ديلي بيست – (ترجمة بلدي نيوز)
رغم أن معركة شرق حلب – أكبر المدن السورية لم تنته بعد – لكن أنظار القوات الداعمة لبشار الأسد تتجه بالفعل إلى هدفهم القادم، عاصمة البلاد- دمشق، فقد ضاعفت روسيا من غاراتها الجوية، وقامت القوات الموالية لنظام الأسد بالهجوم بقوة أكبر على المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في محيط دمشق، مستولية على العديد من القرى والضواحي خلال الأسبوع الماضي فقط.
وتنمو قبضة النظام العسكرية حول العاصمة السورية دون أن يلاحظها أحد، ففي حين ينصب التركيز على المعارك الدامية التي تشنّها قوات النظام والمليشيات الشيعية الداعمة له على شرق حلب، كان النظام يستعد للاستيلاء على مناطق جديدة حول العاصمة دمشق، بغضّ النّظر عن ما إذا كانت قواته ستتمكن من السيطرة على شرق مدينة حلب أم لا، فإذا ما استطاع النظام الاستيلاء على حلب، فإنه سيسيطر حينها على كل عاصمة إقليمية رئيسية في البلاد تقريباً -دمشق وحمص وحماة واللاذقية- وسيكون حينها قادراً على تكريس كل موارده للسيطرة على البلدات الريفية والضواحي المحيطة بالعاصمة، والتي باتت قوى المعارضة تركّز عليها بشكل أكبر.
تقول جنيفر كافاريلّا المحللة لمعهد دراسات الحرب في واشنطن لدراسات الحرب لديلي بيست: “إن سقوط مناطق المعارضة في شرق دمشق ستزيل الخيارات الأمريكية للمكافَحة المجدية لنظام الأسد عبر قنوات دعم قوات المعارضة”.
وفي الواقع، فقد كان هناك شعور بالإحباط في أوساط بعض المسؤولين الأمريكيين إثر ذلك الهجوم الدامي على مناطق قوات المعارضة التي تسيطر عليها فصائل الجيش السوري الحر المدعومة من الولايات المتحدة في شرق حلب، وعدم رغبة الولايات المتحدة للرد على الأمر والتي ليس من المرجح لها أن تتغير كما يفيد مسؤولون، في الوقت الذي باتت فيه إدارة أوباما في آخر أيامها.
وكانت حملة النظام على المناطق المحيطة بدمشق في هذا الأسبوع سريعة وعدوانية، ففي اليومين الماضيين احتلّ نظام الأسد مدينة التل شمال دمشق، بعد فترة وجيزة من التوصل إلى اتفاق للإِخلاء، ويوم الاثنين، ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن 1400 مدني و1450 من قوات الثوار غادروا على متن 42 حافلة حكومية و25 سيارة إسعاف أخرى مملوءة بالسكان المصابين، من خان الشيح الضاحية الدمشقية الوحيدة التي كانت تحت سيطرة المعارضة والمشرفة على الطريق الرئيسي لجنوب غرب العاصمة السورية، وغادر السكان كجزء من صفقة إخلاءٍ متفاوض عليها مع النظام قبل يوم واحد، مما يسمح للسكان الخروج إلى مناطق أخرى تقع تحت سيطرة المعارضة.
وفي الغوطة الدمشقية، الواقعة شرق العاصمة دمشق (حيث قام النظام بضرب الجزء الشرقي منها بهجوم استخدم فيهِ غاز السارين في عام 2013)، تقدم الجيش الموالي للأسد في حين ضاعفت القوات الروسية بشكل كبير من حدة ضرباتها الجوية على المدينة.
و”في الأسابيع الثلاثة الماضية، شهدنا موجات جديدة من الضربات الجوية والأرضية، وكانت هذه الضربات تستهدف المناطق السكنية، وخاصة المدارس، ولا يزال هناك مراكز طبية تعمل في المدينة ولكننا بتنا بالكاد نستطيع التعامل مع هذه الموجة الجديدة من العنف الشديد” كذلك قال طبيب يعمل في عيادة مؤقتة في الغوطة الشرقية لأطباء بلا حدود في يوم الجمعة.
كما أن شنّ نظام الأسد لحربِه الدموية على شرق مدينة حلب خلال الأيام الماضية أسفر عن أكبر خسائر لقوات المعارضة منذ تحرير الجيش السوري الحر لمناطِق من المدينة في عام 2012.
لقد اعتمد نظام الأسد بشكل كبير على المساعدة الخارجية الإيرانية والروسية في مسعاه الأخير للسيطرة على شرق حلب، ويقول مراقبون بأن إيران قامت بإرسال الكثير من التعزيزات إلى حلب، الأمر الذي لم يتطلّب من النظام نشر العديد من قواته في المدينة، مما سمح له بتوسيع استراتيجيّته حول العاصمة للاستيلاء على مناطق جديدة، في حين أن الانتهاء من حلب سيدفع تلك القوات الإيرانية للتحرك باتجاه العاصمة لتكمل استراتيجية إنقاذ النظام.
ولطالما كانت حلب الشرقية حجر الزاوية لمعارضةِ الأسد، والتي خاضت الكثير من الكفاح ضد الضربات الجوية الروسية وسلاحَ الحصار الخانق وشحّ المياه والغذاء لعدة أشهر، في حين كان يأتي جزء من العون للمعارضة المدعومة من الولايات المتحدة، من تنظيم القاعدة القوة المضادة للأسد والأكثر فعالية على أرض الواقع.
ووفقاً للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد خرج نحو 10،000 من المدنيين من المناطق التي استولت عليها قوات النظام في شرق حلب في الأيام الأخيرة، ويقدر المسؤولون بأن ما يصل إلى 250،000 من المدنيين لا زالوا متواجدين في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة شرقي حلب.

ويشير خبراء استراتيجيون بأنّ سقوط حلب في أيدي قوات النظام والمليشيات الموالية له، سينهي عناصر المعارضة التي كانت على استعداد للتعاون مع الولايات المتحدة للحد من نفوذ تنظيم القاعدة وتنظيم “الدولة” في سوريا، وعلى هذا فإن سقوط حلب سيكون في نهاية المطاف موتاً لآخر جهود الولايات المتحدة الحقيقية لمكافحة التطرف في البلاد.