد: «أن ميزانية (حزب الله)، دخله ونفقاته، والأسلحة والصواريخ، هي من إيران».
إيران تقوم بتشجيع، الحروب بالوكالة في جميع أنحاء الشرق الأوسط من دون خجل. ويوفر الاتفاق النووي الحالي صندوقا سريا للإرهاب من أجل زيادة تلك الممارسات.
بدلا من محاولة إنكار دور النظام الإيراني الواضح في شن الحروب المدمرة بالوكالة في منطقة الشرق الأوسط، أو إلقاء اللوم على دول خليجية أخرى، يجب علينا أن نقبل الحقائق ونلزم أنفسنا بمكافحة جميع الإرهابيين وأولئك الذين يدعمونهم.

 

* السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة والرئيس التنفيذي لمجموعة «متحدون ضد إيران النووية» (يواني)