سميرة ابو سعدة دكتوراة في القانون الدولي

السادة الكرام ممثلي الشعب السوري في هيئة المفاوضات بعد التحية :

بعد الحرب العالمية الثانية، وعلى إثر ماسببته للبشرية من مآسي وويلات، تنادت الأمم وشكلت مايسمى ( هيئة الأمم المتحدة) في مؤتمرها الأول المنعقد في مدينة سان فرانسسكو  / 26 / 6 / 1945

تمخض عنه ( ميثاق الأمم المتحدة ) واعتبر دستورا أمميا ونظاما وأساسا لمحكمة العدل الدولية .

وعلى إثره صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في باريس عام / 1948 / بقرار( 217 ) إعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة. وإعتبر جزءا متمما لميثاق الأمم المتحدة .

وفي الفصل السابع (7 ) من الميثاق تعهد جميع أعضاء الأمم المتحدة بالمساهمة الفاعلة في حفظ السلم والأمن الدوليين، والحفاظ على تطبيق مبادئ حقوق الإنسان التي أقرها إعلان حقوق الإنسان في عام ( 1948 ) الذي حدد حقوق الإنسان الأساسية التي يتعين حمايتها، وترجم إلى (500) لغة عالمية .

ولما كان الإعتراف بالكرامة المتأصلة في مفهوم أعضاء الأسرة البشرية، وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام في العالم، كان من الضرورة بمكان، وضع قانون لحماية هذه الحقوق وإحداث عالما يتمتع فيه الفرد بحرية القول والعقيدة، والتحرر من الخوف، والرعب، والإستبداد والظلم، والإفقار.

فكانت المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة التي تقر (مقاصد الأمم المتحدة )

– حفظ السلم والأمن الدوليين وتحقيقهما، وإتخاذ كل التدابير المشتركة الفاعلة لمنع الأسباب التي تهدد السلم والأمن وإزالتها، وقمع أعمال التعدي والعدوان وفقا لمبادئ العدل والقانون الدولي، لحل الأزمات والنزاعات التي تؤدي إلى الإخلال بالسلم والأمن وإزالتها وتسويتها، مستندة بذلك على إحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا دون تمييز في العنصر أو اللون، والجنس، اللغة ،الدين ،الرأي السياسي وغير السياسي، الأصل الوطني أو الإجتماعي، أو الثروة، أو المولد، الوضع السياسي، الوضع القانوني، أو الوضع الدولي، أو الوضع الإقليمي والوضع الداخلي.

المادة الأولى من إعلان حقوق الإنسان (  1948 – قرار 217 ) تقر–يولد جميع الناس أحرارا ومتساويين في الكرامة والحقوق.

المادة الثانية- ولكل إنسان حق التمتع بالحقوق والحريات ، دون تمييز.

المادة الثالثة – لكل فرد الحق بالتمتع في الحياة والحرية والأمان على شخصه وحياته .الخ من مواد قانونية يتضمنها إعلان حقوق الإنسان.

هيئة الأمم المتحدة بميثاقها، كانت هي المرجع لتنسيق الأعمال وتوجيهها نحو إدراك هذه الغاية، وعلى عاتقها وبكافة اعضائها. يتطلب منها العمل وفقا للمبادئ التي قامت على أساسها . وهي

– مبدأ المساواة ، الحفاظ على السيادة، فض النزاعات بالمسائل السلمية التى لا تجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر، وقد أكدت على الأسباب التي تشكل تهديدا للسلم.

1- مخالفة أحكام القانون الدولي وميثاقه، ومبادئ حقوق الانسان واعلانه.

2-التهديد والترويع للمواطن داخليا ومن الخارج، او التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية ( سورية).

– قرار ( 3314 ) لعام/1974 / لهيئة الأمم المتحدة الذي يبين الأعمال التي تعتبر عملا عدوانيا

ا- إستخدام القوة المسلحة من جانب واحد ضد المدنيين العزل الآمنين.

ب- قيام القوات المسلحة لدولة ما، بغزو أو شن هجوم على أراضي دولة أخرى، أو احتلالها عسكريا تحت أي سبب حتى لو كان مؤقتا. ونجم عن هذا ضم أو تقسيم أو تغيير حدود، أو إستخدام عسكري لأراضيها، ببناء قواعد عسكرية او مطارات عسكرية تعتبر تعدي على السيادة الوطنية لأراضي دولة أخرى أو لجزء منها.  ( سورية ) – «التدخل والإحتلال الروسي وإيران والدول الأخرى المعتدية المارقة » بحجة مكافحة الإرهاب.

