الجارديان – التقرير

22211

فيما يمكن وصفه بأنه نقطة تحول في الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، وافقت تركيا على تعاون عسكري وأمني مع الولايات المتحدة، والذي قد يكون من شأنه أن يعزز بشكل كبير فعالية الضربات الجوية لقوات التحالف. ولكن ما وصفه المسؤولون الأمريكيون بأنه اتفاق يغير من قواعد اللعبة يأتي مع احتمالية كبيرة بامتداد الصراع السوري-العراقي إلى داخل الدول المجاورة في الشرق الأوسط.

وفي الترتيب لهذه الصفقة، اختار باراك أوباما الوقت المناسب؛ فعلى مدار شهور، لم تُجدِ المفاوضات بين واشنطن وأنقرة حول الاستخدام المحتمل للقواعد العسكرية التركية في الحملة الجوية للتحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية. وبعد ذلك، قتل تفجير انتحاري لتنظيم الدولة الإسلامية يوم الاثنين الماضي 32 شخصًا في الهجوم على بلدة سروج التركية بالقرب من الحدود السورية.

وكان الضغط الناتج على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالرد على تلك التفجيرات مكثفًا. ومنذ اندلاع الأزمة في العام الماضي في أعقاب سقوط مدينة الموصل في يد تنظيم الدولة الإسلامية، ركز أردوغان بشكل أكبر على إحباط الطموحات الانفصالية الكردية في المناطق الخارجة على القانون في العراق وسوريا أكثر من تركيزه على هزيمة الإرهابيين. ورفض مساعدة القوات الكردية المحاصرة في كوباني. ولم تفعل تركيا شيئًا يذكر لعدة شهور لوقف المجندين الأجانب الذين يعبرون حدودها للانضمام إلى تنظيم الدولة الإسلامية.

وقد تم اتهام أجهزة استخبارات أردوغان بدعم تنظيم الدولة الاسلامية والجماعات الإسلامية الأخرى بشكل سري كوسيلة لاحتواء الأكراد، متطلعين في الوقت نفسه إلى مزيد إضعاف للنظام السوري للرئيس بشار الأسد الذي يعارض تركيا.

وكانت طلبات المساعدة الموجهة إلى تركيا غير مرحب بها بشكل مضاعف؛ نظرًا لانتقادات واشنطن لاستبدادية أردوغان، ونظام قيادة الإسلاميين الجدد، وهجومه على حقوق الإنسان وحرية الصحافة، وعدائه الصريح لحليفة الولايات المتحدة الرئيسة ،إسرائيل. ولكن يبدو أن أردوغان هذه الأيام شخصية ضعيفة، بعد أن رفض الناخبون محاولته لإقامة نظام رئاسي تنفيذي في انتخابات شهر يونيو.

وبعد أن أخطأ في الحكم على الرأي العام، لازال أردوغان لديه الكثير ليفعله من أجل إصلاح الأمر؛ حيث تطلب تفجير سروج إعادة التفكير بشكل جذري. وفي حين كان أردوغان يفكر فيما يجب عليه فعله، تدخل أوباما في توقيت مثالي. ويقول المسؤولون الأتراك والأمريكيون، بطريقة دبلوماسية، إن المحادثة التليفونية التي جرت بين الرجلين يوم الأربعاء انتهت إلى الاتفاق على “وقف تدفق المقاتلين الأجانب وتأمين الحدود التركية مع سوريا“. وقال بولنت ارينج، نائب رئيس الوزراء التركي: “لقد تم التوصل إلى إجماع وتوافق في الآراء والأفعال حول مسألة العمليات المشتركة في المستقبل“.

الاتفاق الأمريكي التركي بشأن الدولة الإسلامية قد يتجاوز مجرد استخدام القواعد الجوية

وعلى الرغم من كون أردوغان ظل صامتًا؛ إلا أن التفاهم الجديد مع واشنطن قد يذهب إلى أبعد بكثير من مجرد السماح للولايات المتحدة وبريطانيا باستخدام قاعدة انجرليك الجوية بمدينة أضنة بداية من أوائل أغسطس. وسوف تمنح قاعدة انجرليك طائرات التحالف ميزة كبيرة؛ فبدلًا من الطيران لمسافة 2000 كم من القواعد الجوية وحاملات الطائرات الموجودة في الخليج، سوف تكون قادرة على الطيران على بعد 400 كم من مدينة الرقة، معقل تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا؛ مما يمنحها قدرًا أكبر من المرونة التشغيلية والنطاق التشغيلي.

