تواصل طائرات «التحالف الدولي» قصفها العنيف للمناطق التي لا تزال تحت سيطرة «داعش» في مدينة الرقة بعدما أوقعت خلال ثلاثة أيام نحو ستين قتيلاً مدنياً بينهم 21 طفلاً، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس.

وتتركز المعارك حالياً في المدينة القديمة التي باتت «قوات سورية الديموقراطية» تسيطر على نحو 70 في المئة منها، فضلاً عن حيي الدرعية والبريد غرباً وأطراف حي المرور في وسط المدينة.

وأفاد «المرصد» بانتشال جثث 21 مدنياً، بينهم 11 طفلاً، قتلوا جراء قصف جوي استهدف الثلثاء مناطق في جنوب غربي المدينة القديمة لا تبعد سوى مئات الأمتار عن خطوط الجبهة. وارتفعت بذلك حصيلة قتلى الغارات الجوية الثلثاء إلى 31 مدنياً، بعدما أفاد «المرصد» في وقت سابق عن مقتل 10 مدنيين، بينهم طفلان.

ولا يزال نحو 25 ألف شخص عالقين في المدينة، وفق تقديرات الأمم المتحدة.

وعلى رغم سيطرة «قوات سورية الديموقراطية» على نحو ثلثي المدينة، إلا أن المعركة ليست بصدد الانتهاء. وتوقع التحالف الدولي أن تستمر المعركة أشهراً أضافية.

ويلعب مقاتلون يفتقرون إلى الخبرة ضمن مجموعة عربية تقاتل من أجل استعادة المدينة، دوراً ثانوياً مقارنة بفصيل «قوات سورية الديموقراطية» الذي يتكون في غالبيته من أكراد. وسلط أداء إحدى المجموعات المدربة تدريباً خفيفاً، وشاهدتها «رويترز» في الرقة، الضوء على صعوبة وضع العرب في «طليعة» المعركة لاستعادة المدينة التي تسكنها غالبية عربية كما قالت الولايات المتحدة في العام الماضي. وفي حادثة وقعت أخيراً سارع المقاتلون بفتح النار بعد إطلاق رصاص طائش فوق مجمعهم الموقت.

وصرخ القائد حسن خليل (27 سنة) في وجه مقاتليه بمجموعة فوج الرقة «وقفوا وقفوا!! حدا شايف شي؟ رفاقكم قدام».

ومن ناحية أخرى شاهد مراسلو «رويترز» الذين يغطون هجوم الرقة فصيل «وحدات حماية الشعب الكردية» وهو يلعب الدور الأبرز في الحملة. وهذه نقطة حساسة بالنسبة لكل من العرب السوريين وتركيا المجاورة التي تحارب تمرداً كردياً في جنوب شرقها والتي ضغطت من دون جدوى على واشنطن للتخلي عن تحالفها مع «وحدات حماية الشعب».

وتعارض تركيا دور «وحدات حماية الشعب» في العملية، قائلة إنها تهدد بتغيير التركيبة السكانية للرقة. لكن الإدارة الأميركية الجديدة بدأت في آذار (مارس) بتوزيع الأسلحة على «وحدات حماية الشعب» قبل الهجوم النهائي.

ويبدو أن «فوج الرقة» الذي يبلغ قوامه 300 مقاتل يلعب دوراً ثانوياً. وهو من بين الفصائل التي لا تعد ولا تحصى ضمن تحالف «قوات سورية الديموقراطية» الذي تشكل في عام 2015 لمحاربة «داعش».

وقال خليل في قاعدة «فوج الرقة» الموقتة بالقرب من جبهة القتال الأسبوع الماضي، «نحن فخورون بأن نكون من قوات سورية الديموقراطية ونأمل بأن تصبح القوات العربية قوية مثل وحدات حماية الشعب». وقال أحد قادة «وحدات حماية الشعب» في منزل قريب، إن المجندين الجدد لا يتمتعون بالخبرة لكنهم مفيدون. وقال هفال قهرمان: «إنهم حريصون على القتال وهم يعرفون المنطقة وهذا مفيد لجمع المعلومات».

وذكر الناطق باسم «سورية الديموقراطية» مصطفى بالى أن فوج الرقة يتكون من رجال من المدينة. لكن اثنين من كبار المسؤولين بمكتب «سورية الديموقراطية» في بلدة عين عيسى قالا إنهما لم يسمعا عن المجموعة.

ويأمل المقاتلون العرب في لعب دور طويل الأمد في أمن الرقة. لكن مستقبل «فوج الرقة» يغلفه الضباب، فيما لم يتم بعد وضع اللمسات النهائية على ترتيبات الحكم والأمن في الرقة مع اشتداد القتال لاستعادة السيطرة على المدينة. وقال قائد آخر في «وحدات حماية الشعب» الأسبوع الماضي إن «سورية الديموقراطية» حاصرت «داعش» في وسط الرقة، لكنه توقع أن تستمر المعركة لمدة أربعة أشهر أخرى.