ج- قيام دولة ما بإرسال أو إيفاد جماعات مسلحة أو جند غير نظاميين أو مرتزقة، لإرتكاب أعمال عنف بالقوة العسكري، ضد دولة أخرى، تكون على نفس خطورة الأعمال.

ومسألة تحديد مايعتبر عملا عدوانيا من إختصاص مجلس الأمن وحده.

– لذلك يلاحظ أن مجلس الأمن ، لايستخدم مصطلح العدوان بصورة صريحة إلا في حالات محدودة لأهداف مبهمة وغير مقنعة، لاتخدم الشعوب والدول المضطهدة، المعتدى عليها  .

– إن مجلس الأمن من صلاحياته ، نشر بعثات ومبعوثين حفظ السلام، وفرض العقوبات، والإذن بإستخدام القوة في حال تواجد تهديد للسلم والأمن الدولي، وتلك الصلاحيات مستمدة من ميثاق الأمم المتحدة الذي يعد بحد ذاته معاهدة دولية لها صكوك وقوة، إعمال وإلزام للدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

-المادة- (-101 ) البند الثالث، يقر-

1- ينبغي عند إستخدام الموظفين كمبعوثين، أو تحديد شروط خدمتهم أن يراعى في المكان الأول ضرورة الحصول على أعلى مستوى من المقدرة والكفاءة والنزاهة والمصداقية والحيادية في شخصهم، وأن المهام الموكلة اليهم، موظف كان أو مبعوث أممي يجب أن يتقيد بمبادئ يقرها الميثاق.
2- المبعوث الأممي مهامه تندرج في سياق البحث عن حل يتوافق عليه أطراف النزاع، كما نصت عليه قرارات مجلس الأمن .

3- تحركات المبعوث الأممي، تتم فقط في إطار التسوية السلمية المؤطرة بقرارات المجلس ذات الصلة .

4- وإذا وقع تجاوز لهذه الصلاحيات من قبل المبعوث الدولي، فمن حق أي طرف رفض كل تجاوز لهذه الصلاحيات قطعا والتي جاءت مخالفة ومتجاوزة لهذه القواعد والمبادئ.

5- يتخذ المبعوث موقف الحياد التام في التعاطي مع المسألة والنزاع كليا.

6- المبعوث الأممي مهمته الرئيسية تنطوي على مدخل رئيسي، وهو السعي إلى تقريب بين وجهات النظر دون التدخل في النزاع لصالح طرف أو على حساب طرف آخر وأن يتحلى بالمصداقية والحيادية والشفافية.

( أكبر خرق لقواعد ومبادئ وميزات التي يجب ان يتحلى بها المبعوث الدولي جاءت علي يد المبعوث الدولي لحل النزاع واحقاق حق الشعب السوري،السيد ستيفان ديمستورا) .

– وإنطلاقا من كل ماتقدم، نجد ان السيد ديمستورا قد داس على مبدأ الحياد في التعاطي مع المسألة السورية، ومع عدالة قضية الشعب السوري -المطالب بالحرية والكرامة الإنسانية التي يضمنها القانون والمعاهدات الدولية.

-وأمعن في التدخل والإنحياز لصالح النظام الديكتاتوري الذي سفك دماء الأطفال بالبراميل المتفجرة، وبالمواد الكيميائية كلور وغاز السارين وجعل اشلائهم في البحار غذاءا للقروش وللاسماك واعتقلهم بالمعتقلات واغتصبهم وعذبهم وبيعت اعضائهم وتاجر بهم وشردهم في كل بقاع الأرض جوعى ومرضى ومقهورين  هذا كله غيض من فيض  فكيف بنا لوسردنا لدمستورا بالأرقام والاثباتات والوقائع وبالملايين للجرائم التي مورست وارتكبت بحق الشعب السوري منها تمت على مسمع ومرأى منه    وعلى يد من يؤيدهم ويدعمهم متواطئا معهم  ومنحازا لطرفهم.

وكل ذلك دفع ثمنه الشعب السوري الذي حول لأرقام تطوف الكرة الأرضية، من شهداء ومعتقلين ومغتصبين ومختطفيين وبضاعة من الجثث لتجار الأعضاء وتجار الرقيق ولاجئين ونازحين وغارقين  حدث ولاحرج، ويكلمنا دمستورا عن الحرب التي خسرها الشعب بكل عين وقحة وعن إنتصار النظام القاتل وزبانيته على شعب أعزل.

