بيروت: يوسف دياب
الشرق الأوسط:21/7/2017
أعلنت «حركة أحرار الشام الإسلامية»، موافقتها على المبادرة الرامية إلى إنهاء الاقتتال القائم بينها وبين «هيئة تحرير الشام»، (التي تشكّل «جبهة النصرة» أبرز فصائلها) في إدلب، وأرفقت هذه الموافقة بشرط «الردّ على أي هجوم عليها في حال حصوله»، ولم يتأخر ردّ «الهيئة» التي أيدت بدورها المبادرة وفق شروطها أيضاً، إذ دعت إلى «تبني مشروع يوحّد المناطق المحررة، بقيادة سياسية وعسكرية واحدة… وإدارة ذاتية للمناطق المحررة». لكن قبولهما بالمبادرة لم يترجم على الأرض، في ظلّ استمرار المعارك بين الطرفين، بدءاً من إدلب وريفها، وصولاً إلى ريف حماة.
ودعت «الهيئة» في بيان إلى «مبادرة تنهي حالة التشرذم والفرقة وتطرح مشروعاً واقعياً للإدارة الذاتية للمناطق المحررة، إدارة تملك قرار السلم والحرب وتتخذ القرارات المصيرية للثورة السورية على مستوى الساحة بعيداً عن مراهنات المؤتمرات والتغلب السياسي والاحتراب والاقتتال الذي لا يصب إلا في مصلحة النظام المجرم وأعوانه».
واستبق قياديان في «تحرير الشام» بياني «الهيئة» و«الحركة»، بإعلان انفصالهما عن الأولى، حيث أعلن القائد العسكري في «الهيئة» أبو صالح الطحان، وقائد «حركة نور الدين الزنكي» توفيق شهاب الدين، موافقتهما وبشكل منفرد على المبادرة، ما يؤشر إلى بروز تصدعات وانشقاقات، بدأت تهدد وحدة «تحرير الشام» وتضعف موقفها، ما لم توافق على المبادرة.
قبول المبادرة من الطرفين، لم يترجم على الأرض؛ إذ أعلن محمد أبو زيد، الناطق الرسمي باسم «أحرار الشام»، لـ«الشرق الأوسط»، أن قبول الحركة بالمبادرة، «لا يعني إيقاف القتال أو العودة إلى مقراتنا، بدليل أن الاشتباكات لم تهدأ بعد»، معتبراً أن «رفض (جبهة النصرة)، الطرف المسيطر على (هيئة تحرير الشام)، الوساطات والمبادرات، هو السبب في الانشقاقات التي تحصل في صفوفها»، كاشفاً عن «انشقاق أكثر من 8 آلاف مقاتل من (حركة نور الدين الزنكي)، وانضمامهم إلى (أحرار الشام)».
وأيدت «هيئة تحرير الشام» الخميس، مبادرة وقف القتال في الشمال السوري، مؤكدة استعدادها «للموافقة على أي مشروع يوحِّد المناطق المحرَّرة». وثمنت كل «الجهود الساعية لحقن الدماء». وقالت في بيان: «لم نبدأ بقتال أحد، وما كان تحركنا إلا لرد البغي وعدوان صَبَرْنا عليه مليّاً وسعينا لدفعه مرات كثيرة بالصلح، إلا أنه ما زال يتكرَّر بلا رادع». وأوضحت أن «هذه المبادرة التي أطلقت، كسابقتها من المبادرات التي لم تصل بالساحة إلى المستوى المطلوب، وما ينبغي أن تكون عليه من توحد بين الفصائل العاملة»، عادّة أن «المبادرة الحقيقية هي التي تكون بإنهاء حالة التشرذم والفرقة، وتطرح مشروعاً واقعيّاً للإدارة الذاتية للمناطق المحررة، إدارة تملك قرارات السلم والحرب، وتتخذ القرارات المصيرية للثورة السورية، بعيداً عن التغلب السياسي ومراهنات المؤتمرات وتلاعب القوى الدولية». وأكدت الهيئة استعدادها لـ«الموافقة على أي مشروع سُني، يوحد المناطق المحررة، بقيادة سياسية عسكرية خدمية موحدة».