وفي مناطق أخرى سيطر عليها التحالف مثل مدينة منبج عُهد بمهام الأمن إلى قوات أغلبها محلية شكلت مجالس عسكرية ظلت مرتبطة بقوات «سورية الديموقراطية».

ولم يتضح إن كان فوج الرقة سيتلقى مزيداً من التدريب ليلعب هذا الدور. وفي الوقت الراهن يركز الفوج على المعركة. وقال خليل: «هدفنا وهدف رفاقنا واحد وهو القضاء على داعش».

وقال الناطق العسكري الأميركي الكولونيل ريان ديلون، إن قوات التحالف دربت أكثر من خمسة آلاف مقاتل عربي منذ بدء حملة الرقة في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي. وقال لرويترز، إن العدد الراهن للعرب في «قوات سورية الديموقراطية» يبلغ نحو 24 ألفاً مقابل 31 ألف كردي.

ووضع مقاتلو «فوج الرقة» شارات «سورية الديموقراطية» على ملابسهم. بينما وضع كثيرون شارات خاصة بفصائلهم والتي غالباً ما تكون «وحدات حماية الشعب». وساوى جنرال أميركي كبير في الآونة الأخيرة بين «سورية الديموقراطية» و «وحدات حماية الشعب»، قائلاً إن «سورية الديموقراطية» تشكلت بعد أن نصحت واشنطن «وحدات حماية الشعب» بتغيير شعارها.

 

القوات النظامية تقاتل «داعش» في أحياء دير الزور

 

خاضت وحدات من القوات النظامية السورية اشتباكات متقطعة مع مجموعات إرهابية من تنظيم «داعش» في مدينة دير الزور، على محاور حي الرشدية والمقابر والمطار في المدينة ومحيطها انتهت بمقتل العديد من عناصر التنظيم.

وأشار مراسل الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) في دير الزور إلى أن الاشتباكات تزامنت مع توجيه ضربات مكثفة من جانب سلاح الجو السوري على تجمعات ومقرات لتنظيم «داعش» في حيي الرشدية والحويقة ومحيط الفوج 137 ومنطقة الموارد ومحيط حقل التيم ومنطقة البانوراما وقرية المسرب.

ولفت المصدر إلى أن الضربات الجوية أسفرت عن مقتل العديد من عناصر التنظيم، من بينهم ما يسمى «مسؤول الاستتابة» لدى «داعش» في دير الزور الملقب «أبو العباس» وتدمير آليات وأسلحة وذخيرة لهم.

ونقل المراسل عن مصادر أهلية من قرية الهري بريف البوكمال أن مجموعة من الأهالي هاجمت مقر اجتماع لمتزعمي تنظيم «داعش» على طريق البوكمال- القائم وقضت على كل من «أبو عمر المصري» و «أبو طارق المصري» وهما من متزعمي التنظيم في ما يسميها «ولاية الفرات» وإصابة عدد آخر من الإرهابيين.

وسقط أمس الأول العديد من عناصر «داعش» قتلى بينهم سعوديون وكويتيون في عمليات نفذتها وحدات من القوات النظامية السورية، مدعومة بسلاح الجو ضد تجمعاتهم ومحاور تحركهم في دير الزور.

إلى ذلك، لفتت مصادر أهلية من ريف دير الزور الشمالي إلى أن عدداً من الأهالي في منطقة الخابور اشتبكوا مع إرهابيين من تنظيم «داعش» أطلقوا النار عشوائياً باتجاه الأهالي، ما تسبب بقتل أحد المدنيين.

ومع تقدم القوات النظامية على جميع المناطق، عمد «داعش» إلى شن حملات اعتقال لتجنيد الشباب بالقوة في صفوفه في مدن وبلدات ريف دير الزور الشرقي وفقاً للمصادر الأهلية.

وأكدت مصادر أهلية من ريف دير الزور الغربي أمس فرار مجموعة من عناصر التنظيم من بينهم أحد المتزعمين الأمنيين فيه المدعو «جليبيب التونسي»، إضافة إلى «أبو طلحة البلجيكي» وبحوزتهما نحو 39 مليون ليرة سورية.

وأفاد «المرصد السوري لحقوق الانسان» بأن انفجارات هزت فجر أمس مدينة الميادين في الريف الشرقي لدير الزور وأن الانفجارات ناجمة عن قصف من جانب طائرات لا يعلم ما إذا كانت روسية أم تابعة للتحالف الدولي على منطقة الثانوية الشرعية في المدينة، ما تسبب بتدمير أجزاء واسعة منها، ولم ترد معلومات عن خسائر بشرية.

“الحياة”