لذلك نحن الشعب السوري الثائر لنيل حريته، نطالب بعزل السيد ستيفان ديمستورا من مهمته ونزع صلاحياته وإقصائه عن مهمته كمبعوث ووسيط لحل المسأله السورية ونطعن بمصداقيته وعدم نزاهته وشفافيته بالمهمة الموكله إليه ونتهمه بالانحياز للطرف الآخر العدو ونعتبره حليفا  له أصبح مكشوفا للقاصي والداني سيئ السمعة والصيط، وقد تجاوز المهام الموكلة اليه وتخلى عن مبادئ صلاحياته واصطف بطرف النظام والروس والإيرانيين شاهرا سيفه للدفاع عن منجزاتهم وانتصاراتهم قاصدا بذلك إحباط روح المقاومه لدى الشعب والثوار ضاربا بالقيم والمبادئ الإنسانية والقرارات الدوليه والمواثيق ذات الصلة عرض الحائط .

– لذلك توصلنا إلى قرارنا الحاسم لنعلن موت هذه الوساطة كونها باءت بالفشل لتجاوزها قرارات مجلس الأمن في هيئة الأمم المتحدة ومبادئ اعلان حقوق الإنسان لتخليه عن روح مبادئه ومخالفا للمادة – (100 )-التي تقر:  ليس للأمين العام ولا للموظفين أن يتلقوا خلال تأدية واجبهم تعليمات من أية حكومة أو سلطة خارجة عن نطاق الهيئة الأممية، وعليهم أن يمتنعوا عن القيام بأي فعل اوتصريح قد يسيئ إلى مركزهم اومهمتهم بوصفهم موظفين دوليين مسؤولين أمام الهيئة وحدها.

2- يتعهد كل عضو من الهيئة بإحترام الصفة الدولية البحته لمسؤوليات الأمين العام، والموظفين، وبالا يسعى للتاثير فيهم عند اضطلاعهم بمسؤولياتهم. وقد ضرب المبعوث السيد دمستورا بعرض الحائط بكل شيئ بمساعدة كل من يعمل معه ويتآمر على ثورتنا وحولها لحرب ضد الإرهاب لحرفها عن مسارها وإفشالها، خدمة لبقاء الأسد، وأضحى بذلك  دمستورا ملاذا ( يتقنع بالشرعية الدوليه ) لكل الإرهابيين على الساحة السورية، وعلى رأسهم نظام الاستبداد وأجهزته الامنية ورموزه.

– ان الشعب السوري حدد السقف الذي يجب الوصول إليه في المفاوضات. الدخول بمرحلة حكم إنتقالية بهيئة كاملة الصلاحيات ليس للأسد مكان فيها ولالزمرته ولا لأجهزته الأمنية ولا لمن تلطخت يداه بدم الشعب السوري.

– بناء دولة علمانية ديمقراطية برلمانية تداوليه دستورية لكل السوريين يوكل الحكم فيها للشعب، الاعداد – لمشروع دستور يصوت عليه الشعب ويقره البرلمان المنتخب من قبل الشعب.

-وما التصرفات الدولية الحالية للدول الكبرى، الأعضاء في الأمم المتحدة إلا إنعكاسا للتطورات الراهنة التي يمر بها المجتمع الدولي في الوقت الراهن، والتي تدل دلالة واضحة على إنفراط العقد الدولي، وجنوح أعضائه إلى التحلل من القيم والمبادئ الدولية التي كانت راسخة وأرساها ميثاق الأمم المتحدة والأعراف والأخلاق التي حضت سابقا على السلام وحقوق الإنسان ، بدلا من الحروب والإستغلال وإنماء العلاقات الودية بين الأمم.

وأصبح عمل المبعوثين الدوليين نذير شؤم، ولا توجد بؤرة صراع في العالم إلا وفيها مبعوث أممي وسيط يتلبس حجة الحياد وينفذ اجندة الدوله المموله بالمال السياسي ومصالحها الجيو سياسية والاقتصادية والتوسعيه في أماكن الصراع  والغلبة لمن يدفع اكثر والمبعوث الاممي في سورية ، يقتصر دوره ومحصور بإدارة الأزمة والصراع لا حلها.

ويصرح اوبراين مساعد الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة للشؤون الانسانية، مخاطبا أعضاء مجلس الأمن الدولي: عليكم أن تشعروا بالعار لإخفاقكم في وقف القتل والدمار في سورية  .

إن رائحة الخيانة والخذلان من طرف الأمم المتحدة قد ازكمت أنوف شعوب العالم، فهي منذ تأسيسها لم تكن منصفة ولا عادلة في أية قضية من قضايا الشعوب المستضعفه التي تعاني من الظلم والاستعباد والاستعمار والتمييز العنصري وغير العنصري وبكل أشكاله.

9/9/2017