يشهد الواقع الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي للسوريين تدهوراً غير مسبوق، إن لم نقل كارثياً، تزامناً مع انخفاض كبير ومتسارع في قيمة الليرة، التي تواصل انهيارها أمام العملات الأجنبية لتصل 1200 ل.س للدولار الأميركي. إن الأسباب وراء هذا التدهور ليست الحصار الاقتصادي و” المؤامرة الكونية” كما يدعي النظام وحلفاؤه، بل هو نتيجة طبيعية لحرب تسع سنوات على الشعب السوري من قبل نظام الإجرام والتوحش وقوى الاحتلال التي دمرت كل مقومات الاقتصاد والحياة الاجتماعية للسوريين. كما أهدر هذا النظام موارد البلاد واحتياط الدولة من القطع الأجنبي (18 مليار دولار) لقتل السوريين وتهجرهم، وبالتالي فقدت الليرة لحواملها مع سياسة التضخم النقدي التي يمارسها، حيث ضخ منذ بداية الثورة وحتى الآن مئات المليارات من العملة السورية بلا رصيد.
  لم يصل الوضع الاقتصادي والمعاشي في أي مرحلة من تاريخ سورية الحديث كما وصل إليه الآن من تدهور وانحدار. حيث تستمر معاناة السوريين وتزداد عمقاً واتساعاً على كافة الصعد الحياتية. وقد أصبحت معاناتهم اليوم تتخذ أشكالاً أكثر حدة، حتى وصلت لدى القسم الأكبر منهم، إلى صعوبة تأمين لقمة العيش.
  لقد انعكس تهاوي الليرة بشكل مباشر على أسعار جميع المنتجات والسلع في السوق، والتي باتت تتغير يومياً، تبعا لتغيّر سعر الصرف. في هذا الجو يسود نوع من الشلل العام، ومن حالة الجمود في الأسواق بسبب الغلاء الجنوني، وانخفاض القدرة الشرائية لدى أكثرية المواطنين، واقتصارهم على تأمين الضروريات الملحة. بعد أن أصبح أكثر من 85% من السوريين تحت خط الفقر.
  فبعد أزمات الكهرباء المحروقات والغاز والخبز وحليب الأطفال والتي مازال المواطن يعاني منها. ارتفعت الأسعار بين 75 و120% على كافة السلع والأدوية والخضار والفواكه والدخان واللحوم والدواجن. ويعجز السوريون الآن عن تلبية الحد الأدنى من مستلزمات عيشهم في ظل بطالة تصل نسبتها إلى 50%. ومتوسط الدخل أقل من 40 دولار شهرياً، وهنالك تخوف من هبوط كبير لقيمة الليرة بشكل متسارع، ومؤشرات الواقع المعيشي باتت خارج قدرة السوريين على التحمل. وهذا ما ينذر بتداعيات مأساوية إن لم نقل كارثية في ظل إصرار النظام على تدمير حياة السوريين، ورهن بلادهم لقوى الاحتلال كي يستمر في السلطة.
  ليس لدى النظام القدرة ولا الرغبة في تقديم حلول للوضع المعاشي سوى مفاقمتها عبر الإجراءات العقابية والأمنية التي لا يجيد غيرها  كالمرسوم التشريعي الذي صدر مؤخراً والذي يقضي بالسجن سبع سنوات ودفع غرامة ملايين الليرات للمتعاملين بغير الليرة السورية، والسعر” التفضيلي  ” الذي أعلن عنه مصرف سوريا المركزي استعداده لشراء الدولار بـ 700 ل.س من المواطنين دون وثائق في محاولة لصوصية من النظام لجمع الدولار من أيدي المواطنين بأسعار متدنية .واللجوء إلى المؤسسة الدينية الرسمية لتطلق حملاتها الجوفاء والتخديرية مثل “زكاتك خفض أسعارك “، وحملات إعلامية فاجرة  تنكر واقع الحال ، مثالها حديث بثينة شعبان لقناة الميادين “إن اقتصاد البلاد تحسن 50 مرة مما عليه عام 2011، متجاهلة عجز نظامها عن تأمين أبسط مقومات الحياة للناس، حيث يعيش المواطن السوري في الظلام والبرد والجوع والحاجة. لكنها أرادت إيصال رسالة للسوريين تقول: إياكم والصراخ من الجوع والحاجة، البلد بخير طالما الأسد على كرسي الحكم، وعليكم أن تبقوا صامتين، وإلا أنتم خونه وعملاء، أن كنتم فقراء أو أغنياء، موالين أو معارضين، نحن أو لا أحد. بهذه العقلية تحكم البلاد وتدار دفة الحكم فيها.   
  نحن على ثقة أن الناس الذين يقرصهم الجوع والحاجة والبرد والعيش في الظلام لن ينتظروا حتى يموتوا، بل سيرفعون الصوت عالياً في وجه من أوصلهم إلى هذه الكارثة. وإرهاصاتها بدأت تظهر في السويداء والسلمية ودرعا وريف دمشق وعبر دعوات التظاهر في دمشق.
الكارثة مستمرة طالما بقي آل الأسد وزمرة حكمهم يتحكمون بمصير البلاد والعباد، وستتفاقم في الأيام القادمة، خاصة إذا طبقت الإدارة الأمريكية قانون قيصر الذي سيخنق النظام وداعميه. فلا سبيل للخروج من هذا الواقع الكارثي إلا بالحل السياسي وجوهره الانتقال السياسي ورحيل الأسد وعصابته، وهو بداية الطريق كي تستعيد سوريا عافيتها.           

  01 / 02 / 2020              

حزب الشعب الديمقراطي السوري                                                        * * * * * *