مدار اليوم

في خطوة بدت مفاجئة اعلن عن زيارة قصيرة لبشار الأسد ووفد صغير معه إلى موسكو وعقده قمة مع الرئيس الروسي بوتين، وإجتماعين للأسد وبويتن بحضور وزيري الخارجية والدفاع، قيل إنها تناولت الوضع في سوريا والحملة الجوية التي تتابعها طائرات سلاح الجو الروسي هناك في عمليات قصف ورصد وتوجيه، قاربت على نهاية شهرها الأول.

مغادرة الأسد سوريا إلى الخارج، كانت الأولى منذ انطلاقة الثورة السورية في آذار 2011، رغم أن روسيا دعت الأسد مرات لزيارتها في السنوات الماضية، إلا أن واحدة من تلك الدعوات، لم تتم تلبيتها، مما يطرح علاقة الزيارة بتطورات الموقف والتدخل العسكري الروسي في سوريا، وماتركه من أثره على الوضع السوري، وما يحيط به في المستويين الداخلي والخارجي من تغييرات عميقة سواء على صعيد توازات القوى الداخلية أو على صعيد الموقف من حل القضية السورية.

ولايحتاج إلى تأكيد، قول إن التدخل العسكري الروسي، إنما كان محاولة إسعافية لإنقاذ الأسد ونظامه من احتمالات السقوط نتيجة تطورات ميدانية، حصلت في الأشهر القليلة الماضية، وتم بطلب من النظام ودعم كامل من جانب إيران، التي فشلت مع مليشياتها في دعم وانتصار نظام الأسد في الحرب على السوريين.

ولأن الوضع على هذا النحو من الخطورة، فقد حصلت روسيا على حق التصرف دون حدود في مباشرة الشؤون السورية في مختلف المجالات من خلال اشرافها المباشر على عمل ثلاث وزارات سيادية هي الخارجية والدفاع والمالية، وصارت صاحبة القول الأول في العمليات العسكرية وفي إعادة تنظيم مليشيات النظام من دفاع وطني ولجان شعبية في إطار جيش النظام، وتحديد دور إيران ومليشياتها في إطار السياسة الروسية في سوريا، قبل أن تنتقل إلى استدعاء رئيس النظام إلى موسكو، في خطوة بدأ هدفها الرئيس تأكيد أن روسيا قادرة على جلب الأسد إلى موسكو وإخراجه من جحره الذي بقي كامناً فيه طوال السنوات الماضية، وأنه طوع أوامر الروس لا غيرهم، وكان ذلك واضحاً في مجريات الفيديو الذي نشره الروس عن لقاء الأسد مع بوتين، وقد بدا فيه الأسد، وكانه مجرد موظف في الإدارة الروسية.

النقطة الثانية في الهدف الروسي من زيارة الأسد، تأكيد أن موسكو، هي صاحبة الكلمة الأولى والأخيرة في سوريا من الناحيتين السياسية والعسكرية، وهو تأكيد موجه لحلفاء الأسد وخاصة إيران ومليشياتها قبل أن يكون موجهاً للسوريين ولكل الأطراف الاقليمية والدولية المعنية والمهتمة بالملف السوري، والتي عليها جميعاً قبول روسيا مفاوضاً رئيسياً عن النظام في مرحلة الحل السياسي، وأن الأسد إذا شارك في المفاوضات، لن يكون سوى واجهة روسية في الموضوع السوري.

روسيا بزيارة الأسد إلى موسكو، أمسكت بكل الأوراق، التي يملكها الأسد، وتلك الموجودة في أيدي حلفائه الايرانيين ومليشيات “حزب الله” وغيرها، وما تقوم به من عمليات عسكرية في سوريا، هدفه تعزيز تلك المكانة ليس إلا بانتظار التوجه إلى حل للقضية السورية، يشتغل عليه أطراف كثر، موسكو هي واحدة منهم.