الرئيس الاميركي دونالد ترامب على متن الطائرة الرئاسية "اير فورس وان" في قاعدة أندروز الجوية بعد عودته من فيلادلفيا الخميس. (أ ف ب)

رأى خبراء أن تحرك الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أجل إقامة مناطق آمنة في سوريا قد يدفعه الى اتخاذ قرارات محفوفة بالمخاطر في شأن المدى الذي يمكن أن يبلغه في حماية اللاجئين بما في ذلك إسقاط طائرات سورية أو روسية أو التزام نشر آلاف الجنود الأميركيين.

كان ترامب قال الأربعاء إنه “سيقيم قطعاً مناطق آمنة في سوريا” للاجئين الهاربين من العنف. ومن المتوقع وفقاً لوثيقة اطلعت عليها “رويترز” أن يأمر خلال الأيام المقبلة وزارتي الدفاع والخارجية بصوغ خطة لإقامة مناطق آمنة في سوريا ودول قريبة.
ولم تحدد الوثيقة ما الذي يجعل مناطق كهذه “آمنة” وما إذا كانت ستحمي اللاجئين من الأخطار على الأرض فقط، مثل خطر المقاتلين المتشددين، أو إذا كان ترامب يتوقع إقامة منطقة حظر طيران تشرف الولايات المتحدة وحلفاؤها على مراقبتها.
وإذا فرضت منطقة حظر طيران من دون التفاوض على اتفاق من نوع ما مع روسيا فسوف يتعين على ترامب أن يقرر ما إذا كان سيمنح الجيش الأميركي سلطة إسقاط طائرات سورية أو روسية إذا شكلت خطراً على الناس في تلك المنطقة وهو الأمر الذي رفض سلفه باراك أوباما القيام به.
وقال خبير شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة هيريتدج البحثية في واشنطن جيم فيليبس: “هذا في جوهره يعني الاستعداد لخوض حرب من أجل اللاجئين”، مشيراً إلى دفاعات روسيا الجوية المتقدمة. ووعد ترامب خلال حملته باستهداف المتشددين من تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش) وسعى الى تفادي الانزلاق أكثر في الصراع السوري، الأمر الذي أثار تساؤلات عما إذا كان سيكتفي بتأكيدات، ربما من موسكو، ان طائرات روسية أو سورية لن تستهدف المناطق الآمنة. وفي موسكو، صرح الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف بأن ترامب لم يتشاور مع روسيا وأنه ينبغي “تقويم” عواقب خطة كهذه. واعتبر أن “من المهم ألا تزيد (هذه الخطة) وضع اللاجئين تفاقماً”.
وقال فيليبس وخبراء آخرون بينهم مسؤولون أميركيون سابقون إن الكثير من اللاجئين لن يكتفوا بتأكيدات من موسكو بينما قد لا يلقى أي اتفاق مع الرئيس السوري بشار الأسد ترحيباً من حلفاء واشنطن العرب.
ورفضت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” التعليق الخميس على الأمر قائلة إنه لم يصدر أي توجيه رسمي بعد لبلورة مثل هذه الخطط وبدا أن بعض المسؤولين العسكريين الأميركيين لم يعرفوا بأمر الوثيقة قبل نشرها في وسائل الإعلام الأربعاء. وقال الناطق باسم “البنتاغون” الكابتن جيف ديفيز: “وزارتنا منوطة الآن بأمر واحد في سوريا هو كسر داعش وهزيمته”.

عشرات الآلاف من الجنود
وتشكل دعوة ترامب لإقامة مناطق آمنة جزءاً من توجيهات أشمل من المنتظر توقيعها خلال الأيام المقبلة وتتضمن حظراً على دخول معظم اللاجئين الولايات المتحدة وتعليق إصدار تأشيرات دخول لمواطنين من سوريا وست دول أخرى في الشرق الأوسط وأفريقيا ينظر اليها على أنها مصدر خطر إرهابي محتمل.
وخلال الحملة الانتخابية الرئاسية وبعدها دعا ترامب لإقامة مناطق حظر طيران لإيواء اللاجئين السوريين عوض السماح لهم بدخول الولايات المتحدة. واتهم إدارة أوباما بالتقاعس عن التحري عن اللاجئين السوريين الذين يدخلون الولايات المتحدة للتأكد من أنه لا صلة لهم بالمتشددين.
ومن شبه المؤكد أن تتطلب أي منطقة آمنة في سوريا، تضمنها الولايات المتحدة ، درجة من درجات الحماية العسكرية الأميركية. ويوضح مسؤولون أميركيون سابقون وخبراء أن تأمين البر وحده سيتطلب آلاف الجنود.
وحذر الخبير العسكري في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية للأبحاث أنطوني كوردسمان من أن تصير المناطق الآمنة داخل سوريا لعنة ديبلوماسية تجبر إدارة ترامب على التعامل مع مجموعة من التوترات العرقية والسياسية في سوريا إلى أجل غير مسمى. وحذر خبراء آخرون من أن من الممكن أن تجتذب المنطقة الآمنة متشددين إما لتنفيذ هجمات، وهو ما قد يحرج الولايات المتحدة، وإما لاستخدام المنطقة مأوى يمكن المتشددين إعادة تنظيم صفوفهم فيه. كما أن إقامة مثل هذه المناطق سيكون مكلفاً نظراً الى ضرورة توفير أماكن إيواء وطعام وتعليم ورعاية طبية للاجئين.
وقال كوردسمان: “أعتقد أن هؤلاء الناس ليست لديهم أي فكرة عما يتطلبه توفير الدعم لـ25 ألف شخص وهو عدد قليل في حقيقة الأمر في ما يتعلق (بالنازحين) واللاجئين” في سوريا.
ولم تورد مسودة الوثيقة أي تفاصيل عن الذي سيجعل هذه المناطق آمنة أو مكان إقامتها، أو الجهة التي ستدافع عنها.