ولكن، التقارير التركية تشير إلى أن الاتفاقية تغطي أيضًا استخدامات “الطوارئ” للقواعد الجوية التركية الأخرى بواسطة طائرات التحالف، بما في ذلك القواعد الموجودة في المحافظات الجنوبية الشرقية مثل بطمان وديار بكر وملطية، بالإضافة إلى تصريح عام باستخدام المجال الجوي التركي. ويبدو أنه قد تم قبول اقتراح أمريكي آخر طال انتظاره بتحليق الطائرات بدون طيار سواء المسلحة أو التي تستخدم للمراقبة من تركيا.

وكما رأينا يوم الجمعة، يشارك سلاح الجو التركي الآن في الغارات بشكل مباشر للمرة الأولى، على الرغم من أن تركيا ليست عضوًا في التحالف.

ولكن أردوغان لم يبرم هذا الاتفاق ببساطة؛ إذ إن لديه قائمة طلباته الخاصة عندما تحدث إلى أوباما. ويأتي على رأس قائمته مطلب إنشاء منطقة عازلة محددة داخل سوريا -منطقة حظر طيران واقعية فعالة يتم حمايتها بواسطة قوات التحالف والقوات التركية- والتي من شأنها أن توفر ملاذًا آمنًا للاجئين وتحرم الأكراد السوريين من الأراضي الحاسمة. وتشير التقارير التركية إلى أن الولايات المتحدة قد وافقت بهدوء على ذلك، على الرغم من عدم إصدار أي تصريح رسمي في هذا الشأن.

وذكرت صحيفة حرييت نقلًا عن مصادر رسمية مجهولة: “إن الخط الحدودي البالغ طوله 90 كم بين ماري وجرابلس في شمال سوريا سوف يتم تعميقه بطول 40-50 كم“، وأضاف المصدر أن تلك المنطقة يمكن أن يتم توسيعها في المستقبل. وقالت المصادر إن “هذا الخط الأمني سوف يمنع الجماعات المتطرفة مثل تنظيم الدولة الاسلامية أو جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة من التقدم في الأراضي المذكورة. وسوف تفرض طائرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الأمن على الأرض ‘عند الحاجة إلى ذلك‘، وسوف تقوم بشن غارات ‘هجومية أو استكشافية‘”. ومن المحتمل أن تشتمل مثل هذه العمليات على طائرات مقاتلة بريطانية بالإضافة إلى الطائرات الأمريكية.

وذكرت صحيفة حرييت، أنه بموجب اتفاق منطقة الحظر الجوي، لن يُسمح بوجود طائرات النظام السوري داخل تلك المنطقة، وسوف يتم استهداف الطائرات التي تنتهك ذلك الحظر. وتشير إلى أن الولايات المتحدة وافقت على غض الطرف عن العمل العسكري التركي المحتمل في المستقبل ضد الأكراد السوريين. لم يستهدف الاتفاق حزب الاتحاد الديمقراطي السوري الكردي بشكل مباشر، ولكن التحرك المضاد سوف يكون محتملًا إذا ما هددت وحدات حماية الشعب وقواتها المسلحة الحدود التركية بهدف تغيير تركيبتها الديموجرافية وفقًا لأحد المصادر. ومع ذلك، قالوا إن الولايات المتحدة لن تتخذ موقفًا مباشرًا ضد حزب الاتحاد الديمقراطي، والذي يقاتل الآن ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وبالإضافة إلى ذلك، تخطط تركيا لاتخاذ تدابير أمنية جديدة على الحدود لوقف تدفق الجهاديين الأجانب، تتضمن استخدام منطادات المراقبة، وتحصينات على غرار تحصينات الضفة الغربية، وجدران عازلة. وفي المقابل، أكدت على أن الدول الأوروبية مثل بريطانيا سوف تبذل المزيد من الجهود لمنع مجندي الدولة الإسلامية من التوجه نحو تركيا.