وكان عدد من الشرعيين في «أحرار الشام» و«تحرير الشام»، طرحوا مبادرة تهدف إلى إنهاء حالة الصراع الدائر بين الطرفين في إدلب، وذلك «حرصاً على حقن دماء المسلمين، وحفظ الساحة من ضياعها في أتون الاقتتال، وتغليب منطق الحوار والاحتكام للشرع». ودعوا أطراف النزاع إلى «وقف الأعمال القتالية اعتباراً من الساعة الثانية عشرة ليلاً (منتصف ليل الأربعاء – الخميس)، على أن يقوم كل طرف من أطراف النزاع، بتفويض ثلاثة أشخاص مخولين باتخاذ القرار نيابة عن فصيله».
لكن المبادرة، ثم موافقة الطرفين عليها، لم توقفا الاشتباكات بين الطرفين أمس، رغم تراجع وتيرتها عن الأيام السابقة، وأفاد «مكتب أخبار سوريا» المعارض، أن «(حركة أحرار الشام) قصفت بقذائف الهاون، قرية مرعيان في منطقة جبل الزاوية بريف إدلب الجنوبي، ضمن المواجهات مع (هيئة تحرير الشام)»، مشيراً إلى أن «اشتباكات وقعت على أطراف قرى الصهرية والمستريحة ودير سنبل في منطقة جبل شحشبو بريف حماة الغربي، بين (الحركة) و(الهيئة)، إثر محاولة الأخيرة التقدم في المنطقة». ونقل المكتب عن ناشطين قولهم إن «(هيئة تحرير الشام)، دفعت بحشود عسكرية ضخمة إلى قرى عدة بريف حماة الغربي، تزامناً مع المواجهات التي تخوضها ضد (حركة أحرار الشام) بمحافظة إدلب المجاورة».
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بتجدد الاقتتال بين الفصيلين ظهر أمس، على محاور في مناطق مرعيان والرامي وكفرحايا والمغارة، الواقعة في جبل الزاوية بالقطاع الجنوبي من إدلب، بينما شهد محيط بلدة جرجناز استقداما لمقاتلي «تحرير الشام» وآلياتها، وسط معلومات عن نيتها اقتحام البلدة وفرض سيطرتها عليها، مشيرا إلى تمكن «تحرير الشام» من السيطرة على بلدة إسقاط المحاذية لمدينة سلقين بريف إدلب الشمالي.
وتضمنت مبادرة إنهاء الاقتتال، التي وقّع عليها الشيوخ أبو محمد الصادق، وعبد الرزاق المهدي، وأبو حمزة المصري، أن «يتوافق الطرفان على ثلاثة أسماء من المستقلين، ليكونوا مرجحاً حال الخلاف، حيث يجتمع المفوضون من الفصيلين مع المستقلين لحل الخلاف بين الطرفين، ووضع رؤية ملزمة وشاملة تراعى من خلالها الحقوق السياسية والعسكرية والمدنية للأطراف جميعاً، خلال سبعة أيام من تاريخ البدء».
وأمس، أدان «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» في بيان الاعتداءات التي تمارسها «هيئة تحرير الشام» بحق المدنيين وقيامها بالتضييق عليهم وملاحقتهم وصولاً إلى ارتكاب أعمال قتل بحق أفراد عزّل.
وأكد «الائتلاف» إدانته «أي اعتداء على فصائل الثورة من قبل القوى المتطرفة»، عادّاً أن «أي فصيل يتورط في الاقتتال ويرفع سلاحه في وجه المدنيين العزل، ويتنكر لمبادئ وتطلعات الشعب السوري، لا يمكن أن يكون طرفاً في ثورة السوريين، بل يقف بمقتضى سلوكه وجرائمه إلى جانب نظام الأسد وداعميه». وشدد على «ضرورة وحدة جميع فصائل (الجيش الحر) في مواجهة القوى المتطرفة، ورفض أي توجهات أو أفكار تتناقض مع مبادئ الثورة السورية وحقوق الشعب السوري في الحرية والعدالة والكرامة»، كما شدد على «توحيد كافة الجهود من أجل مواجهة جرائم نظام الأسد وقوى الاحتلال والميليشيات الإرهابية الداعمة له».